الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو قالت بعد زوج آخر لا يقع ) أي لو قالت طلقت نفسي أو شئت طلاقي بعدما طلقت نفسها ثلاثا متفرقة ثم عادت إليه بعد زوج آخر لا يقع لأن التعليق إنما ينصرف إلى الملك القائم وهو الثلاث فباستغراقه ينتهي التفويض قيدنا بكونه بعد الطلاق الثلاث لأنها لو طلقت نفسها واحدة أو ثنتين ثم عادت إليه بعد [ ص: 369 ] زوج آخر فلها أن تفرق الثلاث خلافا لمحمد وهي مسألة الهدم الآتية ، وفي المبسوط : لو قال لها كلما شئت فأنت طالق ثلاثا فقالت شئت واحدة فهذا باطل ; لأن معنى كلامه كلما شئت الثلاث ا هـ .

                                                                                        والحاصل أنها لا تملك تكرار الإيقاع إلا في كلما ويشكل عليه ما في الخانية لو قال لها : أمرك بيدك في هذه السنة فطلقت نفسها ثم تزوجها لا يكون لها الخيار في قول أبي يوسف ، وفي قياس قول أبي حنيفة لها الخيار ا هـ .

                                                                                        ونظير مسألة المبسوط ما في المعراج لو قال لرجلين إن شئتما فهي طالق ثلاثا فشاء أحدهما واحدة ، والآخر ثنتين لا يقع شيء لأنه علق الوقوع بمشيئتهما الثلاث ولم توجد . ا هـ . .

                                                                                        [ ص: 368 - 369 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 368 - 369 ] ( قوله : فلها أن تفرق الثلاث خلافا لمحمد ) أقول : مقتضى التعليل المذكور أولا أن يقال خلافا لهما لأن ما يأتي في مسألة الهدم هو أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث وهذا عندهما فإذا طلقت واحدة أو أكثر ثم عادت إليه بعد زوج آخر عادت إليه بملك جديد لأن الزوج الثاني هدم ما ملكه الأول في العقد السابق ، وعند محمد يهدم الثلاث فقط لا ما دونها فلو طلقت واحدة أو ثنتين ثم عادت إلى الأول بعد زوج آخر عادت إليه بما بقي بالعقد الأول فإذا كان التعليق ينصرف إلى الملك القائم فلها أن تفرق ما بقي لأنه كان قائما وقت العقد بخلاف ما إذا طلقت نفسها ثلاثا فإنها تعود إليه بثلاث حادثة بعد التعليق وهذا عند محمد أما عندهما فإنها تعود بثلاث حادثة بالملك الجديد سواء كان الطلاق ثلاثا أو أقل فلا يمكنها أن تطلق بالتخيير السابق ثم رأيت المحقق في فتح القدير أورد في باب التعليق ما استشكله ثم أجاب عنه حيث قال عند قول الهداية : وإن قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا وطلقها ثنتين . . . إلخ وأورد بعض أفاضل أصحابنا أنه يجب أن لا يقع إلا واحدة لقولهم إن المعلق طلقات هذا الملك ، والفرض أن الباقي من هذا الملك ليس إلا واحدة فكان كما لو طلق امرأته ثنتين ثم قال لها أنت طالق ثلاثا فإنما يقع واحدة لأنه لم يبق في ملكه سواها .

                                                                                        والجواب أن هذه مشروطة ، والمعنى أن المعلق طلقات هذا الملك الثلاث ما دام ملكه لها فإذا زال بقي المعلق ثلاثا مطلقة كما هو اللفظ لكن بشرط بقائها محلا للطلاق فإذا نجز ثنتين زال ملك الثلاث فبقي المعلق ثلاثا مطلقة ما بقيت محليتها وأمكن وقوعها وهذا ثابت في تنجيزه الثنتين فيقع ، والله أعلم ا هـ .

                                                                                        قلت وأصل هذا مأخوذ من قول الزيلعي عند قوله : ويبطل تنجيز الثلاث تعليقه لأن الجزاء طلقات هذا الملك فقال فإن قيل يشكل هذا بما إذا طلقها طلقتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر فدخلت حيث تطلق ثلاثا وأجاب بأن المحل باق بعد الثنتين إذا المحلية باعتبار صفة الحل وهي قائمة بعد الطلقتين فتبقى اليمين ، وقد استفاد من جنس ما انعقد عليه اليمين فيسري إليه حكم اليمين تبعا ، وإن لم ينعقد اليمين عليه قصدا ا هـ . .




                                                                                        الخدمات العلمية