الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الصيرفية سئل الفقيه أبو الليث عمن قال لجماعة : كل من كان له امرأة مطلقة فليصفق بيديه فصفقوا طلقن وقيل لا ، وفيها قالت له طلقني فقال أطلقك وقع عند مشايخ سمرقند ومنه الألفاظ المصحفة وهي خمسة : تلاق وتلاغ وطلاغ وطلاك وتلاك فيقع قضاء ولا يصدق إلا إذا أشهد على ذلك قبل التكلم بأن قال امرأتي تطلب مني الطلاق وأنا لا أطلق فأقول : هذا ولا فرق بين العالم ، والجاهل وعليه الفتوى ومنه ثلاث تطليقات عليك طلقت ثلاثا وكذا لو قال لعبده : العتاق عليك يعتق ولو قال لرجل عليك هذا العبد بألف فقال قبلت يكون بيعا كما في الخانية ، وفي فتح القدير لو قال عليك الطلاق أو لك اعتبرت النية وليس منه لله علي طلاق امرأتي فلا يلزمه شيء كما في الأصل واختلفوا فيما لو قال طلاقك علي واجب أو لازم أو ثابت أو فرض قيل يقع في الكل بلا نية وقيل لا ، وإن نوى وقيل نعم بالنية وصحح الصدر الشهيد في شرح المختصر عدمه في الكل عند الإمام وصحح في الواقعات الوقوع في الكل وفرق الفقيه أبو جعفر فأوقع في واجب ونفى في غيره كذا في الخانية ، وفي فتاوى الخاصي المختار الوقوع في الطلاق في الكل لأن الطلاق لا يكون واجبا أو ثابتا بل حكمه وحكمه لا يجب ولا يثبت إلا بعد الوقوع وفرق بينه وبين العتاق ، وفي فتح القدير .

                                                                                        وهذا يفيد أن ثبوته اقتضاء ويتوقف على نيته إلا أن يظهر فيه عرف فاش فيصير صريحا فلا يصدق قضاء في صرفه عنه ، وفيما بينه وبين الله تعالى إن قصده وقع وإلا لا فإنه يقال هذا الأمر علي واجب بمعنى ينبغي أن أفعله لا إني فعلته فكأنه قال ينبغي أن أطلقك ا هـ .

                                                                                        ، والمعتمد عدم الوقوع في الكل لأنه المذكور في الأصل ، وفي البزازية ، والمختار عدم الوقوع ، وفي فتح القدير ، وقد تعورف في عرفنا في الحلف الطلاق يلزمني لا أفعل كذا يريد إن فعلته لزم الطلاق ووقع فوجب أن يجري عليهم لأنه صار بمنزلة قوله : إن فعلت كذا فأنت طالق وكذا تعارف أهل الأرياف الحلف بقوله علي الطلاق [ ص: 272 ] لا أفعل فإن قلت الكتابة من الصريح أو من الكناية قلت إن كانت على وجه الرسم معنونة فهي صريح وإلا فكناية ، وإن كتب على الهواء أو الماء فليس صريحا ولا كناية وكذا لا يقع بالنية وقدمناه ، وفي البزازية : من فصل الاختيار قال للكاتب اكتب إني إذا خرجت من المصر بلا إذنها فهي طالق واحدة فلم تتفق الكتابة وتحقق الشرط وقع وأصله أن الأمر بكتابة الإقرار إقرار كتب أم لا ا هـ .

                                                                                        ومنه كوني طالقا أو أطلقي كما في الخانية ومثله قوله : لأمته كوني حرة تعتق كما في فتح القدير ومنه أخبرها بطلاقها بشرها بطلاقها احمل إليها طلاقها أخبرها أنها طالق قل لها إنها طالق فتطلق للحال ولا يتوقف على وصول الخبر إليها ولا على قول المأمور ذلك ولو قال قل لها أنت طالق لا يقع ما لم يقل لها المأمور ذلك ولو قال اكتب لها طلاقها فينبغي أن يقع الطلاق للحال كما لو قال احمل إليها طلاقها أو اكتب إلى امرأتي أنها طالق كذا في الخانية وليس منه نساء العالم أو الدنيا طوالق فلا تطلق امرأته بخلاف نساء هذه البلدة أو هذه القرية طوالق ، وفيها امرأته طلقت .

