القول في تأويل قوله تعالى : 
[ 114 ] يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين   
يؤمنون بالله واليوم الآخر  أي : على الوجه الذي نطق به الشرع . وظاهر أن الإيمان بالله يستلزم الإيمان بجميع أنبيائه ورسله . والإيمان باليوم الآخر يستلزم الحذر من  [ ص: 943 ] المعاصي ، وهؤلاء اليهود ينكرون أنبياء الله ، ولا يحترزون عن معاصي الله ، فلم يحصل لهم الإيمان بالمبدأ والمعاد : ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر  تعريض بمداهنة اليهود في الاحتساب ، بل بتعكيسهم في الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل الله ، فإنه أمر بالمنكر ونهي عن المعروف ، وقوله تعالى : ويسارعون في الخيرات  صفة أخرى جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير . والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه . وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها ، بل بمبادرتهم إلى الشرور : وأولئك  أي : المنعوتون بتلك الصفات الفاضلة : من الصالحين  أي : من عداد من صلحت أحوالهم عند الله تعالى واستحقوا رضاه ، والوصف بالصلاح دال على أكمل الدرجات . فهو غاية المدح ، ولذا وصفت به الأنبياء في التنزيل : 
				
						
						
