( قوله : وفي أخذ شاربه حكومة عدل ) مخالف لما أفاده أولا بقوله : وإلا تصدق فإن الشارب بعض اللحية ، وهو إذا كان أقل من الربع ففيه الصدقة ، ومبني على ضعيف ، وهو قول محمد في تطييب بعض العضو حيث قال : يجب بقدره من الدم ، وأما المذهب فوجوب الصدقة فالحاصل كما في المحيط أن في حلق الشارب ثلاثة أقوال المذهب وجوب الصدقة كما ذكره في الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد وصححه في غاية البيان والمبسوط ; لأنه تبع للحية ، وهو قليل ; لأنه عضو صغير ، وسواء حلقه كله أو بعضه والقول الثاني ما ذكره في الكتاب تبعا لما في الهداية أنه ينظر إلى الشارب كم يكون من ربع اللحية فيلزمه من الصدقة بقدره حتى لو كان مثل ربع ربعها لزمه ربع قيمة الشاة أو ثمنها فثمنها ، وفي فتح القدير والواجب أن ينظر إلى نسبة المأخوذ من ربع اللحية معتبرا معها الشارب كما يفيده ما في [ ص: 12 ] المبسوط من كون الشارب طرفا من اللحية هو معها عضو واحد لا أنه ينسب إلى ربع اللحية غير معتبر الشارب معها فعلى هذا إنما يجب ربع قيمة الشاة إذا بلغ المأخوذ من الشارب ربع المجموع من اللحية مع الشارب لا دونه . ا هـ .
القول الثالث لزوم الدم بحلقه ; لأنه مقصود بالحلق يفعله الصوفية وغيرهم ، وقد ظن صاحب الهداية من تعبير محمد في الجامع الصغير هنا بالأخذ أن السنة قص الشارب لا حلقه ردا على الطحاوي القائل بسنية الحلق ، وليس كما ظن ; لأن محمدا لم يقصد هنا بيان السنة ، وإنما قصد بيان حكم هذه الجناية بإزالة الشعر بأي طريق كان ; ولهذا ذكر الحلق في الإبط واختار في الهداية سنية النتف لا الحلق ; ولأن الأخذ أعم من الحلق ; لأن الحلق أخذ ، وليس القص متبادرا من الأخذ والوارد في الصحيحين { أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى } ، وهو المبالغة في القطع فبأي شيء حصل حصل المقصود غير أنه بالحلق بالموسى أيسر منه بالقصة فلذا قال الطحاوي : الحلق أحسن من القص ، وقد يكون مثله بسبب بعض الآلات الخاصة بقص الشارب ، وأما ذكر القص في بعض الأحاديث فالمراد منه المبالغة في الاستئصال وبما قررناه اندفع ما في البدائع من أن الصحيح أن السنة فيه القص ، وإعفاء اللحية تركها حتى تكث وتكثر ، والسنة قدر القبضة فما زاد قطعه .
[ ص: 12 ]


