قوله ( ومن غسل الميت ) الصحيح من المذهب : استحباب الغسل من غسل الميت    . وعليه جماهير الأصحاب ، ونص عليه ،  وعنه  لا يستحب . وهو وجه ذكره  القاضي  ،  وابن عقيل    . قال  ابن عقيل    : لا يجب ولا يستحب . قال : وهو ظاهر كلام  أحمد    .  وعنه  يجب من الكافر . وقيل : يجب من غسل الحي أيضا . وقيل : يجب مطلقا . قوله ( والمجنون ، والمغمى عليه ، إذا أفاقا من غير احتلام    ) هذا المذهب بهذا القيد . وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم .  وعنه  لا يجب والحالة هذه . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب والتلخيص ، والبلغة . وقيل : يجب مع وجود البلة . قاله  أبو الخطاب    . وقال ابن تميم    : ولا يجب بالجنون والإغماء غسل ، وإن وجد بلة . إلا أن يعلم أنه مني .  وعنه  يجب بهما . وفيه وجه يجب إن كان ثم بلة محتملة . وإلا فلا . ويأتي كلامه  [ ص: 249 ] في الهداية وغيرها . قال ابن البنا    : إن قيل : إن المجنون ينزل : وجب عليه الغسل قال الطوفي  في شرح  الخرقي  ، بعد كلام ابن البنا    : وهذا إشارة إلى ترتيب الخلاف على أن المجنون ينزل أو لا ينزل . وقال بعض أصحابنا : إن تيقن الحلم وجب وإلا فلا ; لأن الأصل عدمه . وقال بعضهم : إن تيقن وجب . وإلا فروايتان . قلت    : مأخذها : إما الترتيب على احتمال الإنزال وعدمه ، أو النظر إلى أن الأصل عدم الإنزال تارة ، وإلى الاحتياط ; لأنه مظنة الإنزال تارة أخرى . قلت    : التحقيق : أن يقال : إن تيقن الإنزال وجب الغسل ، أو عدمه فلا يجب ، وإن تردد فيه ، فهو محل الخلاف ، وإن ظنه ظنا : فهل يلحق بما إذا تيقن ، أو بما إذا شك فيه ؟ أو يخرج على تعارض الأصل والظاهر ؟ إذ الظاهر الإنزال . والأصل عدمه . ويحتمل أن يقال : إن تحقق الإنزال وجب ، وإلا خرج على فعله عليه الصلاة والسلام : هل هو للوجوب ، أو للندب ؟ على ما عرف في الأصول ، والمشهور عند أصحابنا : أنه للوجوب . وهذا التقرير يقتضي : أنه واجب مطلقا ، تيقن الإنزال أو لا . ولكن المشهور عندهم : أنه لا يجب بدون تيقن الإنزال . إطراحا للشك ، واستصحابا لليقين . وحكى ذلك  ابن المنذر  إجماعا ، وهو مع احتماله والاختلاف فيه عن  أحمد  وأصحابه عجيب . انتهى كلام الطوفي    . 
تنبيه : مفهوم قوله " إذا أفاقا من غير احتلام " أنهما إذا احتلما من ذلك يجب الغسل ، وهو الصحيح ، وهو المذهب . وعليه الأصحاب . وقال في الرعاية الصغرى : وفي وجوب الغسل بالإغماء والجنون مطلقا  روايتان . وقيل : إن أنزلا وجب ، وإلا فلا . وقال في الكبرى : وفي الإغماء والجنون مطلقا . وقيل : بلا احتلام ، روايتان . وقيل : إن أنزلا منيا . وقيل أو ما يحتمله : وجب الغسل ، وإلا سن . وقال في الحاوي الصغير : وفي الإغماء والجنون بلا حلم روايتان . وقال  [ ص: 250 ]  أبو الخطاب    : إن لم يتيقن منهما الإنزال فلا غسل عليهما . انتهى . 
وقد يفهم من الرعايتين : أن لنا رواية بعدم الوجوب ، وإن أنزل . ولم أجد أحدا صرح بذلك ، وهو بعيد جدا مع تحقق الإنزال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					