واتبعوا ما تتلو الشياطين    [ 102 ] 
هذه آية مشكلة ، وقد تقصينا ما فيها من المعاني في الكتاب الذي قبل هذا . موضع " ما " نصب بـ " اتبعوا " ، و تتلو  داخل في الصلة ، وحذفت منه الهاء لطول الاسم ، والأصل : تتلوه الشياطين . و  " سليمان "   - صلى الله عليه وسلم - لا ينصرف لأنه معرفة وفي آخره زائدتان فأشبه سكران . ولكن الشياطين  نصب بلكن ، وإن خففت لكن رفعت ما بعدها بالابتداء يعلمون  في موضع نصب على الحال ، ويجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر ثان . الناس السحر  مفعولان ببابل  لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة هاروت وماروت  مثله ، والجمع هواريت مثل طواغيت ، ويقال : هوارتة وهوار وموارتة وموار ، فاعلم . ومثله جالوت وطالوت . وما يعلمان  [ ص: 253 ] من أحد   " من " زائدة للتوكيد ، والتقدير : وما يعلمان أحدا حتى يقولا  نصب بحتى فلذلك حذفت منه النون . ولغة هذيل ، وثقيف : " عتى " . فلا تكفر  جزم بالنهي فيتعلمون  أحسن ما قيل فيه أنه مستأنف ، وقول  الفراء   : إنه نسق على " يعلمون " ؛ غلط لأنه لو كان كذا لوجب أن يكون : " فيتعلمون منهم " ، فقوله : " منهما " يمنع أن يكون التقدير : " ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر فيتعلمون " ، إلا على قول من قال : " الشياطين : هاروت ، وماروت " .  وللفراء  قول آخر ، قال : يكون محمولا على المعنى ؛ لأن معنى " فلا تكفر " : فلا تتعلم السحر ، أي فيأتون فيتعلمون . وقيل : التقدير : يعلمان الناس فيتعلمون . منهما ما يفرقون به  في موضع نصب بيفرقون . وما هم بضارين به من أحد   " من " زائدة . وقول  أبي إسحاق   : إلا بإذن الله  إلا بعلم الله ؛ غلط لأنه إنما يقال في العلم : إذن ، وقد أذنت به إذنا ، ولكن لما لم يحل فيما بينهم وبينه وخلوا يفعلونه ؛ كان كأنه إباحة مجازا . ولقد علموا  لام توكيد لمن اشتراه  لام يمين وهي للتوكيد أيضا ، وموضع " من " رفع بالابتداء لأنه لا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها ، و " من " بمعنى " الذي " . قال  الفراء   : هي للمجازاة . قال  أبو إسحاق   : ليس هذا موضع شرط ، و " من " بمعنى " الذي " ، كما تقول : لقد علمت لمن جاءك ما له عقل . ما له في الآخرة من خلاق   " من " زائدة ، والتقدير : ما له في الآخرة خلاق . ولا تزاد " من " في الواجب . 
				
						
						
