قل أرأيتم ما تدعون من دون الله    [4] 
قال  الفراء   : وفي قراءة  عبد الله   ( قل أريتم من تدعون من دون الله) يعني بالنون ، "أريتم" لغة معروفة للعرب كثيرة ، وأرأيتم الأصل ، ولغة ثالثة أن يخفف الهمزة التي بعد الراء فتجعل بين بين . ومن قرأ "ما تدعون" جاء به على بابه لأنه للأصنام . ومن قرأ ( من) فلأنهم قد عبدوها فأنزلوها منزلة ما يعقل . وعلى هذا أجمعت القراء على أن قرءوا ( خلقوا من الأرض  [ ص: 158 ] أم لهم) ولم يقرءوا خلقن ولا خلقت ولا لهن ولا لها . ( ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم   ) وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي   ( أو أثرة ) وحكى  الفراء  لغة ثالثة وهي ( أثرة) بفتح الهمزة وحكى  الكسائي  لغة رابعة وهي "أو أثرة" بضم الهمزة والمعنى في اللغات الثلاث عند  الفراء  واحد . والمعنى عنده بقية من علم . ويجوز أن يكون المعنى عنده شيئا مأثورا من كتب الأولين . فأثارة عنده مصدر كالسماحة والشجاعة ، وأثرة عنده بمعنى أثر كقولهم : قترة وقتر ، وأثرة كخطفة . فأما  الكسائي  فإنه قال : أثارة وأثرة وأثرة كل ذلك تقول العرب ، والمعنى فيهن كلهن عنده معنى واحد . بمعنى الشيء المأثور . قال  أبو جعفر   : ومعنى الشيء المأثور المتحدث به . ومما صح سنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع  عمر  وهو يقول : وأبي ، فقال : إن الله جل وعز ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله جل وعز أو ليسكت" قال  عمر   : فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا  . وفي بعض الحديث  "من حلف بغير الله جل وعز فقد أشرك" وفي آخر "فقد كفر" فقوله "ذاكرا" معناه متكلما بها ، وقائلا بها ، كما يقال : ذكرت لفلان كذا ومعنى "ولا آثرا" ولا مخبرا بها عن غيري أنه حلف بها . ومن هذا حديث مأثور ، يقال : أثر الحديث يأثره ، وأثر يفعل ذلك وآثر فلان فلانا ، إذا فضله ، وأثار التراب يثره ، ووثر الشيء ويوثر إذا صار وطيئا ومنه قيل : ميثرة انقلبت الواو فيها ياء . 
 [ ص: 159 ] وفي معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم  "من حلف بغير الله جل وعز فقد أشرك" أقوال : أصحها أن المعنى فقد أشرك في تعظيم الله جل وعز وعز غير الله؛ لأنه إنما يحلف الإنسان بما يعظمه أكبر العظمة ، وهذا لا ينبغي أن يكون إلا لله جل وعز . وفي قوله صلى الله عليه وسلم "فقد كفر" أقوال : فمن أصحها أن الكفر هو التغطية . والمعنى فقد غطى وستر ما يجب أن يظهر من تعظيم الله جل وعز . 
				
						
						