                                                                                        وعن أبي يوسف لو قال نساء بغداد طوالق ، وفيها امرأته لا تطلق ، وقال محمد تطلق كذا في الخانية وجزم بالوقوع في البزازية في نساء المحلة ، والدار ، والبيت وجعل الخلاف إنما هو في نساء القرية ومنه أنت طالق في قول الفقهاء أو القضاة أو المسلمين أو القرآن أو قول فلان القاضي أو المفتي فتطلق قضاء ولا تطلق ديانة إلا بالنية كما في الخانية ومنه أنت منى ثلاثا .

                                                                                        وإن لم ينو كما في الخانية وليس منه أحسبها مطلقة كما في الخانية وقيد بخطابها لأنه لو قال حلفت بالطلاق ولم يضف إليها لا يقع كما في البزازية [ ص: 273 ] من الأيمان وعبارتها قال لها : لا تخرجي من الدار إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لا يقع لعدم ذكر حلفه بطلاقها ويحتمل الحلف بطلاق غيرها فالقول له ا هـ .

                                                                                        وذكر اسمها أو إضافتها إليه كخطابه كما بينا فلو قال طالق فقيل له من عنيت فقال امرأتي طلقت امرأته ولو قال امرأة طالق أو قال طلقت امرأة ثلاثا وقال لم أعن به امرأتي يصدق ، ولو قال عمرة طالق ، وامرأته عمرة ، وقال لم أعن به امرأتي طلقت امرأته ولا يصدق قضاء وكذا لو قال بنت فلان طالق ذكر اسم الأب ولم يذكر اسم المرأة وامرأته بنت فلان وقال لم أعن امرأتي لا يصدق قضاء وتطلق امرأته وكذا لو لم ينسبها إلى أبيها وإنما نسبها إلى أمها أو ولدها تطلق كذا في الخانية زاد في فتح القدير أو نسبها إلى أختها .

                                                                                        وفي موضع آخر منها رجل قال امرأته عمرة بنت صبيح طالق وامرأته عمرة بنت حفص ولا نية له لا تطلق امرأته ، وإن كان صبيح زوج أم امرأته وكانت تنسب إليه وهي في حجره فقال ذلك وهو يعلم نسب امرأته أو لا يعلم طلقت امرأته ولا يصدق قضاء ، وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع إن كان يعرف نسبها ، وإن كان لا يعرف يقع ديانة ، وإن نوى امرأته في هذه الوجوه طلقت قضاء وديانة ولو قال امرأته الحبشية طالق وامرأته ليست بحبشية لا يقع ، ولو كان له امرأة بصيرة فقال امرأته هذه العمياء طالق وأشار إلى البصيرة تطلق البصيرة ولا تعتبر التسمية ولا الصفة مع الإشارة ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط الأصل أنه متى وجدت النسبة وغير اسمها بغيره لا يقع لأن التعريف لا يحصل بالتسمية متى بدل اسمها لأن بذلك الاسم تكون امرأة أجنبية ولو بدل اسمها وأشار إليها يقع ثم قال ولو قال امرأتي بنت صبيح أو بنت فلان التي في وجهها خال طالق ولم يكن لها خال وكذا التي هي عمياء أو زمنى وهي بصيرة صحيحة طالق طلقت وذكر العمى ، والزمن باطل لأنه عرف امرأته بالنسبة ووصفها بصفة فصح التعريف ولغت الصفة ولو قال امرأتي عمرة أم ولدي هذه الجالسة طالق ولا نية له ، والجالسة غيرها وليست بامرأته لم تطلق لأنه سماها وأشار ، والعبرة للإشارة لا للتسمية ا هـ .

                                                                                        ومنه في موضع آخر رجل له أربع نسوة فقال أنت ثم أنت ثم أنت ثم أنت طالق طلقت الرابعة لا غير لأنه ما أوصل الإيقاع إلا بالرابعة لأن كلمة ثم تقطع الوصل ا هـ .

