( قوله فلو وطئ قبله استغفر ربه فقط ) أي : لو وطئ قبل التكفير لا يجب عليه كفارة لأجل الوطء والواجب الكفارة الأولى لما رواه
الترمذي في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109494nindex.php?page=treesubj&link=12141_12142_12116المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال كفارة واحدة } ، وأما الاستغفار فمنقول في الموطإ من قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والمراد منه التوبة من هذه المعصية وهي حرمة الوطء قبل الكفارة
. ( قوله وعوده عزمه على وطئها ) أي : عود المظاهر المذكور في الآية عزمه على وطء المظاهر منها وهو بيان لسبب وجوب الكفارة وقد اختلف فيه أصحابنا على أقوال محكية في البدائع فالعامة على أن السبب مجموع الظهار والعود ; لأنه المذكور قبل فاء السببية ولأن الكفارة دائرة بين العقوبة والعبادة فلا بد أن يكون سببها دائرا بين الحظر والإباحة حتى تتعلق العقوبة بالمحظور وهو الظهار والعبادة بالمباح وهو العزم على وطئها ; لأنه نقض للمنكر وقيل الظهار سبب للإضافة والعود شرط وقيل عكسه وقيل هما شرطان والسبب أمر ثالث وهو كون الكفارة طريقا متعينا لإيفاء حقها وكونه
[ ص: 106 ] قادرا على إيفائه قيل كل منهما شرط وسبب ومن جعل السبب العزم أراد به العزم المؤكد حتى لو عزم ثم بدا له أن لا يطأها لا كفارة عليه لعدم العزم المؤكد لا أنها وجبت بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم ; لأن الكفارة بعد سقوطها لا تعود إلا بسبب جديد كذا في البدائع لكن أورد على من جعل العود وحده سببا أن الحكم يتكرر بتكرر سببه لا شرطه
nindex.php?page=treesubj&link=12141_12175والكفارة تتكرر بتكرر الظهار لا العزم وأنه لو قدمها على العزم صح ، ولو كان سببا لم يصح ولكن دفع الثاني بأنها إنما وجبت لرفع الحرمة الثابتة في الذات فتجوز بعد ثبوتها كما قلنا في الطهارة إنها جائزة قبل إرادة الصلاة مع أنها سببها ; لأنها شرعت لرفع الحدث فتجوز بعد وجوده وأورد على من جعله الظهار فقط أن السبب ما دار بين محظور ومباح وهو محظور فقط فلا يصلح للسببية وسنجيب عنه في الكفارة ولم يظهر لي ثمرة الاختلاف بين الأقوال لاتفاقهم على جواز التكفير بعد الظهار قبل العزم وعلى عدمه قبل الظهار وعلى تكررها بتكرر الظهار وإن لم يتكرر العزم وعلى أنه لو عزم ثم ترك فلا إثم وعلى عدم الكفارة لو أبانها بعده وبعد العزم .
ومراد المشايخ من قولهم العزم على وطئها العزم على استباحة وطئها لا العزم على نفس الوطء ; لأنهم قالوا المراد في الآية {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثم يعودون } بنقض ما قالوا ورفعه وهو إنما يكون باستباحتها بعد تحريمها لكونه ضدا للحرمة لا نفس وطئها ولقد أبعد من قال إن المراد تكرار الظهار ; لأنه لو كان كذلك لقال تعالى ثم يعيدون ما قالوا من الإعادة لا من العود وتمام تحقيقه في التفسير الكبير
للإمام فخر الدين .
