القول في تأويل قوله تعالى : 
[19-21] والله يعلم ما تسرون وما تعلنون   والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون   أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون    . 
والله يعلم ما تسرون وما تعلنون  أي : من أعمالكم وسيجزيكم عليه . 
والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون  أي : فأنى تستحق الألوهية ، وقد نفي عنها أخص صفاتها ؟ فإنها ذوات مفتقرة إلى الإيجاد . أو المعنى : أن الناس يخلقونها بالنحت والتصوير . وهم لا يقدرون على نحو ذلك ، فهم أعجز من عبدتهم . كما قال الخليل  عليه السلام : أتعبدون ما تنحتون  والله خلقكم وما تعملون  
ثم أكد ذلك بأن أثبت لهم ما ينافي الألوهية بقوله : 
أموات غير أحياء  أي : هي جمادات لا أرواح فيها ، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل . وقوله : غير أحياء  تأكيد أو تأسيس ، لأن بعض الأموات مما يعتريه الحياة ، سابقا أو لاحقا ، كأجساد الحيوان ، والنطف التي ينشئها الله تعالى حيوانا . فلذا احترز عنه بقوله : غير أحياء  أي : لا يعتريها الحياة أصلا . فهي أموات على الإطلاق ، حالا ومآلا : وما يشعرون  أي : تلك الأصنام المعبودة : أيان يبعثون  أي : متى يكون  [ ص: 3793 ] بعثها . وقد روي أنها تبعث ، ويجعل فيها حياة ، فتبرأ من عابديها ، ثم يؤمر بها وبهم جميعا إلى النار . 
وجوز عود الضمير إلى عابديها . أي: وما تشعر الأصنام متى يبعث عبدتهم تهكما بحالها ; لأن شعور الجماد محال . فكيف بشعور ما لا يعلمه إلا الله ؟ وفيه إشعار بأن معرفته وقت البعث من لوازم الألوهية  ، وقوله تعالى : 
				
						
						