                                                                                        وهو يفيد أنه لو كان بالواو وقع على الكل لأنها للوصل والجمع ، وصرح في الظهيرية بأن الواو كذلك وعبارتها ولو قال أنت طالق واحدة وواحدة تقع واحدة ولو قال أنت طالق وأنت يقع ثنتان ، وفي الفتاوى واحدة ولو قال : وأنت لامرأة أخرى يقع عليها ولو قال أنت طالق وأنتما للأولى ، والثانية يقع على الأولى ثنتان وعلى الثانية واحدة ، ولو قال أنت طالق أو لا بل أنت يقع واحدة ولو قال ثانيا أنت للأخرى لا يقع بدون النية فأما وأنت تقع واحدة كقوله هذه طالق وهذه يقع عليها ولو قال هذه وهذه طالق طلقتا ، ولو قال : هذه هذه طالق لم تطلق الأولى إلا أن يقول طالقان ، ولو قال : هذه طالق هذه لم يقع على الأخرى بدون النية ولو قال لهن أنت ثم أنت ثم أنت طالق طلقت الأخيرة وكذا بحرف الواو ولو قال طوالق طلقن ولو قدم الطلاق طلقن ولو قال هذه طالق معك لم يقع على المخاطبة إلا بالنية ا هـ .

                                                                                        وسيأتي ما إذا نادى امرأته فأجابه غيرها ، وفي وضع آخر منها لو قال امرأته طالق ولم يسم وله امرأة معروفة طلقت استحسانا ولو قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت لا يقبل قوله : إلا أن يقيم البينة ولو قال امرأته طالق وله امرأتان كلتاهما معروفة كان له أن يصرف الطلاق إلى أيتهما شاء ، وفي البزازية من الأيمان إن فعلت كذا فامرأته طالق وله امرأتان أو أكثر طلقت واحدة ، والبيان إليه .

                                                                                        وإن طلق إحداهما بائنا أو رجعيا ومضت عدتها ثم وجد الشرط تعينت الأخرى للطلاق ، وإن كان لم تنقض العدة فالبيان إليه ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية ولو قال لامرأتي : علي ألف درهم وله امرأة معروفة فقال لي امرأة [ ص: 274 ] أخرى ، والدين لها كان القول قوله ، ولو قال : امرأتي طالق ولها علي ألف درهم فالطلاق ، والدين للمعروفة ولا يصدق في الصرف إلى غيرها وكذا لو بدأ بالمال فقال لامرأتي علي ألف درهم وهي طالق ولو قال امرأتي طالق ثم قال لامرأتي علي ألف درهم ثم قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت صدق في المال ولا يصدق في الطلاق ، ولو كان له امرأتان لم يدخل بهما فقال امرأتي طالق امرأتي طالق ثانيا فإن قال أردت واحدة منهما لا يقبل وكذا لو قال امرأتي طالق وامرأتي طالق ثانيا وكذلك العتق ولو كان دخل بهما فقال امرأتي طالق امرأتي طالق كان له أن يوقع الطلاقين على إحداهما ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط لو قال فلانة طالق ولم يسم باسمها إن نوى امرأته يقع وإلا فلا لأن فلانة اسم مشترك يتناول امرأته ، والأجنبية وأطلق اللام في طالق فشمل ما إذا فتحها فإنه يقع لأنه مما يجري على لسان الناس خصوصا في الغضب ، والخصومة فلو كان تركيا وقال أردت به الطحال ، وفي التركية : يقال للطحال طالق لا يصدق قضاء كذا في الخانية .

                                                                                        ولو حذف القاف من طالق فقال أنت طال فإن كسر اللام وقع بلا نية وإلا فإن كان في مذاكرة الطلاق ، والغضب فكذلك وإلا توقف على النية كذا في الخانية ، وفي الجوهرة لو قال : أنت طال لم يقع إلا بالنية إلا في حال مذاكرة الطلاق أو الغضب ولو قال يا طال بكسر اللام وقع الطلاق ، وإن لم ينو ا هـ .

