الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وهو أن يهل بالعمرة والحج من الميقات ويقول اللهم إني أريد العمرة والحج فيسرهما لي وتقبلهما مني ) أي القران أن يلبي بالنسكين مع النية حقيقة أو حكما من غير مكة وما كان في حكمها وإنما عبر بالإهلال للإشارة إلى أن رفع الصوت بها مستحب ، وأراد بالميقات ما ذكرنا ، وإنما ذكره للإشارة إلى أن القارن لا يكون إلا آفاقيا ، وهو أحسن مما ذكره الشارح من أنه قيد اتفاقي فإنه لو أحرم بهما من دويرة أهله أو بعد الخروج قبل الميقات أو داخله فإنه يكون قارنا وقلنا حقيقة أو حكما ليدخل ما إذا أحرم بالعمرة ثم أحرم بالحج قبل أن يطوف لها الأكثر أو أحرم بالحج ثم أحرم بالعمرة قبل أن يطوف له ، وإن كان مسيئا في الثاني كما قدمناه لوجود الجمع بينهما في الإحرام حكما ، والمراد من قوله ويقول النية لا التلفظ إن عطفه على يهل فيكون منصوبا من تمام الحد ، وإن رفع كان ابتداء كلام بيانا للسنة فإن السنة للقارن التلفظ بها وتقديم العمرة في الذكر مستحب ; لأن الواو للترتيب ولم يشترط المصنف وقوع الإحرام في أشهر الحج أو طواف العمرة فيها كما هو شرط في التمتع لما روي عن محمد أنه لو طاف لعمرته في رمضان فهو قارن ولا دم عليه إن لم يطف لعمرته في أشهر الحج فتوهم بعضهم من هذه الرواية الفرق بين القران والتمتع فيه ، وليس كما توهموا فإن القران في هذه الرواية بمعنى الجمع لا القران الشرعي المصطلح عليه بدليل أنه نفى لازم القران بالمعنى الشرعي ، وهو لزوم الدم شكرا ونفي اللازم الشرعي نفي للملزوم الشرعي .

                                                                                        والحاصل أن النسك المستعقب للدم شكرا هو ما تحقق فيه فعل المشروع المرتفق به الناسخ لما كان في الجاهلية ، وذلك بفعل العمرة في أشهر الحج فإن كان مع الجمع في الإحرام قبل أكثر طواف العمرة فهو المسمى بالقران ، وإلا فهو التمتع بالمعنى العرفي وكلاهما التمتع بالإطلاق القرآني وعرف الصحابة ، وهو في الحقيقة إطلاق اللغة لحصول الرفق به هذا كله على أصول المذهب كذا في فتح القدير .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله إن عطفه على يهل إلخ ) يعني أن المصنف إن عطف قوله ويقول على قوله يهل فيكون منصوبا من تمام الحد كان المراد بالقول النية لا التلفظ ; لأنه غير شرط قال في النهر : وأقول : فيه نظر ظاهر ; لأنه وإن أريد بالقول النفسي لا يتم لما مر من أن الإرادة غير النية فالحق أنه ليس من الحد في شيء ا هـ .

                                                                                        وأنت خبير بأنه لم يقل أن المراد من القول الإرادة حتى يرد عليه ذلك بل المراد منه النية نعم في جعل الشرط من تمام الحد نظر وهذا شيء آخر فتدبر .

                                                                                        ( قوله : لأن الواو للترتيب ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها ليست للترتيب وهو الصواب أي إن تقديم العمرة في الذكر إذا أحرم بهما معا وفي التلبية بعده ، والدعاء مستحب لا واجب ; لأن الواو لا تقتضي الترتيب . ( قوله لما روي عن محمد إلخ ) تعليل لقوله ولم يشترط بناء على ما توهمه البعض من أن المراد من القران معناه الاصطلاحي وسينبه المؤلف على رده هنا وفي باب التمتع ونبه عليه في الفتح أيضا في الموضعين ، وقال إن الحق اشتراط فعل أكثر العمرة في أشهر الحج . ( قوله لا القران الشرعي إلخ ) قال في شرح اللباب والذي يظهر لي أنه قارن بالمعنى الشرعي أيضا كما هو المتبادر من إطلاق قول محمد وغيره أنه قارن وبدليل أنه إذا ارتكب محظورا يتعدد عليه الجزاء ، وغايته أنه ليس عليه هدي شكر ; لأن أداءه لم يقع على الوجه المسنون المقرر في الشريعة من إيقاع أكثر العمرة في [ ص: 386 ] الأشهر فإنه من وجه في حكم من أفرد بعمرة في غير الأشهر ثم أفرد بالحج فإنه ليس بقارن إجماعا . ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية