( قوله ) لأنه عليه الصلاة والسلام قدر السبب به ، وقد جعله وملك نصاب حولي فارغ عن الدين وحوائجه الأصلية نام ، ولو تقديرا المصنف شرطا للوجوب مع قولهم : إن سببها ملك مال معد مرصد للنماء والزيادة فاضل عن الحاجة كذا في المحيط وغيره لما أن السبب والشرط قد اشتركا في أن كلا منهما يضاف إليه الوجود لا على وجه التأثير فخرج العلة ويتميز السبب عن الشرط بإضافة الوجوب إليه أيضا دون الشرط كما عرف في الأصول وأطلق الملك فانصرف إلى الكامل ، وهو المملوك رقبة ويدا فلا يجب على المشتري فيما اشتراه للتجارة قبل القبض ، ولا على المولى في عبده المعد للتجارة إذا أبق لعدم اليد ، ولا المغصوب ، ولا المجحود إذا عاد إلى صاحبه كذا في غاية البيان ، ولا يلزم عليه ابن السبيل ; لأن يد نائبه كيده كذا في معراج الدراية ، ومن الرهن إذا كان في يد المرتهن لعدم ملك اليد بخلاف العشر حيث يجب فيه كذا في العناية وأما كسب العبد المأذون فإن كان عليه دين محيط فلا زكاة فيه على أحد بالاتفاق ، وإلا فكسبه لمولاه ، وعلى المولى زكاته إذا تم الحول نص عليه في المبسوط والبدائع والمعراج ، وهو بإطلاقه يتناول ما إذا تم الحول ، وهو في يد العبد لكن قال في المحيط : وإن لم يكن عليه دين ففيه الزكاة ويزكي المولى متى أخذه من العبد ذكره موانع الوجوب في نوادر الزكاة محمد
وقيل ينبغي أن يلزمه الأداء قبل الأخذ ; لأنه مال مملوك للمولى كالوديعة والأصح أنه لا يلزمه الأداء قبل الأخذ ; لأنه مال تجرد عن يد المولى ; لأن يد العبد يد أصالة عن نفسه لا يد نيابة عن المولى بدليل أنه يملك التصرف فيه إثباتا وإزالة فلم تكن يد المولى ثابتة عليه حقيقة ، ولا حكما فلا يلزمه الأداء ما لم يصل إليه كالديون ، ولا كذلك الوديعة ا هـ .
وفي المحيط [ ص: 219 ] معزيا إلى الجامع زكى الآجر في السنة الأولى عن تسعمائة ، وفي الثانية عن ثمانمائة إلا زكاة السنة الأولى ثم يسقط لكل سنة زكاة مائة أخرى ، وما وجب عليه بالسنين الماضية ; لأنه ملك الألف بالتعجيل كلها فإذا لم يسلم الدار إليه سنة انقضت الإجارة في العشر ; لأنه استهلك المعقود عليه قبل التسليم فزال عن ملكه مائة ، وصار مصروفا إلى الدين وكذلك في كل حول انتقص مائة ويصير مائة دينا عليه ويرفع ذلك من النصاب ثم عند رجل له ألف درهم لا مال له غيرها استأجر بها دارا عشر سنين لكل سنة مائة فدفع الألف ، ولم يسكنها حتى مضت السنون والدار في يد الآجر يزكي للسنة الثانية سبعمائة وستين ، وعندهما سبعمائة وسبعة وسبعون ونصف ; لأنه لا زكاة في الكسور عنده وعندهما فيه زكاة ، ولا زكاة على المستأجر في السنة الأولى والثانية لنقصان نصابه في الأولى ولعدم تمام الحول في الثانية ويزكي في الثالثة ثلاثمائة ; لأنه استفاد مائة أخرى ثم يزكي لكل سنة مائة أخرى وما استفاد قبلها إلا أنه يرفع عنه زكاة السنين الماضية ا هـ . أبي حنيفة
والمراد بكونه حوليا أن يتم الحول عليه ، وهو في ملكه لقوله عليه الصلاة والسلام { } قال في الغاية : سمي حولا ; لأن الأحوال تحول فيه ، وفي القنية العبرة في الزكاة للحول القمري ، وفي الخانية لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول روي عن رجل تزوج امرأة على ألف ودفع إليها ، ولم يعلم أنها أمة فحال الحول عندها ثم علم أنها كانت أمة زوجت نفسها بغير إذن المولى ، ورد الألف على الزوج أنه لا زكاة على واحد منهما ، وكذلك أبي يوسف لا زكاة على واحد منهما ، وكذلك الرجل إذا حلق لحية إنسان فقضي عليه بالدية ، ودفع الدية إليه ، وحال الحول ثم نبتت لحيته وردت الدية لا زكاة على واحد منهما وكذلك رجل أقر لرجل بدين ألف درهم ودفع الألف إليه ثم تصادقا بعد الحول أنه لم يكن عليه دين لا زكاة على واحد منهما ا هـ . رجل وهب لرجل ألفا ودفع الألف إليه ثم رجع في الهبة بعد الحول بقضاء أو بغير قضاء واسترد الألف