( قَوْلُهُ فَلَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ فَقَطْ ) أَيْ : لَوْ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَالْوَاجِبُ الْكَفَّارَةُ الْأُولَى لِمَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ فِي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109494nindex.php?page=treesubj&link=12141_12142_12116الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ قَالَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ } ، وَأَمَّا الِاسْتِغْفَارُ فَمَنْقُولٌ فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّوْبَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ وَهِيَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ
. ( قَوْلُهُ وَعَوْدُهُ عَزْمُهُ عَلَى وَطْئِهَا ) أَيْ : عَوْدُ الْمُظَاهِرِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ عَزْمُهُ عَلَى وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَهُوَ بَيَانٌ لِسَبَبِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا عَلَى أَقْوَالٍ مَحْكِيَّةٍ فِي الْبَدَائِعِ فَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ مَجْمُوعُ الظِّهَارِ وَالْعَوْدِ ; لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعِبَادَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا دَائِرًا بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ حَتَّى تَتَعَلَّقَ الْعُقُوبَةُ بِالْمَحْظُورِ وَهُوَ الظِّهَارُ وَالْعِبَادَةُ بِالْمُبَاحِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا ; لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْمُنْكَرِ وَقِيلَ الظِّهَارُ سَبَبٌ لِلْإِضَافَةِ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ وَقِيلَ عَكْسُهُ وَقِيلَ هُمَا شَرْطَانِ وَالسَّبَبُ أَمْرٌ ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُ الْكَفَّارَةِ طَرِيقًا مُتَعَيِّنًا لِإِيفَاءِ حَقِّهَا وَكَوْنُهُ
[ ص: 106 ] قَادِرًا عَلَى إيفَائِهِ قِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرْطٌ وَسَبَبٌ وَمَنْ جَعَلَ السَّبَبَ الْعَزْمَ أَرَادَ بِهِ الْعَزْمَ الْمُؤَكَّدَ حَتَّى لَوْ عَزَمَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لَا يَطَأَهَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعَزْمِ الْمُؤَكَّدِ لَا أَنَّهَا وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْعَزْمِ ثُمَّ سَقَطَتْ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ; لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ سُقُوطِهَا لَا تَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْعَوْدَ وَحْدَهُ سَبَبًا أَنَّ الْحُكْمَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ سَبَبِهِ لَا شَرْطِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=12141_12175وَالْكَفَّارَةُ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الظِّهَارِ لَا الْعَزْمِ وَأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الْعَزْمِ صَحَّ ، وَلَوْ كَانَ سَبَبًا لَمْ يَصِحَّ وَلَكِنْ دَفَعَ الثَّانِي بِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ فِي الذَّاتِ فَتَجُوزُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الطَّهَارَةِ إنَّهَا جَائِزَةٌ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُهَا ; لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ فَتَجُوزُ بَعْدَ وُجُودِهِ وَأَوْرَدَ عَلَى مَنْ جَعَلَهُ الظِّهَارَ فَقَطْ أَنَّ السَّبَبَ مَا دَارَ بَيْنَ مَحْظُورٍ وَمُبَاحٍ وَهُوَ مَحْظُورٌ فَقَطْ فَلَا يَصْلُحُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَسَنُجِيبُ عَنْهُ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ التَّكْفِيرِ بَعْدَ الظِّهَارِ قَبْلَ الْعَزْمِ وَعَلَى عَدَمِهِ قَبْلَ الظِّهَارِ وَعَلَى تَكَرُّرِهَا بِتَكَرُّرِ الظِّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الْعَزْمُ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ ثُمَّ تَرَكَ فَلَا إثْمَ وَعَلَى عَدَمِ الْكَفَّارَةِ لَوْ أَبَانَهَا بَعْدَهُ وَبَعْدَ الْعَزْمِ .
وَمُرَادُ الْمَشَايِخِ مِنْ قَوْلِهِمْ الْعَزْمُ عَلَى وَطْئِهَا الْعَزْمُ عَلَى اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا لَا الْعَزْمُ عَلَى نَفْسِ الْوَطْءِ ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3ثُمَّ يَعُودُونَ } بِنَقْضِ مَا قَالُوا وَرَفْعِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِاسْتِبَاحَتِهَا بَعْدَ تَحْرِيمِهَا لِكَوْنِهِ ضِدًّا لِلْحُرْمَةِ لَا نَفْسُ وَطْئِهَا وَلَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ تَكْرَارُ الظِّهَارِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ تَعَالَى ثُمَّ يُعِيدُونَ مَا قَالُوا مِنْ الْإِعَادَةِ لَا مِنْ الْعَوْدِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي التَّفْسِيرِ الْكَبِيرِ
لِلْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ .