القول في تأويل قوله تعالى:
[25 - 27] إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون .
إن ربك هو يفصل أي: يقضي: بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي: فيميز الحق من الباطل، بتمييز المحق من المبطل: أولم يهد لهم أي: يتبين لكفار مكة: كم أهلكنا من قبلهم من القرون أي: الماضية بعذاب الاستئصال: يمشون في مساكنهم أي: منازلهم، كمنازل قوم شعيب، وهود، وصالح، ولوط عليهم السلام، فلا يرون فيها أحدا ممن كان يعمرها ويسكنها، ذهبوا كأن لم يغنوا فيها; كما قال: فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك أي: فبما فعلنا بهم: لآيات أي: عبرا، ومواعظ، ودلائل متناظرة: أفلا يسمعون أي: أخبار من تقدم، كيف صار أمرهم بسبب تكذيبهم الرسل، وبغيهم الفساد في الأرض، فيحملهم ذلك على الإيمان.
أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز وهي التي جزر نباتها، أي: قطع: فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم يعني العشب والثمار والبقول: أفلا يبصرون أي: فيستدلون به على كمال قدرته، ووجوب [ ص: 4819 ] انفراده بالإلهية. وهذا كآية: فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا الآية.