60- قوله تعالى: إنما الصدقات الآية. فيها بيان وأنها لهذه الثمانية لا يستحقها غيرهم فمن ثم قال مصرف الزكاة لا يجب استيعاب جميع الأصناف; لأن المقصود بها بيان أنها لا تخرج عنهم ، وبه قال أكثر الصحابة والتابعين وادعى مالك: فيه الإجماع ، وقال مالك : بل هي لبيان المصرف والاستيعاب معا فلا يجوز أن يدفع لصنف واحد ولا لبعض آحاد الأصناف إن قسم الإمام وإن قسم المالك اشترط إعطاء ثلاثة من كل صنف مراعاة للفظ الجمع في الآية ، واستدل بالآية أيضا على وجوب الشافعي بأن يدفع إلى كل صنف ثمنها ، وعلى أنهم ملكوا قدر الزكاة بمجرد حولان الحول ، وصاروا شركاء للمالك لإتيانه تعالى بلام التمليك وفي الآية رد على من قال: إن استواء الثمانية في الزكاة لأن العطف يقتضي المغايرة ، وعلى من قال بإجزاء دفعها إلى الغني مع الجهل بحاله ، واستدل بعمومها من أجاز الدفع للفقير القادر على الاكتساب وللذمي لمن تلزمه نفقته ولسائر القرابة وللزوج ولآله صلى الله عليه وسلم حيث حرموا حظهم من الخمس ولمواليهم ومن جوز نقلها. الفقير والمسكين بمعنى واحد;
قوله تعالى: للفقراء والمساكين في الفرق بينهما أقوال ، قيل: الفقير من لا شيء له والمسكين من له بلغة لا تكفيه فهو أحسن حالا ، وقيل: عكسه فهو أسوأ حالا ، وقال الضحاك الفقراء المهاجرون والمساكين من لم يهاجروا فإذا انقطعت الهجرة سقط صنف ، وقال والنخعي: الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الذمة ، قال: ولا يقال لفقراء المسلمين مساكين ، وقال ابن عباس: الزهري الفقراء في بيوتهم لا يسألون ، والمساكين الذين يسألون ، وقال ومقاتل: عكسه ، وهما راجعان إلى القولين الأولين ، وقال الحسن الفقير المحتاج الذي به زمانه والمسكين الذي ليست به زمانة وهو محتاج ، وقال قتادة: الفقير الذي لا مال له وهو بين قومه وعشيرته وذوي قرابته ، والمسكين الذي ليست له قرابة ولا [ ص: 142 ] عشيرة ولا رحم ولا مال أخرج هذه الأقوال مجاهد: ابن أبي حاتم.
قوله تعالى: والعاملين عليها قال هم السعاة ، أخرجه ابن عباس: ، واستدل بعمومه من أجاز إعطاء العامل مع الغني ومن أجاز كونه من آله صلى الله عليه وسلم أو عبدا أو ذميا ، واستدل به من قال: يجب دفع الزكاة إليهم ولا يجوز للرجل تفريقها بنفسه قال ابن أبي حاتم ويؤخذ منه جواز أخذ الأجرة لكل من اشتغل بشيء من أعمال المسلمين قال: وقد احتج به ابن الفرس: على جواز أبو عبيد فقال: قد فرض الله للعاملين على الصدقة وجعل لهم منها لقيامها فيها وسعيهم فكذلك القضاة يجوز له أخذ الأجر على عملهم ، وكذا كل من شغل بشيء من أعمال المسلمين. أخذ القضاة الرزق
قوله تعالى: والمؤلفة قلوبهم قال هم الذين يدخلون في الإسلام ، وقال الحسن: من أسلم وإن كان موسرا أخرجهما الزهري: ، وأخرج عن ابن أبي حاتم قال: ليست اليوم مؤلفة إنما كان رجال يتألفهم النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فلما كان الشعبي قطع الرشا في الإسلام فهذان قولان أحدهما: أن سهمهم ثابت ، والثاني: لا. فعلى هذا يسقط صنف ، وقال بكل من القولين جماعة ، والأول يستدل بظاهر الآية ، وأصحابنا جعلوا المؤلفة أضربا: ضرب من الكفار يخاف شره أو يرجى إسلامه ، وضرب أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يتوقع بإعطائه إسلام غيره ، وضرب في أطراف بلاد الإسلام إن أعطوه دفعوا عن المسلمين وجبوا زكاة من يليهم ، وفي كل من الأضراب قولان والأظهر إعطاء الضربين الأخيرين دون الأول وهم مؤلفة الكفار. أبو بكر
قوله تعالى: وفي الرقاب قال هم المكاتبون ، وقال آخرون: أراد العتق بأن يشترى من مال الصدقة رقابا وتعتق ، وقال مقاتل: الزهري الآية تجمع الأمرين معا بأن يقسم سهم الرقاب نصفين ، نصف لكل مكاتب ، ونصف لشراء رقاب تعتق أخرجه وعمر بن عبد العزيز: ، واستدل من قال بالعتق على أنه لا يكفي فيه بعض رقبة ولا فداء الأسير وعلى أنه يكفي المعيب والأصل والفرع وعلى أن ولاءه للمسلمين لا للعتق; لأن المقصود أن يخرج منفعته إلى غيره. ابن أبي حاتم
قوله تعالى: والغارمين قال أبو جعفر: المستدينين في غير فساد أخرجه ، واستدل بعمومه من قال: يعطى مع الغني ومن استدان في محرم ومن عليه زكاة فرط فيها حتى تلف ماله ثم جاء يطلب ما يقضي منه زكاته ، ومن قال يقضي منها دين الميت. ابن أبي حاتم
[ ص: 143 ] قوله تعالى: وفي سبيل الله قال مقاتل وابن زيد: هم الغزاة في سبيل الله ، واستدل بعمومه من قال يعطون مع الغنى ومن قال يصرف منه في كل ما يتعلق بالجهاد من مصالحة وبناء حصن وحفر خندق واتخاذ سلاح وعدد وإعطاء جواسيس لنا ولو كانوا نصارى وقال بعضهم: الحج من سبيل الله فيصرف للحاج منه.