( قوله : ولو نكح معتدته وطلقها قبل الوطء وجب مهر تام وعدة مبتدأة ) ، وهذا عندهما وقال محمد عليه نصف المهر وعليها إتمام العدة الأولى ; لأنه طلاق قبل المسيس فلا يوجب كمال المهر ولا استئناف العدة وإكمال العدة الأولى إنما وجبت بالطلاق الثاني فظهر حكمه كما لو اشترى أم ولده ثم أعتقها ولهما أنها مقبوضة في يده حقيقة بالوطأة الأولى وبقي أثره وهو العدة ، فإذا جدد النكاح وهي مقبوضة ناب ذلك عن القبض المستحق في هذا النكاح كالغاصب يشتري المغصوب الذي في يده يصير قابضا بمجرد العقد فوضح بهذا أنه طلاق بعد الدخول ، وقال زفر : لا عدة عليها أصلا ; لأن الأولى قد سقطت بالتزوج فلا تعود والثانية لم تجب وجوابه ما قلناه وما قاله زفر فاسد ; لأنه يستلزم إبطال المقصود من شرعها وهو عدم اشتباه الأنساب كذا في فتح القدير .
ومع ذلك هو مجتهد فيه صرح به في جامع الفصولين لو قضى به قاض نفذ قضاؤه ; لأن للاجتهاد فيه مساغا وهو موافق لصريح القرآن { ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } ا هـ .
وهذه إحدى المسائل المبنية على هذا الأصل وهو أن الدخول في النكاح الأول دخول في الثاني أولا ويتفرع عليه لو قال كلما تزوجتك فأنت طالق فتزوجها في يوم ثلاثا ودخل بها في كل مرة ألزمه أربعة مهور ونصف وأبانها بثلاث وحكما بتطليقتين ومهرين ونصف أو بائنا ألزمه بتلك المهور وهما بخمسة ونصف نصف مهر بالطلاق الأول قبل الدخول ومهران بالتطليقتين لكونهما بعد الدخول حكما وثلاث مهور بالدخول ثلاثا وتمامه في شرح المجمع من التعليق .
ثم اعلم أن الدخول في الأول دخول في الثاني في حق المهر ووجوب العدة ، وأما في حق الرجعة لو كان الطلاق رجعيا لا يملكها كما في فتح القدير ثانيها لو تزوجها نكاحا فاسدا ودخل بها ففرق بينهما ثم تزوجها صحيحا وهي في العدة عن ذلك الفاسد ثم طلقها قبل الدخول يجب عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة عندهما ، ولو كان على القلب بأن تزوجها أولا صحيحا ثم طلقها بعد الدخول ثم تزوجها في العدة فاسدا لا يجب عليه مهر ولا عليها عدة مستقبلة ويجب [ ص: 162 ] عليه إتمام العدة الأولى بالاتفاق والفرق لهما أنه لا يتمكن من الوطء الفاسد فلا يجعل واطئا حكما لعدم الإمكان حقيقة ولهذا لا يجعل واطئا بالخلوة في الفاسد حتى لا تجب العدة بها ولا عليه المهر ، وثالثها أنه لو دخل بها في الصحة وطلقها بائنا ثم تزوجها في المرض في عدتها وطلقها بائنا قبل الدخول هل يكون فارا أم لا ورابعها لو تزوجت بغير كفء ودخل بها ففرق القاضي بينهما بطلب الولي ثم تزوجها هذا الرجل في العدة بمهر وفرق القاضي بينهما قبل أن يدخل بها كان عليه المهر الثاني كاملا وعدة مستقبلة عندهما استحسانا وعند محمد نصف المهر الثاني وعليها تمام العدة الأولى وخامسها تزوجها صغيرة ودخل بها ثم طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة ثم ارتدت والعياذ بالله تعالى ثم أسلمت فتزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول هكذا ذكر في فتح القدير بتكرار التزوج ثلاثا ولا حاجة إليه في التصوير ويكفي فيه أنه تزوجها مرتين وأن الردة حصلت مرة واحدة فليتأمل .
وسابعها : تزوجها ودخل بها ثم طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة ثم ارتدت ثم أسلمت فتزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول ، وثامنها : تزوجها ودخل بها ثم طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة ثم ارتدت قبل الدخول ، وتاسعها : تزوج أمة ودخل بها ثم أعتقت فاختارت نفسها ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول وعاشرها تزوج أمة ودخل بها ثم طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة فأعتقت فاختارت نفسها قبل الدخول كذا في فتح القدير والمعراج .
[ ص: 161 ]


