( باب الركاز )
هو المعدن أو الكنز ; لأن كلا منهما مركوز في الأرض ، وإن اختلف الراكز وشيء راكز ثابت كذا في
[ ص: 252 ] المغرب فظاهره أنه حقيقة فيهما مشتركا معنويا وليس خاصا بالدفين ، ولو دار الأمر فيه بين كونه مجازا فيه ، أو متواطئا ; إذ لا شك في صحة إطلاقه على المعدن كان التواطؤ متعينا وبه اندفع ما في غاية البيان والبدائع من أن الركاز حقيقة في المعدن ; لأنه خلق فيها مركبا ، وفي الكنز مجاز بالمجاورة ، وفي المغرب عدن بالمكان أقام به ، ومنه المعدن لما خلقه الله - تعالى - في الأرض من الذهب والفضة ; لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء ، وقيل لإنبات الله فيه جوهرهما وإثباته إياه في الأرض حتى عدن فيها أي ثبت . ا هـ .
( قوله
nindex.php?page=treesubj&link=24336_2930_2929_2918خمس معدن نقد ونحو حديد في أرض خراج أو عشر ) لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725 : وفي الركاز الخمس } ، وهو من الركز فانطلق على المعدن ولأنه كان في أيدي الكفرة وحوته أيدينا غلبة فكان غنيمة ، وفي الغنيمة الخمس إلا أن للغانمين يدا حكمية لثبوتها على الظاهر وأما الحقيقة فللواجد فاعتبرنا الحكمية في حق الخمس والحقيقة في حق الأربعة الأخماس حتى كانت للواجد ، والنقد الذهب والفضة ونحو الحديد كل جامد ينطبع بالنار كالرصاص والنحاس والصفر ، وقيد به احترازا عن المائعات كالقار والنفط والملح ، وعن الجامد الذي لا ينطبع كالجص والنورة والجواهر كالياقوت والفيروزج والزمرد فلا شيء فيها وأطلق في الواجد فشمل الحر والعبد والمسلم والذمي البالغ والصبي والذكر والأنثى كما في المحيط
وأما الحربي المستأمن إذا عمل بغير إذن الإمام لم يكن له شيء ; لأنه لا حق له في الغنيمة ، وإن عمل بإذنه فله ما شرط لأنه استعمله فيه وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=26901عمل رجلان في طلب الركاز وأصابه أحدهما يكون للواجد ; لأنه عليه الصلاة والسلام جعل أربعة أخماسه للواجد ، وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=26089استأجر أجراء للعمل في المعدن فالمصاب للمستأجر ; لأنهم يعملون له ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : لو
nindex.php?page=treesubj&link=2949_2928وجد ركازا فباعه بعوض فالخمس على الذي في يده الركاز ويرجع على البائع بخمس الثمن كذا في المحيط ، وفي المبسوط ومن أصاب ركازا وسعه أن يتصدق بخمسه على المساكين فإذا أطلع الإمام على ذلك أمضى له ما صنع ; لأن الخمس حق الفقراء وقد أوصله إلى مستحقه ، وهو في إصابة الركاز غير محتاج إلى الحماية فهو كزكاة الأموال الباطنة ا هـ وفي البدائع : ويجوز دفع الخمس إلى الوالدين والمولودين الفقراء كما في الغنائم ، ويجوز للواجد أن يصرفه إلى نفسه إذا كان محتاجا ، ولا تغنيه الأربعة الأخماس بأن كان دون المائتين أما إذا بلغ مائتين فإنه لا يجوز له تناول الخمس ا هـ .
وهو دليل على وجوب الخمس مع فقر الواجد وجواز صرفه لنفسه ، ولا يقال : ينبغي أن لا يجب الخمس مع الفقر كاللقطة ; لأنا نقول : إن النص عام فيتناوله كذا في المعراج ، وقيد بكونه في أرض خراج أو عشر ليخرج الدار فإنه لا شيء فيها لكن ورد عليه الأرض التي لا وظيفة فيها كالمفازة ; إذ يقتضي أنه لا شيء في المأخوذ منها ، وليس كذلك فالصواب أن لا يجعل ذلك لقصد الاحتراز بل للتنصيص على أن وظيفتهما المستمرة لا تمنع الأخذ مما يوجد فيها كذا في فتح القدير ، وفي المغرب خمس القوم إذا أخذ خمس أموالهم من باب طلب ا هـ .
واستشهد له في ضياء الحلوم بقول
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم الطائي ربعت في الجاهلية وخمست في الإسلام والخمس بضمتين وقد تسكن الميم وبه قرئ في قوله تعالى - - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41فأن لله خمسه } ا هـ .
فعلم أن قوله في المختصر : خمس بتخفيف الميم ; لأنه متعد فجاز بناء المفعول منه ، وبه اندفع قول من قرأه خمس بتشديد الميم ظنا منه
[ ص: 253 ] أن المخفف لازم لما علمت أن المخفف متعد ، وأنه من باب طلب
( بَابُ الرِّكَازِ )
هُوَ الْمَعْدِنُ أَوْ الْكَنْزُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَرْكُوزٌ فِي الْأَرْضِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الرَّاكِزُ وَشَيْءٌ رَاكِزٌ ثَابِتٌ كَذَا فِي
[ ص: 252 ] الْمُغْرِبِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقِيقَةً فِيهِمَا مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا وَلَيْسَ خَاصًّا بِالدَّفِينِ ، وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَجَازًا فِيهِ ، أَوْ مُتَوَاطِئًا ; إذْ لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْدِنِ كَانَ التَّوَاطُؤُ مُتَعَيِّنًا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الرِّكَازَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْدِنِ ; لِأَنَّهُ خُلِقَ فِيهَا مُرَكَّبًا ، وَفِي الْكَنْزِ مَجَازٌ بِالْمُجَاوَرَةِ ، وَفِي الْمُغْرِبِ عَدَنَ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ ، وَمِنْهُ الْمَعْدِنُ لِمَا خَلَقَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي الْأَرْضِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ; لِأَنَّ النَّاسَ يُقِيمُونَ فِيهِ الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ ، وَقِيلَ لِإِنْبَاتِ اللَّهِ فِيهِ جَوْهَرَهُمَا وَإِثْبَاتِهِ إيَّاهُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى عَدَنَ فِيهَا أَيْ ثَبَتَ . ا هـ .
( قَوْلُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=24336_2930_2929_2918خُمُسُ مَعْدِنِ نَقْدٍ وَنَحْوِ حَدِيدٍ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725 : وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ } ، وَهُوَ مِنْ الرِّكْزِ فَانْطَلَقَ عَلَى الْمَعْدِنِ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي أَيْدِي الْكَفَرَةِ وَحَوَتْهُ أَيْدِينَا غَلَبَةً فَكَانَ غَنِيمَةً ، وَفِي الْغَنِيمَةِ الْخُمُسُ إلَّا أَنَّ لِلْغَانِمِينَ يَدًا حُكْمِيَّةً لِثُبُوتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ وَأَمَّا الْحَقِيقَةُ فَلِلْوَاجِدِ فَاعْتَبَرْنَا الْحُكْمِيَّةَ فِي حَقِّ الْخُمُسِ وَالْحَقِيقَةَ فِي حَقِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ حَتَّى كَانَتْ لِلْوَاجِدِ ، وَالنَّقْدُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَنَحْوُ الْحَدِيدِ كُلُّ جَامِدٍ يَنْطَبِعُ بِالنَّارِ كَالرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالصُّفْرِ ، وَقُيِّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَنْ الْمَائِعَاتِ كَالْقَارِ وَالنَّفْطِ وَالْمِلْحِ ، وَعَنْ الْجَامِدِ الَّذِي لَا يَنْطَبِعُ كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالزُّمُرُّدِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَأَطْلَقَ فِي الْوَاجِدِ فَشَمِلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ وَالْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ الْبَالِغَ وَالصَّبِيَّ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ
وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا عَمِلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ; لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ ، وَإِنْ عَمِلَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ مَا شَرَطَ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26901عَمِلَ رَجُلَانِ فِي طَلَبِ الرِّكَازِ وَأَصَابَهُ أَحَدُهُمَا يَكُونُ لِلْوَاجِدِ ; لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَعَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِلْوَاجِدِ ، وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26089اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ لِلْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ فَالْمُصَابُ لِلْمُسْتَأْجِرِ ; لِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2949_2928وَجَدَ رِكَازًا فَبَاعَهُ بِعِوَضٍ فَالْخُمُسُ عَلَى الَّذِي فِي يَدِهِ الرِّكَازُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ، وَفِي الْمَبْسُوطِ وَمَنْ أَصَابَ رِكَازًا وَسِعَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمُسِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا أَطْلَعَ الْإِمَامَ عَلَى ذَلِكَ أَمْضَى لَهُ مَا صَنَعَ ; لِأَنَّ الْخُمُسَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ وَقَدْ أَوْصَلَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ ، وَهُوَ فِي إصَابَةِ الرِّكَازِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْحِمَايَةِ فَهُوَ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ا هـ وَفِي الْبَدَائِعِ : وَيَجُوزُ دَفْعُ الْخُمُسِ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ الْفُقَرَاءِ كَمَا فِي الْغَنَائِمِ ، وَيَجُوزُ لِلْوَاجِدِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا ، وَلَا تُغْنِيهِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ بِأَنْ كَانَ دُونَ الْمِائَتَيْنِ أَمَّا إذَا بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ الْخُمُسِ ا هـ .
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْخُمُسِ مَعَ فَقْرِ الْوَاجِدِ وَجَوَازِ صَرْفِهِ لِنَفْسِهِ ، وَلَا يُقَالُ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الْخُمُسُ مَعَ الْفَقْرِ كَاللُّقَطَةِ ; لِأَنَّا نَقُولُ : إنَّ النَّصَّ عَامٌّ فَيَتَنَاوَلُهُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ ، وَقُيِّدَ بِكَوْنِهِ فِي أَرْضٍ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ لِيُخْرِجَ الدَّارَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا لَكِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا وَظِيفَةَ فِيهَا كَالْمَفَازَةِ ; إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْهَا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَجْعَلَ ذَلِكَ لِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ بَلْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ وَظِيفَتَهُمَا الْمُسْتَمِرَّةَ لَا تَمْنَعُ الْأَخْذَ مِمَّا يُوجَدُ فِيهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، وَفِي الْمُغْرِبِ خَمَسَ الْقَوْمَ إذَا أَخَذَ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ مِنْ بَابِ طَلَبَ ا هـ .
وَاسْتَشْهَدَ لَهُ فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ رَبَّعْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخَمَسْتُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْخُمُسُ بِضَمَّتَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ الْمِيمُ وَبِهِ قُرِئَ فِي قَوْله تَعَالَى - - {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ } ا هـ .
فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ : خَمَسَ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ ; لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَجَازَ بِنَاءُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ قَرَأَهُ خَمَّسَ بِتَشْدِيدِ الْمِيم ظَنًّا مِنْهُ
[ ص: 253 ] أَنَّ الْمُخَفَّفَ لَازِمٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُخَفَّفَ مُتَعَدٍّ ، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ طَلَبَ