وقوله - عز وجل -: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات   ؛ بإضمار مكنيهم؛ أي: لا تقولوا: هم أموات؛ فنهاهم الله أن يسموا من قتل في سبيل الله " ميتا " ؛ وأمرهم بأن يسموهم " شهداء " ؛ فقال: بل أحياء عند ربهم يرزقون  ؛ فأعلمنا أن من قتل في سبيل الله حي؛ فإن قال قائل: فما بالنا نرى جثة غير متصرفة؟ فإن دليل ذلك مثل ما يراه الإنسان في منامه؛ وجثته غير متصرفة على قدر ما يرى؛ والله - عز وجل - قد توفى نفسه في نومه؛ فقال (تعالى): الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها  ؛ وينتبه المنتبه من نومه فيدركه الانتباه وهو في بقية من ذلك؛ فهذا دليل أن أرواح الشهداء جائز أن  [ ص: 230 ] تفارق أجسامهم؛ وهم عند الله أحياء؛ فالأمر فيمن قتل في سبيل الله: لا يجب أن يقال له: " ميت " ؛ لكن يقال له: " شهيد " ؛ وهو عند الله حي؛ وقد قيل فيها قول غير هذا؛ وهذا القول الذي ذكرته آنفا هو الذي أختاره؛ قالوا: معنى الأموات أي: لا تقولوا: " هم أموات في دينهم " ؛ بل قولوا: إنهم أحياء في دينهم؛ وقال أصحاب هذا القول: دليلنا - والله أعلم - قوله: أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها  ؛ فجعل المهتدي حيا؛ وأنه حين كان على الضلالة كان ميتا؛ والقول الأول أشبه بالدين؛ وألصق بالتفسير. 
قوله - عز وجل -: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع  ؛ اختلف النحويون في فتح هذه الواو؛ فقال  سيبويه   : إنها مفتوحة لالتقاء الساكنين؛ وقال غيره من أصحابه: إنها مبنية على الفتح؛ وقد قال  سيبويه  في لام " يفعل " ؛ لأنها مع ذلك قد تبنى على الفتحة؛ فالذين قالوا من أصحابه: " إنها مبنية على الفتح " ؛ غير خارجين من قول له؛ وكلا القولين جائز. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					