واختلف في تفسير الدلو الوسط فقيل هي الدلو المستعمل في كل بلد وقيل المعتبر في كل بئر دلوها ; لأن السلف لما أطلقوا انصرف إلى المعتاد واختاره في المحيط والاختيار والهداية وغيرها ، وهو ظاهر الرواية ; لأنه مذكور في الكافي للحاكم وقيل ما يسع صاعا ، وهو ثمانية أرطال وقيل عشرة أرطال وقيل غير ذلك والذي يظهر أن البئر إما أن يكون لها دلو أو لا ، فإن كان لها دلو اعتبر به ، وإلا اتخذ لها دلو يسع صاعا ، وهو ظاهر ما في الخلاصة وشرح الطحاوي والسراج الوهاج وحينئذ فينبغي أن يحمل قول من قدر الدلو على ما إذا لم يكن للبئر دلو كما لا يخفى فلو نزح القدر الواجب فيها بحسب دلوها أو دلوهم بدلو واحد كبير أجزأ وحكم بطهارتها ، وهو ظاهر المذهب ، وكان الحسن بن زياد يقول لا تطهر إلا بنزح الدلاء المقدرة الواجبة ; لأن عند تكرار النزح ينبع الماء من أسفله ويؤخذ من أعلاه فيكون كالجاري ، وهذا لا يحصل بدلو واحد ، وإن كان عظيما كذا في البدائع ونقله في التبيين والنهاية عن زفر قلنا قد حصل المقصود ، وهو إخراج القدر الواجب واعتبار معنى الجريان ساقط ولهذا لا يشترط التوالي في النزح حتى لو نزح في كل يوم دلو جاز ويتفرع على عدم اشتراط التوالي أنه إذا نزح البعض ثم ازداد في الغد قيل ينزح كله وقيل مقدار البقية هذا مع أن في اشتراط التوالي خلافا نقله في معراج الدراية لكن المختار عدم اشتراطه ، وأنه إذا ازداد في اليوم الثاني لا ينزح إلا ما بقي إليه أشار في [ ص: 125 ] الخلاصة وأشار المصنف رحمه الله بقوله بموت نحو فأرة إلى أن ما يعادل الفأرة في الجثة حكمه حكمها وأورد عليه سؤالا وجوابا في المستصفى فقال : فإن قيل قد مر أن مسائل الآبار مبنية على اتباع الآثار والنص ورد في الفأرة والدجاجة والآدمي وقد قيس ما عادلها بها قلنا بعدما استحكم هذا الأصل صار كالذي ثبت على وفق القياس في حق التفريع عليه كما في الإجارة وسائر العقود التي يأبى القياس جوازها ا هـ .
ولا يخفى ما فيه ، فإنه ظاهر في أن للرأي مدخلا في بعض مسائل الآبار ، وليس كذلك فالأولى أن يقال إن هذا إلحاق بطريق الدلالة لا بالقياس كما اختاره في معراج الدراية .


