قد كانت لكم أسوة حسنة    [4] 
وحكى  الفراء  في جمعها أسى بضم في الجمع ، وإن كانت الواحدة مكسورة ليفرق بين ذوات الواو وذوات الياء ، وعند البصريين أنه يجوز الضم على تشبيه فعلة بفعلة ، ويجوز الكسر على الأصل ( في إبراهيم والذين معه   ) قال  عبد الرحمن بن زيد   : "الذين معه" الأنبياء عليهم السلام ( قالوا لقومهم   ) أي حين قالوا لقومهم ( إنا برآء منكم   ) هذه القراءة المعروفة التي قرأ بها الأئمة كما تقول : كريم وكرماء ، وأجاز  أبو عمرو  وعيسى   ( إنا براء منكم) وهي لغة معروفة فصيحة كما تقول : كريم وكرام ، وأجاز  الفراء   ( إنا براء منكم) . قال  أبو جعفر   : وهذا صحيح في العربية يكون براء في الواحد والجميع على لفظ واحد ، مثل إنني براء منكم وحقيقته في الجمع أنا ذوو براء . كما تقول : قوم رضى فهذه ثلاث لغات معروفة وحكى الكوفيون لغة رابعة . وحكي أن  أبا جعفر  قرأ بها وهو ( أنا برآء منكم) على تقدير براع وهذه لا تجوز عند البصريين لأنه حذف شيء لغير علة . قال أبو جعفر   : وما أحسب هذا عن  أبي جعفر  إلا غلطا لأنه يروى عن عيسى  أنه قرأ بتخفيف الهمزة إنا برأا وأحسب أن  أبا جعفر  قرأ كذا . ( ومما تعبدون من دون الله   ) معطوف بإعادة حرف الخفض ، كما تقول : أخذته منك ومن زيد ، ولا يجوز  [ ص: 413 ] أخذته منك وزيد ، ألا ترى كيف السواد فيه ومما ، ولو كان على قراءة من قرأ ( والأرحام) لكان : وما تعبدون من دون الله بغير من ( كفرنا بكم) أي أنكرنا كفركم ( وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا   ) لأنه تأنيث غير حقيقي أي لا نودكم ( حتى تؤمنوا بالله وحده   ) ( إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك   ) استثناء ليس من الأول أي لا تستغفروا للمشركين وتقولوا يتأسى بإبراهيم  صلى الله عليه وسلم إذ كان إنما فعل ذلك عن موعدة وعدها إياه قيل : وعده أنه يظهر إسلامه ولم يستغفر له إلا بعد أن أسلم ( وما أملك لك من الله من شيء   ) أي ما أقدر أن أدفع عنك عذابه وعقابه ( ربنا عليك توكلنا   ) في معناه قولان : أحدهما أن هذا قول إبراهيم  ومن معه من الأنبياء ، والآخر أن المعنى قولوا ربنا عليك توكلنا أي وكلنا أمورنا كلها إليك ، وقيل معنى التوكل على الله جل وعز أن يعبد وحده ولا يعبى ويوثق بوعده لمن أطاعه ( وإليك أنبنا   ) أي رجعنا مما تكره إلى ما تحب ( وإليك المصير   ) أي مصيرنا ومصير الخلق يوم القيامة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					