فصل وهذا مما يبين أن ما نزه الله نفسه ونفاه عنه بقوله : { لم يلد ولم يولد   }  وبقوله : { ألا إنهم من إفكهم ليقولون   } { ولد الله وإنهم لكاذبون   } وقوله : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون   } { بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم   } يعم جميع الأنواع التي تذكر في هذا الباب عن بعض الأمم كما أن ما نفاه من اتخاذ الولد يعم أيضا جميع أنواع الاتخاذات الاصطفائية كما قال تعالى : { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير   } . قال السدي   : قالوا : إن الله أوحى إلى إسرائيل  أن ولدك بكري من الولد فأدخلهم النار فيكونون فيها أربعين يوما حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم ثم ينادي مناد أخرجوا كل مختون من بني إسرائيل   . وقد قال تعالى : { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله   }  وقال : { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل   } وقال : { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا   } { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا   } وقال : { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون   } { لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون   } { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون   } { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين   } وقال : { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون   } { وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا   } إلى قوله : { ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا   } إلى قوله : { ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون   } وقال : { ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا   } { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما   } { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا   } { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا   } وقال : { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون   } { أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون   } { ألا إنهم من إفكهم ليقولون   } { ولد الله وإنهم لكاذبون   } { أصطفى البنات على البنين   } { ما لكم كيف تحكمون   } { أفلا تذكرون   } { أم لكم سلطان مبين   } { فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين   } { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون   } { سبحان الله عما يصفون   } { إلا عباد الله المخلصين   } { فإنكم وما تعبدون   } { ما أنتم عليه بفاتنين   } { إلا من هو صالي الجحيم   } وقال : { أفرأيتم اللات والعزى   } { ومناة الثالثة الأخرى   } { ألكم الذكر وله الأنثى   } { تلك إذا قسمة ضيزى   } { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى   } إلى قوله : { إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى   } وقال تعالى : { وجعلوا له من عباده جزءا   }   . 
قال بعض المفسرين : { جزءا   } أي نصيبا وبعضا وقال بعضهم : جعلوا لله نصيبا من الولد وعن قتادة  ومقاتل  عدلا . وكلا القولين صحيح فإنهم يجعلون له ولدا والولد يشبه أباه ولهذا قال : { وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا   } أي البنات . كما فال في الآية الأخرى : { وإذا بشر أحدهم بالأنثى   } فقد جعلوها للرحمن مثلا وجعلوا له من عباده جزءا فإن الولد جزء من الوالد كما تقدم قال صلى الله عليه وسلم { إنما  فاطمة  بضعة مني  } وقوله : { وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم   } قال الكلبي  نزلت في الزنادقة  قالوا : إن الله وإبليس شريكان فالله خالق النور والناس والدواب والأنعام . وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب . وأما قوله : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا   }  فقيل هو قولهم : الملائكة بنات الله وسمى الملائكة جنا لاجتنانهم عن الأبصار . وهو قول مجاهد  وقتادة  وقيل قالوا لحي من الملائكة يقال لهم الجن  [ ص: 272 ] ومنهم إبليس وهم بنات الله وقال الكلبي  قالوا - لعنهم الله - بل تزوج من الجن فخرج بينهما الملائكة . وقوله : { وخرقوا له بنين وبنات بغير علم   }  قال بعض المفسرين كالثعلبي  وهم كفار العرب  قالوا الملائكة والأصنام بنات الله واليهود  قالوا عزير  ابن الله والنصارى  قالوا المسيح  ابن الله . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					