القول في تأويل قوله تعالى : 
[41-42] ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا   قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا    . 
ولقد صرفنا في هذا القرآن  أي : كررنا للناس البيان بوجوه كثيرة ، وبينا فيه من كل مثل : ليذكروا  أي : ليتعظوا ويطمئنوا إلى ما يحتج به عليهم : وما يزيدهم  أي : التصريف المذكور : إلا نفورا  أي : عن الحق وبعدا عنه ، الذي يقربه وجوه البيان . 
وقوله تعالى : قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا  أي : قل لهؤلاء المشركين ) الزاعمين أن لله شركاء من خلقه ، العابدين معه غيره ، ليقربهم إليه زلفى ) : لو كان الأمر كما تقولون ، وأن معه آلهة تعبد لتقرب إليه وتشفع لديه ؛ لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه ، ويبتغون الزلفى والطاعة لديه ، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه . ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه . فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه . بل يكرهه ويأباه . وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه . هذا ما اختاره  ابن كثير  ، وسبقه إليه  ابن جرير   . 
وحاصله : أن السبيل بمعنى الوسيلة الموصلة إليه . وفيه إشارة إلى قياس اقتراني تقريره هكذا : ولو كان كما زعمتم معه آلهة لتقربوا إليه . وكل من كان كذلك ليس إلها ، فهم ليسوا بآلهة . وقيل : معنى : لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا  أي : لطلبوا إليه سبيلا بالمغالبة والممانعة ، كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض ، على طريقة قوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا  وهذا الوجه قدمه  الزمخشري  على الأول . وقال أبو السعود   : إنه الأظهر الأنسب لقوله : 
 [ ص: 3932 ] 
				
						
						
