الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 1121 ] وأولئك هم وقود النار الإشارة في قوله: (وأولئك) ، إلى أولئك الكافرين الذين غرهم غرور الأموال والأولاد فضلوا؛ لفرط اعتزازهم بسلطان المال والعصبية، وفي الإشارة إليهم، وهم موصوفون بالكفر المؤكد الذي لا سبيل إلى الشك فيه ولا الريب، بيان أن السبب في العقاب الذي ينزله الله بهم، هو هذا الكفر الذي دفع إليه الغرور والاعتزاز بغير الله وبغير الحق " . والجملة السامية وأولئك هم وقود النار دالة على عقابهم الشديد يوم القيامة. وقد أكد الخبر بثلاثة مؤكدات:

                                                          أولها: الإشارة إلى البعيد بـ (وأولئك) الدالة على غلوهم في الكفر، وإيغالهم فيه، وكلما قوي السبب قوي المسبب، وكلما اشتدت الجريمة اشتد العقاب، فهي مثلة للجزاء.

                                                          وثانيها: ذكر ضمير الفصل " هم " ، فهو يؤكد؛ إذ فيه تكرار لذكر الموضوع الذي يرد عليه الحكم، وكل تكرار فيه تأكيد فوق ما يدل عليه من الاختصاص.

                                                          وثالثها: التعبير عن العقوبة النارية التي تنزل بهم، بأنهم يكونون وقود النار؛ فإن الوقود هو الحطب الذي تحرق به النار، وأصله من: وقدت النار تقد إذا اشتعلت، والمصدر: الوقود، وبالفتح ما يكون به الاتقاد والاشتعال. والمعنى على هذا أن الكافرين يكونون وقود النار؛ أي أن النار يشتد اشتعالها فيهم حتى كأنهم هم مادتها التي بها تتقد وتشتعل. وقرئ (وقود) ، وهذا يكون فيه مبالغة في شدة احتراقهم، أي أنهم يحترقون بالنار ويسجرون فيها حتى كأنهم الاشتعال لا مادة الاشتعال، ولا من يكوى بهذا الاشتعال.

                                                          وإن هذا العقاب هو الذي ينتظر الكفار جميعا، وإن حال منكري الإسلام في الإنكار والجحود والغرور بالمال والولد، والعزة بالنفر والعصبية، كحال من سبقوهم، ولذا ينزل بهم ما نزل بأولئك؛ ولهذا قال سبحانه وتعالت آياته:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية