1 - أول المتشابهات الرحمن الرحيم مالك فيمن جعل بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة . وفي تكراره قولان : قال قول : : إنما كرر للتوكيد ، وأنشد قول الشاعر : علي بن عيسى
هلا سألت جموع كنـ ـدة يوم ولوا أين أينا
وقال قاسم بن حبيب : إنما كرر لأن المعنى : وجب الحمد لله ؛ لأنه الرحمن الرحيم .قلت : إنما كرر لأن الرحمة هي الإنعام على المحتاج . وذكر في الآية الأولى المنعم ، ولم يذكر المنعم عليهم ، فأعادها مع ذكرهم وقال : رب العالمين الرحمن لهم جميعا ، ينعم عليهم ويرزقهم الرحيم بالمؤمنين خاصة يوم الدين ، ينعم عليهم ويغفر لهم .
2 - إياك نعبد وإياك نستعين كرر إياك وقدمه ، ولم يقتصر على ذكره مرة ، كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين في آيات كثيرة منها : قوله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى . أي : ما قلاك . وكذلك الآيات التي بعدها معناها : ( فآواك - فهداك - فأغناك ) ، لأن في التقديم فائدة ، وهي : قطع الاشتراك ، ولو حذف لم يدل على [ ص: 66 ] التقديم ؛ لأنك لو قلت : إياك نعبد ونستعين ، لم يظهر أن التقدير : إياك نعبد وإياك نستعين ، أم : إياك نعبد ونستعينك ، فكرره .
3 - صراط الذين أنعمت عليهم كرر " الصراط " لعلة تقرب مما ذكرت في قوله تعالى : الرحمن الرحيم ؛ وذلك أن الصراط هو : المكان المهيأ للسلوك ، فذكر في الأول المكان ، ولم يذكر السالكين ، فأعاده مع ذكرهم فقال : صراط الذين أنعمت عليهم . أي الذي يسلكه النبيون والمؤمنون . ولهذا كرر أيضا في قوله : إلى صراط مستقيم صراط الله لأنه ذكر المكان المهيأ ، ولم يذكر المهيئ . فأعاده مع ذكره فقال : صراط الله ، أي الذي هيأه للسالكين .
4 - عليهم ليس بتكرار ، لأن كل واحد منهما متصل بفعل غير الآخر ، وهو : الإنعام ، والغضب . وكل واحد منهما يقتضيه اللفظ ، وما كان هذا سبيله فليس بتكرار ، ولا من المتشابه . قوله :