الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو علق طلاقها بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت ، والتعليق والشرط في مرضه أو بفعل نفسه ، وهما في مرضه أو الشرط فقط أو بفعلها ، ولا بد لها منه ، وهما في المرض أو الشرط ورثت ، وفي غيرها لا ) لأن في الوجه الأول والثاني إذا كان التعليق والشرط في مرضه وجه القصد إلى الفرار [ ص: 52 ] عن الميراث في حال تعلق حقها بماله بخلاف ما إذا كان التعليق في الصحة ، والشرط في المرض لأن التعليق السابق يصير تطليقا عند الشرط حكما لا قصدا ، ولا ظلم إلا عن قصد فلا يرد تصرفه ، والمراد من الطلاق في قوله علق طلاقها البائن لأن حكم الفرار لا يثبت إلا به ، وأطلق في فعل الأجنبي فشمل ما إذا كان له منه بد كدخول الدار أولا كصلاة الظهر ، وأما الوجه الثالث ، وهو ما إذا علقه بفعل نفسه فلوجود قصد الإبطال إما بالتعليق أو بمباشرة الشرط في المرض ، وأطلقه فشمل ما إذا كان له بد منه أو لا فإنه ، وإن لم يكن له بد من فعل الشرط فله من التعليق ألف بد فيرد تصرفه دفعا للضرر عنها ، وشمل ما إذا فوض طلاقها لرجل في صحته فطلقها الأجنبي في المرض ، وكان يقدر الزوج على عزله لأنه لما أمكنه عزله في المرض ، ولم يفعل صار كأنه أنشأ التوكيل في المرض ، ودخل في الأول ما إذا لم يمكنه عزله ، ودخل في التعليق بفعله ما إذا قال في صحته إن لم آت البصرة فأنت طالق ثلاثا فلم يأتها حتى مات ورثته ، وإن ماتت هي ، وبقي الزوج ورثها لأنها ماتت ، وهي زوجته .

                                                                                        فالحاصل أن المسألة على ثمانية أوجه لأنه إما أن يعلق بمجيء الوقت أو بفعل أجنبي أو بفعلها أو بفعله ، وكل على وجهين إما أن يكون التعليق في الصحة والشرط في المرض أو كانا في المرض فإن كان بفعل أجنبي أو بمجيء الوقت لا يكون فارا إلا إذا كان في المرض ، وإن كان بفعله فإنه يكون فارا حيث يكون الشرط في المرض فقط ، وإن كان بفعلها فقط فكذلك إن كان ذلك الفعل لا يمكنها تركه ، وإن كان يمكنها تركه لا يكون فارا ، ولو قال لها إن لم أطلقك فأنت طالق فلم يطلقها حتى مات ورثته ، ولو ماتت هي ، وبقي الزوج لم يرثها ، وكذا لو قال إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ثلاثا فلم يفعل حتى مات ورثته ، ولو ماتت هي ، وبقي الزوج لم يرثها كذا في البدائع ، وفي الخانية رجل قال لامرأته في صحته إن شئت أنا وفلان فأنت طالق ثلاثا ثم مرض فشاء الزوج والأجنبي الطلاق معا أو شاء الزوج ثم الأجنبي ثم مات الزوج لا ترث ، وإن شاء الأجنبي أولا ثم الزوج ورثت . ا هـ .

                                                                                        وحاصله أن الطلاق معلق على مشيئتهما فإذا شاءا معا لم يكن الزوج تمام العلة فلا يكون فارا بخلاف ما إذا تأخرت مشيئة الزوج لأنه حينئذ تمت العلة ، وأما الوجه الرابع ، وهو ما إذا علقه بفعلها فإن كان التعليق والشرط في المرض والفعل مما لها بد منه ككلام زيد لم ترث لرضاها ، وإن كان لا بد لها منه طبعا كالأكل أو شرعا كصلاة الظهر فلها الميراث لاضطرارها ، وأما إذا كان التعليق في الصحة فلا ميراث لها عند محمد مطلقا لفوات الصنع منه في مرضه ، وعندهما ترث إن كان مما لا بد لها منه ، وصححوا قول محمد .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية