nindex.php?page=treesubj&link=28953القول في "أم"
وهي تكون للمعادلة، وهي في المعادلة على وجهين: أحدهما أن تكون معادلة لهمزة الاستفهام.
والثاني: أن تكون معادلة لهمزة التسوية.
ومعنى المعادلة أحد الاسمين المسؤول عنهما جعل معه الهمزة ومع الآخر (أم)، وكذلك إذا كان السؤال عن الفعل. مثال الأول مع الاسم قولك: أشرب زيد أم عمرو؟ ومعناه أيهما شرب؟ ومع الفعل قولك: أصرفت زيدا أم حبسته؟ جعلت الهمزة مع أحدهما و (أم) مع الآخر. ومثال الثاني مع التسوية، وهو أن تكون (أم) مساوية لهمزة الاستفهام، نحو: سواء علي أزيد في الدار أم عمرو.
واعلم أن التسوية لفظها لفظ الاستفهام وهي خبر، كما جاء الاختصاص على طريقة النداء وليس بنداء. ومعنى التسوية: أنك تخبر باستواء الأمرين عندك، كأنك تقول: سواء علي أيهما قام، واستوى عندي عدم العلم بأيهما في الدار. قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6 {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} ، [البقرة: 6]، {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} [إبراهيم: 21].
واعلم أنها تكون في قسمي المعادلة عاطفة، وقد تكون منقطعة بمعنى "بل". وإنما سميت منقطعة لانقطاع ما بعدها مما قبلها، لأنه قائم بنفسه، سواء
[ ص: 199 ] كان ما قبلها استفهاما أو خبرا، وليست في هذا الوجه بمعنى "بل"، قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا
قال أبو عبيدة: لم يستفهم، وإنما أوجب أنه رأى.
وفي كونها عاطفة أم غير عاطفة خلاف، فالمغاربة يقولون: ليست عاطفة، لا في جملة ولا في غيرها، وقال ابن مالك: قد تعطف لمفرد، كقول العرب: (إنها لإبل، أم شاء)، قال: و أم هنا لمجرد الأضراب عاطفا ما بعدها على ما قبلها .
فإذا كانت منقطعة جاز الوقف قبلها والابتداء بها.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80 {قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون} [البقرة: 80] يجوز الابتداء بأم إذا جعلت منقطعة، ولا يجوز إذا جعلت للمعادلة، وتعليل الوجهين ذكرته في "التوجيهات" فاطلبه تره.
[ ص: 200 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108 {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} [البقرة: 108] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي: الظاهر أنه منقطع، ويجوز الابتداء به. قلت: قول
nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي جيد، لكن قال
أبو محمد مكي : هذا بعيد، لأن المنقطع لا يكون في أكثر كلام العرب إلا على حدوث شك دخل على المتكلم، قال: وذلك لا يليق بالقرآن. قلت: والذي قاله لا يقدح في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي، لأن أم المنقطعة ترك الكلام لكلام آخر، وهي بمعنى "بل"، ولا يلزم أن تكون بعد شك ولا بد.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33 {وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول} [الرعد: 33] يجوز الابتداء (بأم) الأولى لأنها المنقطعة، و (سموهم) وقف كاف، وقيل تام، والوقف على (الأرض) حسن، ولا يبتدأ بما بعده لتعلقه بما قبله لفظا ومعنى.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=43 {أفأنت تكون عليه وكيلا} [الفرقان: 43] قيل: وقف كاف، و (أم) بعده منقطعة ويجوز الابتداء بها.
[ ص: 201 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51 {تجري من تحتي أفلا تبصرون} [الزخرف: 51] قيل: المعنى أفلا تبصرون أم أنتم بصراء، وإلى ذلك ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه ، لأن الاستفهام عندهما فيها تقرير، والتقرير خبر موجب، فامتنع عندهما جعلها متصلة، لأن (أم) المتصلة لا تكون مقررة] . فعلى هذا يوقف على (أم)، ويبتدأ بـ (أنا خير) . وقال
أبو زيد: (أم) زائدة، فعلى هذا يوقف على (تبصرون) . وقيل هي (أم) المنقطعة، والتقدير: بل أنا، فعلى هذا يبتدأ بـ (أم) على معنى "بل".
قال
الهروي: في قوله تعالى: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون} [السجدة: 2، 3]، إن (أم) بمعنى همزة الاستفهام، والتقدير: أيقولون افتراه؟ ، فعلى هذا يبتدأ بـ (أم)، وكذا قال في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108 {أم تريدون أن تسألوا رسولكم} [البقرة: 108]، وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44 {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون} [الفرقان: 44]،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=39 {أم له البنات} [الطور: 39]،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53 {أم لهم نصيب من الملك} [النساء: 53]،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140 {أم تقولون إن إبراهيم} [البقرة: 140]،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30 {أم يقولون شاعر} [الطور: 30]،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16 {أم اتخذ مما يخلق بنات} [الزخرف: 16]،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=28 {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [ص: 28].
قال: معنى (أم) في ذلك كله همزة الاستفهام، لأنها لم يتقدمها استفهام.
[ ص: 202 ] والهروي -رحمه الله تعالى- كان في علم العربية متسعا، وعلى غرائبها مطلعا، وما قاله ظاهر، لأنهم قالوا في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63 {أم زاغت عنهم الأبصار} [ص: 62] إنها بهذا المعنى، أي: أزاغت عنهم الأبصار؟ وأجازوا أن تكون هي المعادلة لهمزة الاستفهام في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63 {أتخذناهم سخريا} [ص:63] على قراءة القاطع، وأجازوا أن تكون مردودة على قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=62 {ما لنا لا نرى رجالا} [ص:62] على قراءة الواصل.
فذهب البصريون إلى أن (أم) في كل هذه المواضع هي المنقطعة، لأنهم يقولون في (أم) المنقطعة: إن فيها معنى (بل) والهمزة، تقول: بل أيقولون افتراه، ونحو ذلك.
nindex.php?page=treesubj&link=28953اَلْقَوْلُ فِي "أَمْ"
وَهِيَ تَكُونُ لِلْمُعَادَلَةِ، وَهِيَ فِي اَلْمُعَادَلَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ مُعَادِلَةً لِهَمْزَةِ اَلِاسْتِفْهَامِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُعَادِلَةً لِهَمْزَةِ اَلتَّسْوِيَةِ.
وَمَعْنَى اَلْمُعَادَلَةِ أَحَدُ اَلِاسْمَيْنِ اَلْمَسْؤُولِ عَنْهُمَا جُعِلَ مَعَهُ اَلْهَمْزَةُ وَمَعَ اَلْآخَرِ (أَمْ)، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ اَلسُّؤَالُ عَنِ اَلْفِعْلِ. مِثَالُ اَلْأَوَّلِ مَعَ اَلِاسْمِ قَوْلُكَ: أَشَرِبَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو؟ وَمَعْنَاهُ أَيُّهُمَا شَرِبَ؟ وَمَعَ اَلْفِعْلِ قَوْلُكَ: أَصَرَفْتَ زَيْدًا أَمْ حَبَسْتَهُ؟ جُعِلَتِ اَلْهَمْزَةُ مَعَ أَحَدِهِمَا وَ (أَمْ) مَعَ اَلْآخَرِ. وَمِثَالُ اَلثَّانِي مَعَ اَلتَّسْوِيَةِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ (أَمْ) مُسَاوِيَةً لِهَمْزَةِ اَلِاسْتِفْهَامِ، نَحْوُ: سَوَاءٌ عَلَيَّ أَزَيْدٌ فِي اَلدَّارِ أَمْ عَمْرٌو.
وَاعْلَمْ أَنَّ اَلتَّسْوِيَةَ لَفْظُهَا لَفْظُ اَلِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ خَبَرٌ، كَمَا جَاءَ اَلِاخْتِصَاصُ عَلَى طَرِيقَةِ اَلنِّدَاءِ وَلَيْسَ بِنِدَاءٍ. وَمَعْنَى اَلتَّسْوِيَةِ: أَنَّكَ تُخْبِرُ بِاسْتِوَاءِ اَلْأَمْرَيْنِ عِنْدَكَ، كَأَنَّكَ تَقُولُ: سَوَاءٌ عَلَيَّ أَيُّهُمَا قَامَ، وَاسْتَوَى عِنْدِي عَدَمُ اَلْعِلْمِ بِأَيِّهِمَا فِي اَلدَّارِ. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6 {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} ، [اَلْبَقَرَةِ: 6]، {سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبْرنَا} [إِبْرَاهِيمَ: 21].
وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَكُونُ فِي قِسْمَيِ اَلْمُعَادَلَةِ عَاطِفَةً، وَقَدْ تَكُونُ مُنْقَطِعَةً بِمَعْنَى "بَلْ". وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مُنْقَطِعَةً لِانْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا مِمَّا قَبْلَهَا، لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ
[ ص: 199 ] كَانَ مَا قَبْلَهَا اِسْتِفْهَامًا أَوْ خَبَرًا، وَلَيْسَتْ فِي هَذَا اَلْوَجْهِ بِمَعْنَى "بَلْ"، قَالَ اَلْأَخْطَلُ:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِوَاسِطٍ غَلَسَ اَلظَّلَامِ مِنَ اَلرَّبَابِ خَيَالًا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَمْ يَسْتَفْهِمْ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ أَنَّهُ رَأَى.
وَفِي كَوْنِهَا عَاطِفَةً أَمْ غَيْرَ عَاطِفَةٍ خِلَافٌ، فَالْمَغَارِبَةُ يَقُولُونَ: لَيْسَتْ عَاطِفَةً، لَا فِي جُمْلَةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا، وَقَالَ اِبْنُ مَالِكٍ: قَدْ تَعْطِفُ لِمُفْرَدٍ، كَقَوْلِ اَلْعَرَبِ: (إِنَّهَا لَإِبِلٌ، أَمْ شَاءٌ)، قَالَ: وَ أَمْ هُنَا لِمُجَرَّدِ اَلْأَضْرَابِ عَاطِفًا مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا .
فَإِذَا كَانَتْ مُنْقَطِعَةً جَازَ اَلْوَقْفُ قَبْلَهَا وَالِابْتِدَاءُ بِهَا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80 {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهِ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [اَلْبَقَرَةِ: 80] يَجُوزُ اَلِابْتِدَاءُ بِأَمْ إِذَا جُعِلَتْ مُنْقَطِعَةً، وَلَا يَجُوزُ إِذَا جُعِلَتْ لِلْمُعَادَلَةِ، وَتَعْلِيلُ اَلْوَجْهَيْنِ ذَكَرْتُهُ فِي "اَلتَّوْجِيهَاتِ" فَاطْلُبْهُ تَرَهُ.
[ ص: 200 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108 {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ} [اَلْبَقَرَةِ: 108] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14467اَلسَّخَاوِيُّ: اَلظَّاهِرُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَيَجُوزُ اَلِابْتِدَاءُ بِهِ. قُلْتُ: قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14467اَلسَّخَاوِيِّ جَيِّدٌ، لَكِنْ قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ : هَذَا بَعِيدٌ، لِأَنَّ اَلْمُنْقَطِعَ لَا يَكُونُ فِي أَكْثَرِ كَلَامِ اَلْعَرَبِ إِلَّا عَلَى حُدُوثِ شَكٍّ دَخَلَ عَلَى اَلْمُتَكَلِّمِ، قَالَ: وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِالْقُرْآنِ. قُلْتُ: وَاَلَّذِي قَالَهُ لَا يَقْدَحُ فِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14467اَلسَّخَاوِيِّ، لِأَنَّ أَمِ اَلْمُنْقَطِعَةَ تَرْكُ اَلْكَلَامِ لِكَلَامٍ آخَرَ، وَهِيَ بِمَعْنَى "بَلْ"، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ شَكٍّ وَلَا بُدَّ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=33 {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ اَلْقَوْل} [اَلرَّعْدِ: 33] يَجُوزُ اَلِابْتِدَاءُ (بِأَمْ) اَلْأُولَى لِأَنَّهَا اَلْمُنْقَطِعَةُ، وَ (سَمُّوهُمْ) وَقْفٌ كَافٍ، وَقِيلَ تَامٌّ، وَالْوَقْفُ عَلَى (اَلْأَرْضِ) حَسَنٌ، وَلَا يُبْتَدَأُ بِمَا بَعْدَهُ لِتَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ لَفْظًا وَمَعْنًى.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=43 {أَفَأَنْتِ تَكُونُ عَلَيْهِ وكيلًا} [اَلْفُرْقَانِ: 43] قِيلَ: وَقْفٌ كَافٍ، وَ (أَمْ) بَعْدَهُ مُنْقَطِعَةٌ وَيَجُوزُ اَلِابْتِدَاءُ بِهَا.
[ ص: 201 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=51 {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [اَلزُّخْرُفِ: 51] قِيلَ: اَلْمَعْنَى أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنْتُمْ بُصَرَاءُ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14248اَلْخَلِيلُ nindex.php?page=showalam&ids=16076وَسِيبَوَيْهِ ، لِأَنَّ اَلِاسْتِفْهَامَ عِنْدَهُمَا فِيهَا تَقْرِيرٌ، وَالتَّقْرِيرُ خَبَرٌ مُوجَبٌ، فَامْتَنَعَ عِنْدَهُمَا جَعْلُهَا مُتَّصِلَةً، لِأَنَّ (أَمِ) اَلْمُتَّصِلَةُ لَا تَكُونُ مُقَرِّرَةً] . فَعَلَى هَذَا يُوقَفُ عَلَى (أَمْ)، وَيُبْتَدَأُ بِـ (أَنَا خَيْرٌ) . وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ: (أَمْ) زَائِدَةٌ، فَعَلَى هَذَا يُوقَفُ عَلَى (تُبْصِرُونَ) . وَقِيلَ هِيَ (أَمِ) اَلْمُنْقَطِعَةُ، وَالتَّقْدِيرُ: بَلْ أَنَا، فَعَلَى هَذَا يُبْتَدَأُ بِـ (أَمْ) عَلَى مَعْنَى "بَلْ".
قَالَ
اَلْهَرَوِيُّ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَنْزِيل اَلْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ} [اَلسَّجْدَةِ: 2، 3]، إِنَّ (أَمْ) بِمَعْنَى هَمْزَةِ اَلِاسْتِفْهَامِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَيَقُولُونَ اِفْتَرَاهُ؟ ، فَعَلَى هَذَا يُبْتَدَأُ بِـ (أَمْ)، وَكَذَا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=108 {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ} [اَلْبَقَرَةِ: 108]، وَكَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=44 {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} [اَلْفُرْقَانِ: 44]،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=39 {أَمْ لَهُ اَلْبَنَات} [اَلطُّورِ: 39]،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53 {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ اَلْمَلِكِ} [اَلنِّسَاءِ: 53]،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140 {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} [اَلْبَقَرَةِ: 140]،
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30 {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرَ} [اَلطُّورِ: 30]،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=16 {أَمْ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَات} [اَلزُّخْرُفِ: 16]،
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=28 {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصَّالِحَات} [ص: 28].
قَالَ: مَعْنَى (أَمْ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ هَمْزَةُ اَلِاسْتِفْهَامِ، لِأَنَّهَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا اِسْتِفْهَامٌ.
[ ص: 202 ] وَالْهَرَوِيُّ -رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى- كَانَ فِي عِلْمِ اَلْعَرَبِيَّةِ مُتَّسِعًا، وَعَلَى غَرَائِبِهَا مُطَّلِعًا، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63 {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ اَلْأَبْصَارُ} [ص: 62] إِنَّهَا بِهَذَا اَلْمَعْنَى، أَيْ: أَزَاغَتْ عَنْهُمُ اَلْأَبْصَارُ؟ وَأَجَازُوا أَنْ تَكُونَ هِيَ اَلْمُعَادِلَةَ لِهَمْزَةِ اَلِاسْتِفْهَامِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=63 {أَتَخِذْنَاهُمْ سخريًا} [ص:63] عَلَى قِرَاءَةِ اَلْقَاطِعِ، وَأَجَازُوا أَنْ تَكُونَ مَرْدُودَةً عَلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=62 {مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالًا} [ص:62] عَلَى قِرَاءَةِ اَلْوَاصِلِ.
فَذَهَبَ اَلْبَصْرِيُّونَ إِلَى أَنَّ (أَمْ) فِي كُلِّ هَذِهِ اَلْمَوَاضِعِ هِيَ اَلْمُنْقَطِعَةُ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي (أَمِ) اَلْمُنْقَطِعَةِ: إِنَّ فِيهَا مَعْنَى (بَلْ) وَالْهَمْزَةِ، تَقُولُ: بَلْ أَيَقُولُونَ اِفْتَرَاهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.