الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ثم إلى مكة يوم النحر أو غدا أو بعده فطف للركن سبعة أشواط بلا رمل وسعي إن قدمتهما وإلا فلا ) أي ثم رح في واحد من هذه الأيام الثلاثة لأداء الركن الثاني من ركني الحج ، وقد قدمنا أن الركن أكثرها وهو أربعة أشواط على الصحيح ، وما زاد عليها واجب ينجبر بالدم ، وأول وقت صحته إذا طلع الفجر يوم النحر ولو قبل الرمي والحلق ، وليس له وقت آخر تفوت الصحة بفوته بل وقته العمر ، وأما الواجب فهو فعله في يوم من الأيام الثلاثة عند أبي حنيفة حتى لو أخره عنها مع الإمكان لزمه دم وأفضلها أولها كالأضحية ، وقد ورد في الحديث { أنه عليه السلام طاف بعد صلاة الظهر يوم النحر للركن } ، وأفاد أنه مخير في تقديم الرمل والسعي إذا طاف للقدوم وفي تأخيرهما لطواف الركن ، وأنهما لا يتكرران في الحج ولم يتكلم على الأفضلية ، وقالوا الأفضل تأخيرهما لطواف الركن ليصيرا تبعا للفرض دون السنة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قول المصنف فطف للركن سبعة أشواط ) قال الرملي : ويسمى طواف الزيارة وطواف الإفاضة وطواف يوم النحر وطواف الركن كما في العيني ، وسيأتي أن طواف الصدر يسمى طواف الإفاضة ; لأنه لأجله مفيض إلى البيت من منى ا هـ .

                                                                                        هذا وشرائط صحته الإسلام وتقديم الإحرام والوقوف والنية وإتيان أكثره والزمان ويوم النحر بعده ، والمكان وهو حول البيت داخل المسجد وكونه بنفسه ولو محمولا فلا تجوز النيابة إلا لمغمى عليه وواجباته المشي للقادر والتيامن وإتمام السبعة والطهارة عن الحدث وستر العورة وفعله في أيام النحر ، وأما الترتيب بينه وبين الرمي والحلق فسنة ولا مفسد للطواف ولا فوات قبل الممات ولا يجزئ عنه البدل إلا إذا مات بعد الوقوف بعرفة وأوصى بإتمام الحج تجب البدنة لطواف الزيارة وجاز حجه . ا هـ . لباب .

                                                                                        أي صح وكمل لكن في مناسك الطرابلسي عن محمد فيمن مات بعد وقوفه بعرفة وأوصى بإتمام الحج يذبح عنه بدنة للمزدلفة والرمي والزيارة والصدر وجاز حجه فهذا دليل على أنه إذا مات بعرفة بعد تحقق الوقوف تجبر عن بقية أعماله البدنة فلا ينافي ما في المبسوط أنه تجب البدنة لطواف الزيارة إذا فعل بقية الأعمال إلا الطواف ويؤيده ما في قاضي خان والسراجية أن الحاج عن الميت إذا مات بعد الوقوف بعرفة جاز عن الميت ; لأنه أدى ركن الحج أي ركنه الأعظم الذي لا يفوت إلا بفوته لقوله صلى الله عليه وسلم { الحج عرفة } وهو لا ينافي ما سبق من وجوب البدنة فإنه يجب من مال الميت حينئذ ا هـ . شارح لباب

                                                                                        ( قوله وقد ورد في الحديث إلخ ) قال في اللباب وإذا فرغ من الطواف رجع إلى منى فيصلي الظهر بها وقال شارحه أي بمنى أو بمكة على خلاف فيها ذكره ابن الهمام والثاني أظهر نقلا وعقلا أما النقل فلما ورد في الكتب الستة أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة ، وأما العقل فلأنه عليه السلام لا شك أنه أسفر جدا بالمشعر الحرام ثم أتى منى في الضحوة فنحر بيده الشريفة بدنه ثلاثا وستين بدنة وعلي رضي الله عنه أكمل المائة ثم قطعت من كل واحدة قطعة فطبخت فأكل منها ثم حلق فأتى مكة وطاف وسعى فلا بد من دخول وقت الظهر حينئذ ، والصلاة بمكة أفضل فلا وجه لعدوله إلى منى ثم لا يعارض حديث الجماعة حديث مسلم بانفراده أنه عليه السلام صلى الظهر بمنى قال ابن الهمام ولا شك أن أحد الخبرين وهم ، وإذا تعارضا ولا بد من صلاة الظهر في أحد المكانين ففي مكة بالمسجد الحرام أولى لثبوت مضاعفة الفرائض فيه ولو تجشمنا الجمع حملنا فعله بمنى على الإعادة بسبب اطلع عليه موجب نقصان المؤدى أو لا ا هـ .

                                                                                        ( قوله وأفاد أنه مخير في تقديم الرمل والسعي إلخ ) قال الرملي قدم عن التحفة أفضلية التأخير ، وأقول : فلو لم يفعلهما في هذين الطوافين فعلهما في طواف الصدر ; لأن السعي غير مؤقت كما [ ص: 374 ] سيصرح به في الجنايات ، وصرحوا بأن الرمل بعد كل طواف يعقبه سعي فبه علم أنه يأتي بهما في الصدر لو لم يقدمهما ، ولم أره صريحا وإن علم من إطلاقهم تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية