فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين
الفاء هنا للتفريع على ما قبلها، و: دابر القوم أي: آخر. والدابر هو الآخر وإذا قطع الدابر، فإن معنى ذلك أن القطع سرى من الأول حتى وصل إلى الدابر، وإطلاق الدابر بمعنى الآخر جاء في كلام العرب، ومن ذلك قول بعضهم: "إن من الناس من لا يأتي الصلاة إلا دابرا" أي: آخر الوقت، والدابر تجيء بمعنى الأصل، والمؤدى واحد في النص الكريم، أي: قطع الذين ظلموا عن آخرهم، وذلك بسبب [ ص: 2502 ] ظلمهم، وظلمهم كان لأنهم أشركوا بالله تعالى: إن الشرك لظلم عظيم ومن كان يشرك برب العباد لابد أن يظلم العباد، فمن الذي يتقونه من بعده. وظلموا أنفسهم; لأنه سبقت العظات والمعاملات ولم يعتبروا فاستحقوا ما نزل بهم.
وقد ختم الله تعالى النص بقوله: والحمد لله رب العالمين يعلمنا الحمد لله عند زوال الظالمين، فهلاك الظلمة والطغاة نعمة تستوجب الحمد والثناء، ويقول في ذلك " الزمخشري: والحمد لله رب العالمين إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة، وأنه من أجل النعم وأجزل القيم".
ونظير هذا النص الكريم قوله تعالى: وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
ووصفه سبحانه بـ: رب العالمين إيذان بأن وتدبيره سبحانه رب العالمين. القضاء على الذين ظلموا بعد أن اختبروا بالبأساء والضراء، ثم بالسراء والنعماء هو من تقدير الربوبية،