                                                                                        وهذا هو الظاهر ، وإن حذف اللام فقط فقال أنت طاق لا يقع ، وإن نوى ولو حذف اللام ، والقاف بأن قال أنت طا وسكت أو أخذ إنسان فمه لا يقع ، وإن نوى لأن العادة ما جرت بحذف حرفين من آخر الكلام وأطلق في طالق ومطلقة فشمل ما إذا سماها به فإنه يقع بخلاف ما إذا سماه حر أو ناداه ، والفرق أن الحر اسم صالح فصحت التسمية به وهو اسم لبعض الناس وأما المطلقة ، والطالق فليس اسما صالحا فلا تصح التسمية كذا ذكر المحبوبي في التلقيح وهو ضعيف ، والمعتمد ما في الخانية من عدم الفرق واعتمده في فتح القدير وروي فيه أثرا عن عمر رضي الله تعالى عنه ، وفي المحيط لو قالت المرأة أنا طالق فقال الزوج نعم كانت طالقا إن نوى به طلاقا مستقبلا ، وإن نوى به الخبر عما مضى وقع ، وفي البزازية قالت له أنا طالق فقال نعم طلقت ولو قالت طلقني فقال نعم لا ، وإن نوى ا هـ .

                                                                                        ولو قال لآخر هل : امرأتك إلا طالق فقال الزوج لا : تطلق ولو قال نعم لا تطلق لأن في الأول صار قائلا ليس امرأتي إلا طالق ، وفي الثاني صار قائلا نعم امرأتي غير طالق ا هـ .

                                                                                        وكذا في الخانية ولو قيل له ألست طلقتها فقال بلى طلقت ولو قال نعم لا تطلق والذي ينبغي عدم الفرق فإن [ ص: 275 ] أهل العرف لا يفرقون بل يفهمون منهما إيجاب المنفي كذا في فتح القدير .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : يريد إن فعلته لزم الطلاق ) أي فهو في معنى المعلق على شرط وهذا يفيد أن الإفتاء بالوقوع بشرط فعل المحلوف عليه لا مطلقا وهذا ، وإن كان الشرط فيه غير صريح لكنه في العرف ملاحظ وهو معتبر يدل عليه ما في الفصل التاسع عشر من التتارخانية في نوع في ذكر مسائل الشرط ، وفي الحاوي عن أبي الحسن الكرخي فيمن اتهم أنه لم يصل الغداة ، فقال عبده حر إنه قد صلاها ، وقد صلاها ، وقد تعارفوا شرطا في لسانهم هذا قال أجرى أمرهم على الشرط على تعارفهم كقوله : عبدي حر إن لم أكن صليت الغداة وصلاها لم يعتق كذا هنا ا هـ .

                                                                                        ويحتمل أنهم أجروه مجرى القسم مثل والله فعلت كذا وعليه جرى الحنابلة ( قوله : فوجب أن يجري عليهم . . . إلخ ) قال في النهر ويؤيده ما سيأتي في قوله كل حل علي حرام أو أنت علي حرام ، أو حلال الله علي حرام حيث قال المتأخرون : وقع بائنا بلا نية لغلبة الاستعمال بالعرف ، ولو قال علي الطلاق أو الطلاق يلزمني أو الحرام ولم يقل لا أفعل كذا لم أجده في كلامهم ، وفي الفتح : لو قال طلاقك علي لا يقع ، وفي تصحيح القدوري ومن الألفاظ المستعملة في مصرنا وريفنا : الطلاق يلزمني ، والحرام يلزمني ، وعلي الطلاق ، وعلي الحرام قال في المختارات ، وإن لم يكن له امرأة يكون يمينا فتجب الكفارة بالحنث ، وهكذا ذكر الشهيد في واقعاته وبه كان يفتي الإمام الأوزجندي وكان نجم الدين النسفي يقول إن الكلام يبطل ولا يجعل هذا يمينا ا هـ .

                                                                                        وفي حواشي مسكين ، وقد ظفر به شيخنا مصرحا به في كلام الغاية للسروجي معزيا إلى المغني ونصه : الطلاق يلزمني أو لازم لي صريح لأنه يقال لمن وقع طلاقه لزمه الطلاق وكذا قوله : علي الطلاق ا هـ .

                                                                                        ونقل السيد الحموي عن الغاية معزيا إلى الجواهر الطلاق لي لازم يقع بغير نية ا هـ .

                                                                                        قلت والذي يظهر لي جريان الخلاف المار في طلاقك علي واجب ونحوه هنا إذ لا فرق يظهر بين طلاقك علي واجب أو لازم وبين علي الطلاق أو الطلاق يلزمني فتأمل إلا أن يقال إن الوقوع في قوله علي الطلاق لا أفعل بسبب كونه في معنى إن فعلت كذا وقع الطلاق باعتبار العرف كما أفاده كلام الكمال فيكون حينئذ قوله : علي الطلاق فقط بمنزلة قوله : أنت طالق ولم يقل إن فعلت كذا فليتأمل وينبغي أن يدين إن أراد التعليق لا التنجيز ( قوله : وكذا تعارف أهل الأرياف ) أي الفلاحون قال في القاموس : الريف بالكسر : أرض فيها زرع وخصب وما قارب الماء من أرض العرب ، وفي حواشي المنح للرملي [ ص: 272 ] سأل شيخ الإسلام أبو السعود العمادي مفتي الروم عما صورته ما قول شيخ الإسلام في رجل قال علي الطلاق أو يلزمني الطلاق هل هو صريح أو كناية فأجاب بقوله ليس بشيء منهما وسأل بعض المتأخرين أيضا عما صورته ما قولكم رضي الله تعالى عنكم في زيد قال علي الطلاق ثلاثا لا أشغل عمرا وبكرا عندي فإذا أشغلهما بعد ذلك عنده فهل يقع عليه الطلاق أو لا فأجاب بما صورته في البزازية طلاقك علي واجب أو لازم أو فرض أو ثابت قيل يقع واحدة رجعية نوى أو لا ، والمختار عدم الوقوع ولو قال طلاق علي لا ولو قال عليك الطلاق يقع إذا نوى ا هـ .

                                                                                        كلام الرملي لكن قال في المنح : في ديارنا صار العرف فاشيا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره فيجب الإفتاء به من غير نية كما هو الحكم في الحرام يلزمني وعلي الحرام وممن صرح بوقوع الطلاق به للتعارف الشيخ قاسم في تصحيحه وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلا كما لا يخفى ( قوله : ومنه أنت طالق في قول الفقهاء . . . إلخ ) تأمل هذا مع ما مر في طلاق السنة أن قوله على قول القضاة أو الفقهاء إن نوى السنة يدين ويقع في الحال في القضاء أي يقع ثلاثا في الحال قضاء ، وإن نوى السنة ففي أوقاتها ( قوله : ومنه أنت مني ثلاثا ) قال الرملي : وفي التتارخانية ، وفي فتاوى الفضلي إذا قال لها أنت مني ثلاثا إن نوى الطلاق طلقت ، وإن قال لم أنو الطلاق لا يصدق إذا كان الحال مذاكرة الطلاق ، وإذا قال لها توسه ونوى الطلاق قال يقع ( قوله : وقيد بخطابها لأنه لو قال . . . إلخ ) اعترض عليه بأن عبارة البزازية لا تفيد أن عدم الوقوع لعدم الخطاب حتى يؤخذ منه فائدة التقييد بالخطاب في كلام المصنف وأجيب بأن خصوص الخطاب ليس مرادا بل ما هو الأعم منه أو ما يقوم مقامه كالإضافة وذكر الاسم بدليل ما يأتي ا هـ .

                                                                                        وهذا الجواب في نفسه حسن لكن يبعد أن يكون مرادا للمؤلف ما يأتي قبيل قول المتن ولو قال أنت الطلاق من قوله .

                                                                                        والحاصل أن قولهم الصريح لا يحتاج إلى النية إنما هو في القضاء أما في الديانة فمحتاج إليها لكن وقوعه في القضاء بلا نية إنما هو بشرط أن يقصدها بالخطاب . . . إلخ هذا ، وفي القنية عن المحيط رجل دعته جماعة إلى شرب الخمر فقال إني حلفت بالطلاق أني لا أشرب وكان كاذبا فيه ثم شرب طلقت ، وقال صاحب التحفة لا تطلق ديانة ا هـ .

