( قوله : وغرم بأكله لا محرم آخر ) للفرق بينهما ، وهي أن حرمته على الذابح من جهتين كونه ميتة وتناوله محظور إحرامه ; لأن إحرامه هو [ ص: 40 ] الذي أخرج الصيد عن الحلية والذابح عن الأهلية في حق الذكاة فأضيفت حرمة التناول إلى إحرامه فوجبت عليه قيمة ما أكله ، وأما المحرم الآخر فإنما هي حرام عليه من جهة واحدة ، وهو كونه ميتة فلم يتناول محظور إحرامه ، ولا شيء عليه بأكل الميتة سوى التوبة والاستغفار وبهذا اندفع قولهما بعدم الفرق قياسا على أكل الميتة أطلقه فشمل ما إذا أكل منه قبل أداء الجزاء أو بعده لكن إن كان قبله دخل ضمان ما أكل في ضمان الصيد فلا يجب له شيء بانفراده ، وقيد بأكل المحرم ; لأن الحلال لو ذبح صيدا في الحرم فأدى جزاءه ثم أكل منه لا شيء عليه اتفاقا ; لأن وجوب الجزاء لفوات الأمن الثابت بالحرم للصيد لا للحمه ، وقيد بأكله أي أكل لحمه ; لأن مأكول المحرم لو كان بيض صيد بعد ما كسره ، وأدى جزاءه لا شيء عليه اتفاقا كما قدمناه عن المحيط ; لأن وجوب الجزاء فيه باعتبار أنه أصل الصيد وبعد الكسر انعدم هذا المعنى ، وفي فتح القدير ويكره بيعه فإن باعه جاز ويجعل ثمنه في الفداء إن شاء ، وكذا شجر الحرم واللبن . ا هـ .
وأشار إلى أن مأكوله لو كان لحم جزاء الصيد فإنه يضمن قيمة ما أكل بالأولى ، وهو متفق عليه ، وقد قدمناه ، وأراد بالأكل الانتفاع بلحمه فشمل ما إذا أطعمه لكلابه فإنه يضمن قيمته ، وفي المحيط محرم وهب لمحرم صيدا فأكله قال أبو حنيفة على الآكل ثلاثة أجزية قيمة للذبح ، وقيمة للأكل المحظور ، وقيمة للواهب ; لأن الهبة كانت فاسدة ، وعلى الواهب قيمته ، وقال محمد على الآكل قيمتان قيمة للواهب ، وقيمة للذبح ، ولا شيء للأكل عنده . ا هـ .
وهو صريح في لزوم قيمتين على المحرم بقتل الصيد المملوك كما ذكرناه أول الفصل .
[ ص: 40 ]