وظاهره عدم وجوب الزكاة من الابتداء ، وهو مشكل في حق من كانت في يده وملكه ، وحال الحول عليه فالظاهر أن هذا بمنزلة هلاك المال بعد الوجوب ، وهو مسقط كما في الولوالجية وإلا فتحتاج المتون إلى إصلاح كما لا يخفى ، وفي الخانية أيضا كان على بائع العبد زكاة المائتين رجل اشترى عبدا للتجارة يساوي مائتي درهم ونقد الثمن ، ولم يقبض العبد حتى حال الحول فمات العبد عند البائع
وكذلك على المشتري أما على البائع فلأنه ملك الثمن وحال الحول عليه عنده ، وأما على المشتري فلأن العبد كان للتجارة وبموته عند البائع انفسخ البيع والمشتري أخذ عوض العبد مائتي درهم فإن كانت قيمة العبد مائة كان على البائع زكاة المائتين لأنه ملك الثمن ومضى عليه الحول عنده وبانفساخ البيع لحقه دين بعد الحول فلا تسقط عنه زكاة المائتين ، ولا زكاة على المشتري ; لأن الثمن زال عن ملكه إلى البائع فلم يملك المائتين حولا كاملا وبانفساخ البيع استفاد المائتين بعد الحول فلا تجب عليه الزكاة ا هـ .
وشرط فراغه عن الدين ; لأنه معه مشغول بحاجته الأصلية فاعتبر معدوما كالماء المستحق بالعطش ، ولأن الزكاة تحل مع ثبوت يده على ماله فلم تجب عليه الزكاة كالمكاتب ولأن الدين يوجب نقصان الملك ; ولذا يأخذه الغريم إذا كان من جنس دينه من غير قضاء ، ولا رضا أطلقه فشمل الحال والمؤجل ، ولو صداق زوجته المؤجل إلى الطلاق أو الموت وقيل المهر المؤجل لا يمنع ; لأنه غير مطالب به عادة بخلاف المعجل وقيل إن كان الزوج على عزم الأداء منع ، وإلا فلا ; لأنه لا يعد دينا كذا في غاية البيان ونفقة المرأة إذا صارت دينا على الزوج إما بالصلح أو بالقضاء ونفقة الأقارب إذا صارت دينا عليه إما بالصلح أو بالقضاء عليه يمنع كذا في معراج الدراية وقيد نفقة الأقارب في البدائع [ ص: 220 ] بقيد آخر ، وهو قليل المدة فإن المدة إذا كانت طويلة فإنها تسقط ، ولا تصير دينا وشمل كلامه كل دين
وفي الهداية : والمراد دين له مطالب من جهة العباد حتى لا يمنع دين النذر والكفارة ، ودين الزكاة مانع حال بقاء النصاب ; لأنه ينتقص به النصاب ، وكذا بعد الاستهلاك خلافا فيهما لزفر في الثاني ; لأن له مطالبا ، وهو الإمام في السوائم ، ونوابه في أموال التجارة كان الملاك نوابه ا هـ . ولأبي يوسف
وكذا لا يمنع دين صدقة الفطر ، ووجوب الحج وهدي المتعة والأضحية ، وفي معراج الدراية : ودين النذر لا يمنع ومتى استحق بجهة الزكاة بطل النذر فيه بيانه له مائتا درهم نذر بأن يتصدق بمائة منها ، وحال الحول سقط النذر بقدر درهمين ونصف ويتصدق للنذر بسبعة وتسعين ونصف ، ولو تصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف عن الزكاة ; لأنه متعين بتعيين الله - تعالى - فلا يبطل بتعيينه لغيره ولو نذر بمائة مطلقة لزمته ; لأن محل المنذور به الذمة فلو تصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف للزكاة ، ويتصدق بمثلها عن النذر ا هـ .
فلو كان لا زكاة عليه في الحول الثاني ، ولو له نصاب حال عليه حولان ، ولم يزكه فيهما كان عليه في الحول الأول بنت مخاض ، وللحول الثاني أربع شياه ، ولو كان له خمس وعشرون من الإبل لم يزكها حولين لا زكاة فيه لاشتغال خمسة منه بدين المستهلك بخلاف ما لو كان الأول لم يستهلك بل هلك ، فإنه يجب في المستفاد لسقوط زكاة الأول بالهلاك وبخلاف ما لو استهلك قبل الحول حيث لا يجب شيء ، ومن فروعه ما إذا كان له نصاب حال عليه الحول فلم يزكه ثم استهلكه ثم استفاد غيره ، وحال على النصاب المستفاد الحول لا يجب عليه الزكاة في البدل إلا بحول جديد أو يكون له ما يضمه إليه في صورة الدراهم ، وهذا بناء على أن استبداله السائمة بغيرها مطلقا استهلاك بخلاف غير السائمة كذا في فتح القدير ، وفي البدائع وقالوا دين الخراج يمنع وجوب الزكاة ; لأنه يطالب به ، وكذا إذا باع نصاب السائمة قبل الحول بيوم بسائمة مثلها أو من جنس آخر أو بدراهم يريد به الفرار من الصدقة ، أو لا يريد فأما وجوب العشر فلا يمنع ; لأنه متعلق بالطعام ، وهو ليس من مال التجارة وذكر الشارح وغيره إن صار العشر دينا في الذمة بأن أتلف الطعام العشري صاحبه يصرف الدين إلى الأيسر قضاء فيصرف إلى الدراهم والدنانير ثم إلى عروض التجارة ثم إلى السوائم ، فإن كانت أجناسا صرف إلى أقلها حتى لو كان للمديون نصب صرف إلى الغنم أو إلى الإبل دون البقر ; لأن التبيع فوق الشاة ، فإن استويا خير كأربعين من الغنم وخمس من الإبل ، وقيل : يصرف إلى الغنم لتجب الزكاة في الإبل في العام القابل هكذا أطلقوا كان له أربعون من الغنم وثلاثون من البقر وخمس من الإبل
وقيده في المبسوط بأن يحضر المصدق أي الساعي فإن لم يحضره فالخيار إلى صاحب المال إن شاء صرف الدين إلى السائمة وأدى الزكاة من الدراهم ، وإن شاء صرف الدين إلى الدراهم وأدى الزكاة من السائمة ; لأن في حق صاحب المال هما سواء ا هـ .
وفي المحيط : وأما الدين المعترض في خلال الحول فإنه يمنع وجوب الزكاة بمنزلة هلاكه عند وعند محمد : لا يمنع بمنزلة نقصانه ا هـ . أبي يوسف
وتقديمهم قول يشعر بترجيحه ، وهو كذلك كما لا يخفى ، وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أبرأه فعند محمد : يستأنف حولا جديدا إلا عند محمد كما في المحيط أيضا أبي يوسف
وأما الحادث بعد الحول فلا يسقط الزكاة اتفاقا كذا في الخانية وغيرها ، وعلى هذا من لم تسقط الزكاة ; لأن الدين إنما وجب عليه عند الاستحقاق كذا في غاية البيان وشمل كلامه الدين بطريق الأصالة ، وبطريق الكفالة ; ولذا قال في المحيط : لو ضمن دركا في بيع فاستحق المبيع بعد الحول فلا زكاة على واحد منهم لشغله بدين الكفالة ; لأن له أن يأخذ من أيهم شاء بخلاف ما إذا استقرض ألفا فكفل عنه عشرة ولكل [ ص: 221 ] ألف في بيته ، وحال الحول فإنه يزكي الغاصب الأول ألفه ، والغاصب الثاني لا ; لأن الغاصب الأول لو ضمن يرجع على الثاني ، والثاني لو ضمن لا يرجع على الأول فكان قرار الضمان عليه فصار الدين عليه مانعا ا هـ . كان له ألف وغصب ألفا ، وغصبها منه آخر له ألف ، وحال الحول على مال الغاصبين ثم أبرأهما
وظاهره أنه لو لم يبرئهما لا يكون الحكم كذلك ، وفي فتح القدير وغيره لا يخرج عن ملك النصاب المذكور ما ملك بسبب خبيث ; ولذا قالوا : لو أن سلطانا غصب مالا وخلطه صار ملكا له حتى وجبت عليه الزكاة وورث عنه على قول ; لأن خلط دراهمه بدراهم غيره عنده استهلاك أما على قولهما فلا فلا يضمن فلا يثبت الملك ; لأنه فرع الضمان فلا يورث عنه ; لأنه مال مشترك فإنما يورث حصة الميت منه أبي حنيفة
وفي الولوالجية وقوله : أرفق بالناس ; إذ قلما يخلو مال عن غصب ا هـ .
هكذا ذكروا ، وهو مشكل لأنه ، وإن كان ملكه عند بالخلط فهو مشغول بالدين والشرط الفراغ عنه فينبغي أن لا تجب الزكاة فيه على قوله أيضا ولذا شرط في المبتغى بالمعجمة أن يبرئه أصحاب الأموال ; لأنه قبل الإبراء مشغول بالدين ، وهو قيد حسن يجب حفظه وقيد أبي حنيفة المصنف بالزكاة ; لأن الدين لا يمنع [ ص: 222 ] وجوب العشر والخراج ويمنع صدقة الفطر كذا في الخانية وأما التكفير بالمال فلا يمنع الدين وجوبه على الأصح كذا في الكشف الكبير من بحث القدرة الميسرة ، وفي الولوالجية زكاها استحسانا ; لأن الألف المتصدق بها لم تصر دينا عليه في الحال لجواز أن يجيز صاحبها التصدق ا هـ . رجل التقط ألف درهم وعرفها سنة ثم تصدق بها وله ألف درهم ثم تم الحول على ألفه
وشرط فراغه عن الحاجة الأصلية ; لأن المال المشغول بها كالمعدوم وفسرها في شرح المجمع لابن الملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا أو تقديرا فالثاني كالدين والأول كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإذا كان له دراهم مستحقة ليصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة كما أن الماء المستحق لصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم ا هـ .
فقد صرح بأن من لا تجب الزكاة إذا حال الحول وهي عنده ويخالفه ما في معراج الدراية في فصل زكاة العروض أن الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة ا هـ . معه دراهم وأمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية
وكذا في البدائع في بحث النماء التقديري ، ومن آلات الحرفة الصابون والحرض للغسال لا للبقال بخلاف العصفر والزعفران للصباغ والدهن والعفص للدباغ فإنها واجبة فيه ; لأن المأخوذ فيه بمقابلة العين وقوارير العطارين ولجم الخيل والحمير المشتراة للتجارة ومقاودها وجلالها إن كان من غرض المشتري بيعها بها ففيها الزكاة وإلا فلا كذا في فتح القدير وما في النهاية من أن التقييد بالأهل في الكتب ليس بمفيد لما أنه إن لم يكن من أهلها وليست هي للتجارة لا تجب فيها الزكاة وإن كثرت لعدم النماء ، وإنما يفيد ذكر الأهل في حق مصرف الزكاة فإذا يجوز صرف الزكاة إليه ، وأما إذا كان لا يحتاج إليها ، وهي تساوي مائتي درهم لا يجوز صرف الزكاة إليه ا هـ . كانت له كتب تساوي مائتي درهم ، وهو محتاج إليها للتدريس وغيره
فغير مفيد ; لأن كلامهم في بيان ما هو من الحوائج الأصلية ، ولا شك أن الكتب لغير الأهل ليست منها ، وهو تقييد مفيد كما لا يخفى ، وشرط أن يكون النصاب ناميا والنماء في اللغة بالمد الزيادة ، والقصر بالهمز خطأ يقال نما المال ينمي نماء وينمو نموا وأنماه الله كذا في المغرب
وفي الشرع هو نوعان حقيقي وتقديري فالحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات ، والتقديري تمكنه من الزيادة بكون المال في يده أو في يد نائبه فلا زكاة على من لم يتمكن منها في ماله كمال الضمار ، وهو في اللغة الغائب الذي لا يرجى فإذا رجي فليس بضمار ، وأصله الإضمار ، وهو التغييب والإخفاء ، ومنه أضمر في قلبه شيئا ، وفي الشرع كل مال غير مقدور الانتفاع به مع قيام أصل الملك كذا في البدائع فما في فتح القدير من أن مهر المرأة التي تبين أنها أمة ، ودية اللحية التي تنبت بعد حلقها ، والمال المتصادق على عدم وجوبه ، والهبة التي رجع فيها بعد الحول [ ص: 223 ] من جملة مال الضمار فغير صحيح مطلقا ; لأن الذي كان في يده المال في الحول كان متمكنا من الانتفاع به فلم يكن ضمارا في حقه ، وكذا من لم يكن في يده ; إذ لا ملك له ظاهرا في الحول ، وإنما الحق في التعليل ما قدمناه عن الولوالجي من أنه بمنزلة الهالك بعد الوجوب ومال الضمار هو الدين المجحود والمغصوب إذا لم يكن عليهما بينة فإن كان عليهما بينة وجبت الزكاة إلا في غصب السائمة ، فإنه ليس على صاحبها الزكاة ، وإن كان الغاصب مقرا كذا في الخانية ، وفيها أيضا من باب المصرف الدين المجحود إنما لا يكون نصابا إذا حلفه القاضي وحلف ، أما قبل ذلك يكون نصابا حتى لو قبض منه أربعين درهما يلزمه أداء الزكاة ا هـ .
وعن : لا تجب الزكاة ، وإن كان له بينة ; لأن البينة قد لا تقبل ، والقاضي قد لا يعدل ، وقد لا يظهر بالخصومة بين يديه لمانع فيكون في حكم الهالك ، وصححه في التحفة كذا في غاية البيان وصححه في الخانية أيضا وعزاه إلى محمد السرخسي ، ومنه المفقود والآبق والمأخوذ مصادرة ، والمال الساقط في البحر ، والمدفون في الصحراء المنسي مكانه ، فلو صار في يده بعد ذلك ، فلا بد له من حول جديد لعدم الشرط ، وهو النمو ، وأما المدفون في حرز ، ولو دار غيره إذا نسيه فليس منه فيكون نصابا ، واختلف المشايخ في المدفون في أرض مملوكة أو كرم فقيل بالوجوب لإمكان الوصول ، وقيل : لا ; لأنها غير حرز ، وأما إذا أودعه ونسي المودع ، قالوا : إن كان المودع من الأجانب فهو ضمار ، وإن كان من معارفه وجبت الزكاة لتفريطه بالنسيان في غير محله
وقيدنا الدين بالمجحود ; لأنه لو كان على مقر ملي أو معسر تجب الزكاة لإمكان الوصول إليه ابتداء أو بواسطة التحصيل ، ولو كان على مقر مفلس فهو نصاب عند ; لأن تفليس القاضي لا يصح عنده ، وعند أبي حنيفة لا يجب لتحقق الإفلاس عنده بالتفليس محمد مع وأبو يوسف في تحقق الإفلاس ، ومع محمد في حكم الزكاة رعاية لجانب الفقراء كذا في الهداية فأفاد أنه إذا قبض الدين زكاه لما مضى قال في فتح القدير : وهو غير جار على إطلاقه بل ذلك في بعض أنواع الدين ولنوضح ذلك فنقول : قسم أبي حنيفة أبو حنيفة : قوي ، وهو بدل القرض ، ومال التجارة ، ومتوسط ، وهو بدل ما ليس للتجارة كثمن ثياب البذلة وعبد الخدمة ودار السكنى ، وضعيف ، وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية ، وبدل الخلع والصلح عن دم العمد والدية ، وبدل الكتابة والسعاية ففي القوي تجب الزكاة إذا حال الحول ، ويتراخى القضاء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم ، وكذا فيما زاد بحسابه ، وفي المتوسط لا تجب ما لم يقبض نصابا ، ويعتبر لما مضى من الحول في صحيح الرواية ، وفي الضعيف لا تجب ما لم يقبض نصابا ويحول الحول بعد القبض عليه ، وثمن السائمة كثمن عبد الخدمة ، ولو ورث دينا على رجل فهو كالدين [ ص: 224 ] الوسط ، وروي أنه كالضعيف وعندهما الديون كلها سواء تجب الزكاة قبل القبض وكلما قبض شيئا زكاه قل أو كثر إلا دين الكتابة والسعاية الدين على ثلاثة أقسام
وفي رواية أخرجا الدية أيضا قبل الحكم بها وأرش الجراحة ; لأنها ليست بدين على الحقيقة ; فلذا لا تصح الكفالة ببدل الكتابة ، ولا يؤخذ من تركة من مات من العاقلة الدية ; لأن وجوبها بطريق الصلة إلا أن يقول : الأصل أن المسببات تختلف بحسب اختلاف الأسباب ، ولو إن لم يكونا للتجارة لا تجب ما لم يحل الحول بعد القبض في قوله ، وإن كان للتجارة كان حكمه كالقوي ; لأن أجرة مال التجارة كثمن مال التجارة في صحيح الرواية ا هـ . آجر عبده أو داره بنصاب
وفي الولوالجية : وأما إذا إن كان العبد للتجارة فحكمه حكم دين الوسط هو الصحيح ، وإن كان العبد للخدمة فكذلك أيضا ، وإن اختار استسعاء العبد فحكمه حكم الدين الضعيف ا هـ . أعتق أحد الشريكين عبدا مشتركا ، واختار المولى تضمين المعتق
ومقتضى الأول أن العبد إذا كان للتجارة فحكم هذا الدين حكم الدين القوي وقد صرح به في المحيط إلا أن الصحيح خلافه كما علمت ولعله ليس بدلا من كل وجه بدليل أن المولى مخير ثم قال الولوالجي : وهذا كله إذا لم يكن عنده مال آخر للتجارة ، فأما إذا كان عنده مال آخر للتجارة يصير المقبوض من الدين الضعيف مضموما إلى ما عنده فتجب فيها الزكاة ، وإن لم يبلغ نصابا ، وكذا في المحيط ، وفيه لو فإنه يضم المستفاد إلى الدين في حوله بالإجماع وإذا تم الحول على الدين لا يلزمه الأداء من المستفاد ما لم يقبض أربعين درهما ، وعندهما يلزمه ، وإن لم يقبض منه شيئا كان له مائتا درهم دين فاستفاد في خلال الحول مائة درهم
وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا مات من عليه مفلسا سقط عنه زكاة المستفاد عنده ; لأنه جعل مضموما إلى الدين تبعا له فسقط [ ص: 225 ] بسقوطه ، وعندهما تجب لأنه بالضم صار كالموجود في ابتداء الحول فعليه زكاة العين دون الدين ا هـ .
وقدمنا أن المبيع قبل القبض لا تجب زكاته على المشتري وذكر في المحيط في بيان أقسام الدين أن المبيع قبل القبض ، قيل : لا يكون نصابا ; لأن الملك فيه ناقص بافتقاد اليد ، والصحيح أنه يكون نصابا ; لأنه عوض عن مال كانت يده ثابتة عليه ، وقد أمكنه احتواء اليد على العوض فتعتبر يده باقية على النصاب باعتبار التمكن شرعا ا هـ فعلى هذا قولهم : لا تجب الزكاة معناه قبل قبضه
وأما بعد قبضه فتجب زكاته فيما مضى كالدين القوي ، وفي المحيط فالزكاة على الواهب ; لأن قبض الموهوب له كقبض صاحب المال ا هـ . : رجل وهب دينا له على رجل ووكل بقبضه فلم يقبضه حتى وجبت فيه الزكاة
ثم اعلم أن هذا كله فيما إذا لم يبرئ صاحب الدين منه أما إذا أبرأ المديون منه بعد الحول فإنه لا زكاة عليه فيه سواء كان ثمن مبيع أو قرضا أو غير ذلك ، صرح به قاضي خان في فتاويه لكن قيده في المحيط بكون المديون معسرا أما لو كان موسرا فهو استهلاك ، وهو تقييد حسن يجب حفظه ، وذكر في القنية أن فيه روايتين ، ولم يبين المصنف رحمه الله ما يكون محلا للنماء التقديري من الأموال ، وحاصله أنها قسمان خلقي وفعلي فالخلقي الذهب والفضة ; لأنها تصلح للانتفاع بأعيانها في دفع الحوائج الأصلية فلا حاجة إلى الإعداد من العبد للتجارة بالنية ; إذ النية للتعيين ، وهي متعينة للتجارة بأصل الخلقة فتجب الزكاة فيها نوى التجارة ، أو لم ينو أصلا ، أو نوى النفقة ، والفعلي ما سواهما فإنما يكون الإعداد فيها للتجارة بالنية إذا كانت عروضا ، وكذا في المواشي لا بد فيها من نية الإسامة ; لأنها كما تصلح للدر والنسل تصلح للحمل وللركوب ثم نية التجارة والإسامة لا تعتبر ما لم تتصل بفعل التجارة والإسامة ثم نية التجارة قد تكون صريحا ، وقد تكون دلالة فالصريح أن ينوي عند عقد التجارة أن يكون المملوك به للتجارة سواء كان ذلك العقد شراء أو إجارة ، وسواء كان ذلك الثمن من النقود أو من العروض فلو نوى أن يكون للبذلة لا يكون للتجارة وإن كان الثمن من النقود ، فخرج ما ملكه بغير عقد كالميراث فلا تصح فيه نية التجارة إذا كان من غير النقود إلا إذا تصرف فيه فحينئذ تجب الزكاة كذا في شرح المجمع للمصنف
وفي الخانية : ولو ورث سائمة كان عليه الزكاة إذا حال الحول نوى ، أو لم ينو ، وخرج أيضا ما إذا دخل من أرضه حنطة تبلغ قيمتها قيمة نصاب ، ونوى أن يمسكها ويبيعها وأمسكها حولا لا تجب فيها الزكاة كما في الميراث ، وكذا لو كان فيها العشر لا غير كما لو اشترى أرض خراج أو عشر للتجارة لم يكن عليه زكاة التجارة إنما عليه حق الأرض من العشر أو الخراج ، وخرج ما ملكه بعقد ليس فيه مبادلة أصلا كالهبة والوصية والصدقة أو ملكه بعقد هو مبادلة مال بغير مال كالمهر ، وبدل الخلع والصلح عن دم العمد وبدل العتق فإنه لا تصح فيه نية التجارة ، وهو الأصح ; لأن التجارة كسب المال ببدل هو مال ، والقبول هنا اكتساب المال بغير بدل أصلا فلم يكن من باب التجارة فلم تكن النية مقارنة لعمل التجارة كذا صححه في البدائع وقيدنا ببدل الصلح عن دم العمد ; لأن العبد للتجارة إذا قتله عبد خطأ ، ودفع به فإن المدفوع يكون للتجارة كذا في الخانية ولو اشترى بذرا للتجارة ، وزرعها في أرض عشر استأجرها اختلف المشايخ استقرض عروضا ، ونوى أن تكون للتجارة
والظاهر أنها تكون للتجارة وإليه أشار في الجامع كما في البدائع ولو لا تصير للتجارة ما لم يبعها فيكون بدلها للتجارة ; لأن التجارة عمل فلا تتم بمجرد النية بخلاف ما إذا كان للتجارة فنوى أن تكون للبذلة خرج عن التجارة بالنية ، وإن لم يستعمله ; لأنها ترك العمل فتتم بها قال اشترى عروضا للبذلة [ ص: 226 ] والمهنة ثم نوى أن تكون للتجارة بعد ذلك الشارح الزيلعي ونظيره المقيم والصائم والكافر والعلوفة والسائمة حيث لا يكون مسافرا ، ولا مفطرا ، ولا مسلما ، ولا سائمة ، ولا علوفة بمجرد النية ويكون مقيما وصائما وكافرا بالنية ا هـ .
فقد سوى بين العلوفة والسائمة ، والمنقول في النهاية وفتح القدير أن العلوفة لا تصير سائمة بمجرد النية ، والسائمة تصير علوفة بمجردها ، وقد ظهر لي التوفيق بينهما أن كلام الشارح محمول على ما إذا نوى أن تكون السائمة علوفة ، وهي في المرعى ، ولم يخرجها بعد فإنها بهذه النية لا تكون علوفة بل لا بد من العمل ، وهو إخراجها من المرعى ، ولم يرد بالعمل أن يعلفها ، وكلام غيره محمول على ما إذا نوى أن تكون علوفة بعد إخراجها من المرعى ، وهذا التوفيق يدل عليه ما في النهاية في فليراجع تعريف السائمة
وأما الدلالة فهي أن يشتري عينا من الأعيان بعرض التجارة أو يؤاجر داره التي للتجارة بعرض من العروض فيصير للتجارة ، وإن لم ينو التجارة صريحا لكن ذكر في البدائع الاختلاف في بدل منافع عين معدة للتجارة ففي كتاب الزكاة من الأصل أنه للتجارة بلا نية ، وفي الجامع ما يدل على التوقف على النية فكان في المسألة روايتان ، ومشايخ بلخ كانوا يصححون رواية الجامع ; لأن العين ، وإن كانت للتجارة لكن قد يقصد ببدل منافعها المنفعة فيؤاجر الدابة لينفق عليها والدار للعمارة فلا تصير للتجارة مع التردد إلا بالنية ا هـ ثم اعلم أنه يستثنى من اشتراط نية التجارة للوجوب ما يشتريه المضارب فإنه يكون للتجارة ، وإن لم ينوها أو نوى الشراء للنفقة حتى لو كان الكل للتجارة ، وتجب الزكاة في الكل ; لأنه لا يملك إلا الشراء للتجارة بمالها ، وإن نص على النفقة بخلاف المالك إذا اشترى عبيدا بمال المضاربة ثم اشترى لهم كسوة وطعاما للنفقة فإنه لا يكون للتجارة ; لأنه يملك الشراء لغير التجارة كذا في البدائع ويدخل في نية التجارة ما يشتريه الصباغ بنية أن يصبغ به للناس بالأجرة فإنه يكون للتجارة بهذه النية ، وضابطه أن ما يبقى أثره في العين فهو مال التجارة ، وما لا يبقى أثره فيها فليس منه كصابون الغسال كما قدمناه ولم يذكر اشترى عبيدا للتجارة ثم اشترى لهم طعاما وثيابا للنفقة المصنف من شرائط الوجوب العلم به حقيقة ، أو حكما بالكون في دار الإسلام كما في البدائع ; لأنه شرط لكل عبادة ، وقد يقال : إنه ذكر الشروط العامة هنا كالإسلام والتكليف فينبغي ذكره أيضا ا هـ .