الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        لو أطعم خمسة وكسا خمسة في كفارة اليمين حيث تجوز الكسوة عن الإطعام مع أن كلا منهما منصوص عليه ; لأنا نقول : قال في البدائع : لو أطعم خمسة على وجه الإباحة وكسا خمسة فإن كان على وجه المنصوص عليه لا يجوز وإن أخرجه على وجه القيمة فإن كان الطعام أرخص من الكسوة أجزأه وإن كانت الكسوة أرخص من الطعام لم يجزه ; لأن الكسوة تمليك فجاز أن تكون بدلا عن الإطعام ثم إن كانت قيمة الكسوة مثل قيمة الطعام فقد أخرج قيمة الطعام وإن كانت أغلى فقد أخرج قيمة الطعام وزيادة وإن كانت قيمة الكسوة أرخص لا يكون الطعام بدلا عنه ; لأن طعام الإباحة ليس بتمليك فلا يقوم مقام التمليك وهو الكسوة ; لأن الشيء لا يقوم مقام ما هو فوقه ، ولو أطعم خمسة وكسا خمسة جاز وجعل أغلاهما ثمنا بدلا عن أرخصهما ثمنا أيهما كان ; لأن كل واحد منهما تمليك فجاز أن يكون أحدهما بدلا عن الآخر ا هـ .

                                                                                        وأشار بقوله كالفطرة إلى أنه لو أعطى مسكينا أقل من نصف صاع لا يجزيه كما قدمه الشارح في صدقة الفطر ، ونقل أن الجواز قول الكرخي فما نقله هنا من الجواز إما غفلة عما قدمه وإما على قول الكرخي ثم اعلم أن الكفارات كلها لا يجوز إعطاء فقير فيها أقل من نصف صاع حتى فدية الصلاة حتى لو أعطى عن صلاة أقل من المسكين لم يجز كما في المحيط وقد فرق في العناية بين الكفارة وصدقة الفطر وقد علمت أنه مفرع على الضعيف ، وفي التتارخانية لو أعطى ستين مسكينا كل مسكين مدا من الحنطة لم يجز وعليه أن يعيد مدا آخر على كل مسكين فإن لم يجد الأولين فأعطى ستين آخرين كل مسكين مدا لم يجز ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط لو أعطى عشرة مساكين كل مسكين مدا مدا ثم استغنى المساكين ثم افتقروا فأعاد عليهم مدا مدا لا يجوز ، وكذا لو أدى إلى المكاتبين مدا مدا ثم ردوا إلى الرق ومواليهم أغنياء ثم كوتبوا ثانيا ثم أعاد عليهم لم يجز ; لأنهم صاروا بحال لا يجوز الأداء إليهم فصاروا كجنس آخر ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ولو أطعم خمسة وكسا خمسة جاز ) أي : أطعم على وجه التمليك كما يظهر من تقييده السابق بقوله على وجه الإباحة ( قوله وقد فرق في العناية إلخ ) قال في النهر ولا يجوز في سائر الكفارات أن يعطي الواحد أقل من نصف صاع ، وفي الفطرة خلاف وقدمنا أن الجواز جزم به غير واحد وأنه صحيح وعليه فالفرق أن العدد منصوص عليه في الكفارة بخلاف غيره ، وقوله في البحر إن هذا الفرق مفرع على القول الضعيف ممنوع ا هـ .

                                                                                        وقال المقدسي في شرحه وقدمنا في باب صدقة الفطر أن الأصح جواز دفع فرد لجمع وجمع لفرد ونقلناه عن الخانية والمحيط وغيرهما ا هـ .

                                                                                        قلت والعجب من المؤلف حيث يقول إنه ضعيف وقد قال في باب صدقة الفطر بعده نقله عن عدة كتب فكان هو المذهب




                                                                                        الخدمات العلمية