القول في تأويل قوله تعالى : 
[ 158 ] ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون   
ولئن متم أو قتلتم  على أي : وجه كان حسب القضاء الأسبق : لإلى الله  أي : الذي هو متوفيكم لا غيره : تحشرون  فيجزيكم بأعمالكم . 
لطائف : 
الأولى : أطال نحاة المفسرين في قوله تعالى : وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا  إلخ . من الوجوه النحوية في ( إذا ) هنا ، وإنه ربما يتبادر أن الموقع لـ : ( إذ ) لا لها ، حيث إن متعلقها وهو ( قالوا ) ماض . و ( إذا ) ظرف لما يستقبل . فمن قائل بأن ( إذا ) لحكاية الحال الماضية ، ومن قائل بأنها للاستمرار . وقيل : إن ( كفروا ) و ( قالوا ) مراد بهما المستقبل ، وفي كل مناقشات وتعسفات . والحق أنها تكون للمضي أيضا . قال المجد الفيروزآبادي :  وتجيء ( إذا ) للماضي كقوله تعالى : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها  فلا إشكال . 
ونقل الرازي  عن قطرب   : أن كلمة ( إذ ) و ( إذا ) يجوز إقامة كل واحدة منهما مقام الأخرى . قال الرازي   : وهذا الذي قال قطرب  كلام حسن ، وذلك لأنا إذا جوزنا إثبات اللغة بشعر مجهول منقول عن قائل مجهول ، فلأن يجوز إثباتها بالقرآن العظيم أولى . ثم قال : وكثيرا أرى النحويين يتحيرون في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن ، فإذا استشهدوا في تقريره ببيت مجهول فرحوا به ، وأنا شديد التعجب منهم . فإنهم إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقه دليلا على صحته ، فلأن يجعلوا ورود القرآن به دليلا على صحته كان أولى . انتهى . 
الثانية : المجهول على ضم الميم في قوله تعالى : أو متم  وهو الأصل لأن الفعل منه يموت . ويقرأ بالكسر وهو لغة طائية . يقال مات يمات مثل خاف يخاف فكما تقول : خفت تقول : مت . 
الثالثة : قدم القتل على الموت في الأولى لأنه أكثر ثوابا وأعظم عند الله . فترتيب المغفرة والحرمة عليه أقوى . وقدم الموت في الثانية لأنه أكثر . وهما مستويان في الحشر . 
 [ ص: 1020 ] 
				
						
						
