القول في تأويل قوله تعالى: 
[71 - 74] أفرأيتم النار التي تورون   أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون   نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين   فسبح باسم ربك العظيم   
أفرأيتم النار التي تورون  أي: تقدحون، أي: تستخرجونها من الزند، وهو العود الذي تقدح منه. 
أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون  أي: بل نحن جعلناها مودعة في موضع. وللعرب شجرتان: إحداهما المرخ، والأخرى العفار، إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر، تباين من بينهما شرر النار. وقد تقدم بيانه في آخر سورة يس. 
نحن جعلناها تذكرة  أي: جعلنا نار الزناد تبصرة في أمر البعث; لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر المضاد لها، قادر على إعادة ما تفرقت مواده، أو تذكيرا لنار جهنم ومتاعا  أي: منفعة للمقوين  أي: المسافرين الذين ينزلون القواء، وهي القفر. يقال: أقوى إذا نزل القواء، كأصحر إذا دخل الصحراء، فإن الإفعال يكون للدخول في معنى مصدر مجرده. وعن  مجاهد   : المقوين: المستمتعين؛ المسافر والحاضر. 
وعن ابن زيد   : هم الجائعون، تقول العرب:  أقويت منه كذا وكذا، أي: ما أكلت منه. وأقوت الدار: خلت من ساكنيها وانتفاعهم بها؛ لأنهم يطبخون بها. ولشدة احتياجهم له، خصوا بالذكر مع انتفاع غيرهم بها. 
فسبح باسم ربك العظيم  أي: سبح اسمه، قال  الزمخشري   : بأن تقول: سبحان الله، إما تنزيها له عما يقول الظالمون الذين يجحدون وحدانيته، ويكفرون نعمته،  [ ص: 5659 ] وإما تعجبا من أمرهم في غمط آلائه وأياديه الظاهرة، وإما شكرا لله على النعم التي عدها ونبه عليها. 
				
						
						