                                                                                        أي فقوله : طلقت أي قضاء وهو موافق لما مر من أنه إذا أقر بالطلاق كاذبا وقع قضاء لا ديانة وظاهر أن قول البزازية هنا لا يقع أي قضاء ففيه مخالفة لهذا وقد ذكر في لسان الحكام عبارة البزازية ثم أعقبها بعبارة القنية ولم يتعرض لهما ويمكن أن يوفق بينهما بأن ما في البزازية محمول على إنشاء الحلف لا على الإخبار وما في القنية على الإخبار لقوله وكان كاذبا فيه لكن بعد هذا يرد على ما في القنية أن قوله إني حلفت بالطلاق يحتمل الحلف بطلاق امرأة أخرى إلا أن يحمل على أنه ليس له امرأة غيرها فيكون إخبارا عن طلاق مضاف إليها وما في البزازية محمول على أن له غيرها وإلا لا يصدق بدليل ما يأتي عن الظهيرية من قوله لو قال امرأته طالق ولم يسم وله امرأة معروفة طلقت استحسانا ، وإن قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت لا يقبل قوله : إلا أن يقيم البينة هذا ما ظهر لي فتأمل وراجع [ ص: 273 ]

                                                                                        ( قوله : لأن التعريف لا يحصل بالتسمية ) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها بالنسبة وهو المناسب [ ص: 274 ] ( قوله : ولم يسم باسمها ) أي بأن ذكر لفظ فلانة المكني به عن العلم لا الاسم العلم كما يدل عليه التعليل تأمل ( قوله : ولو حذف القاف من طالق . . . إلخ ) وجه الوقوع بأنه ترخيم قال في الفتح : وهو غلط لأنه إنما يكون اختيارا في النداء ، وفي غيره اضطرارا في الشعر قال في النهر وأقول : الترخيم لغة يقال على مطلق الحذف كما نص عليه الجوهري وغيره وهو المراد هنا ا هـ .

                                                                                        فتأمله قلت ، وفي كنايات الفتح ، والوجه إطلاق التوقف على النية مطلقا لأنه بلا قاف ليس صريحا بالاتفاق لعدم غلبة الاستعمال ولا الترخيم لغة جائز في غير النداء فانتفى لغة وعرفا فيصدق قضاء مع اليمين هذا في حالة الرضا وعدم مذاكرة الطلاق أما في أحدهما فيقع قضاء أسكنها أو لا ، وفيه أيضا النظر المذكور لأنه إيقاع بلا لفظ له ولا لأعم منه ليكون كناية ليس بمجاز فيه وهذا البحث يوجب أن لا يقع به أصلا ، وإن نوى ومثل هذا البحث يجري في التطليق بالتهجي كأنت ط ل ق لأنه ليس طلاقا ولا كناية لأن موضوعها يحتمل أشياء وأوضاع هذه المسميات هي حروف ولذا لو قرأ آية السجدة تهجيا لا يجب السجود لأنه ليس قرآنا ولا مخلص إلا بعدم اشتراط غلبة الاستعمال في الصريح ، والاكتفاء فيه بكون اللفظ دالا عليه وضعا أو عرفا وحينئذ يقع بالتهجي في القضاء ولو ادعى عدم النية وكذا بطال بلا قاف ا هـ .

                                                                                        ( قوله : ، والمعتمد ما في الخانية ) قال الرملي عبارة الخانية رجل سمى امرأته مطلقة قال سميتك مطلقة لا يقع الطلاق عليها لا فيما بينه وبين الله تعالى ولا في القضاء ، وفيها من العتاق رجل أشهد أن اسم عبده حر دعاه بالحر لا يعتق ا هـ .

                                                                                        ونقله عنها في التتارخانية وقوله : واعتمده في فتح القدير إلى آخر عبارته وينبغي على قياس ما في العتق لو سماها طالقا ثم ناداها به لا تطلق .

                                                                                        وقد روى وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة عن خيثمة بن عبد الرحمن أن امرأة قالت لزوجها سمني فسماها الطيبة ، فقالت ما قلت شيئا ، فقال هات ما أسميك به فقالت سمني خلية طالقا قال فأنت خلية طالق فجاءت عمر رضي الله تعالى عنه فقالت إن زوجي طلقني فجاء زوجها فقص القصة فأوجع عمر رأسها ، وقال خذ بيدها وأوجع رأسها ا هـ .

                                                                                        وذكر هذا الشارح ما ذكره من الفرق هنا في كتاب الإعتاق في شرح قوله وهذا ابني أو أبي فراجعه إن شئت .




                                                                                        الخدمات العلمية