[ ص: 290 ] وقال : فصل العبادات المأمور بها   ; كالإيمان الجامع وكشعبه مثل الصلاة والوضوء والاغتسال ; والحج والصيام ; والجهاد والقراءة والذكر ; وغير ذلك لها ثلاثة أحوال وربما لم يشرع لها إلا حالان ; لأن العبد إما أن يقتصر على الواجب فقط ; وإما أن يأتي بالمستحب فيها وإما أن ينقص عن الواجب فيها . فالأول حال المقتصدين فيها وإن كان سابقا في غيرها . والثاني حال السابق فيها . والثالث حال الظالم فيها . 
والعبادة الكاملة تارة تكون ما أدي فيها الواجب وتارة ما أتى فيها بالمستحب . وبإزاء الكاملة الناقصة قد يعني بالنقص نقص بعض واجباتها وقد يعني به ترك بعض مستحباتها . فأما تفسير الكامل بما كمل بالمستحبات فهو غالب استعمال الفقهاء في الطهارة والصلاة وغير ذلك ; فإنهم يقولون : الوضوء ينقسم : إلى كامل ومجزئ . والغسل ينقسم إلى كامل ومجزئ . ويريدون بالمجزئ الاقتصار  [ ص: 291 ] على الواجب وبالكامل ما أتي فيه بالمستحب في العدد والقدر والصفة ; وغير ذلك . 
ولذلك استعملوا ما جاء في حديث ابن مسعود  مرفوعا : { إذا قال في ركوعه : سبحان ربي العظيم ثلاثا فقد تم ركوعه وذلك أدناه . وإذا قال في سجوده : سبحان ربي الأعلى ثلاثا فقد تم سجوده وذلك أدناه  } فقالوا : أدنى الكمال ثلاث تسبيحات يعنون : أدنى الكمال المسنون . وقالوا : أقل الوتر ركعة وأدنى الكمال ثلاث  فجعلوا للكمال أدنى وأعلى ; وكلاهما في الكمال المسنون لا المفروض . 
ثم يختلفون في حرف النفي الداخل على المسميات الشرعية كقوله : { لا قراءة إلا بأم الكتاب  } { ولا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل  } { ولا صلاة لمن لا وضوء له  } { ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه  } فأكثرهم يقولون : هو لنفي الفعل فلا يجزئ مع هذا النفي . ومنهم من يقول : هو لنفي الكمال . يريدون نفي الكمال المسنون . 
وأما تفسيره بما كمل بالواجب فهو في عرف الشارع لكن الموجود فيه كثيرا لفظ التمام كقوله : { وأتموا الحج والعمرة لله   } والمراد بالإتمام الواجب الإتمام بالواجبات وكذلك قوله : { ثم أتموا الصيام إلى الليل   } وقوله . { لا تتم صلاة عيد حتى يضع الطهور مواضعه  } الحديث . وقوله : { فما انتقصت من هذا فقد انتقصت من صلاتك  } ويمكن أن يقال في إتمام الحج والصيام ونحو ذلك : هو أمر مطلق بالإتمام واجبه ومستحبه فما كان واجبا فالأمر به إيجاب وما كان مستحبا فالأمر به استحباب وجاء لفظ التمام في قوله : { فقد تم ركوعه وذلك أدناه  } وقوله : { أقيموا صفوفكم فإن إقامة الصف من تمام الصلاة  } وروي { من إقامة الصلاة  } . 
والنقص بإزاء التمام والكمال كقوله : { من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب  فهي خداج  } فالجمهور يقولون : هو نقص الواجبات ; لأن الخداج هو الناقص في أعضائه وأركانه . وآخرون يقولون : هو الناقص عن كماله المستحب . فإن النقص يستعمل في نقص الاستحباب كثيرا كما تقدم في تقسيم الفقهاء الطهارة إلى كامل ومجزئ ليس بكامل وما ليس بكامل فهو ناقص . وقوله : { فقد تم ركوعه وسجوده وذلك أدناه  } وما لم يتم فهو ناقص وإن كان مجزئا . 
				
						
						
