الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وبلا ملك ولا رق ولا سبيل لي عليك إن نوى ) بيان للكنايات ; لأن نفي هذه الأشياء يحتمل بالبيع والكتابة والعتق وانتفاء السبيل يحتمل بالعتق وبالإرضاء حتى لا يكون له سبيل في اللوم والعقوبة فصار مجملا و المجمل لا يتعين بعض وجهه إلا بالنية وبه اندفع ما في غاية البيان من أنه ينبغي أن يقع العتق بلا نية إذا لم يكن البيع ونحوه من الأشياء المزيلة موجودا ; لأن نفي الملك لما كان دائرا بين الإعتاق وغيره وغير الإعتاق لم يكن موجودا في الواقع تعين الإعتاق لا محالة كما هو الحكم في التردد بين الشيئين وإلا يلزم أن يكون كلام العاقل لغوا فلا يجوز . ا هـ .

                                                                                        وقوله في المختصر لي عليك متعلق بالثلاثة قيد بقوله لا سبيل لي عليك ; لأنه لو قال لا سبيل لي عليك إلا سبيل الولاء عتق في القضاء ولا يصدق أنه أراد به غير العتق ، ولو قال لا سبيل لي عليك إلا سبيل الموالاة دين في القضاء كذا في البدائع ، وإذا لم يقع العتق في لا ملك لي أو خرجت عن ملكي فهل له أن يدعيه قال في خلاصة الفتاوى لو قال لعبده أنت غير مملوك لا يعتق لكن ليس له أن يدعيه بعد ذلك ولا أن يستخدمه فإن مات لا يرث بالولاء فإن قال المملوك بعد ذلك أنا مملوك له فصدقه كان مملوكا له . وكذا لو قال له ليس هذا بعبدي لا يعتق . ا هـ .

                                                                                        وظاهره أنه يكون حرا ظاهرا لا معتقا فتكون أحكامه أحكام الأحرار حتى يأتي من يدعيه ويثبت فيكون ملكا له ومن الكنايات أيضا خليت سبيلك لا حق لي عليك ، وقوله لأمته أطلقتك فتعتق بالنية ومن الكنايات أيضا كما في البدائع أمرك بيدك اختاري فيتوقف على النية وسيأتي تمام ذلك واختلف في أنت لله ففي الظهيرية لا يعتق عند أبي حنيفة وإن نوى ، وقال محمد إن أراد به العتق فهو حر وإن أراد به الصدقة فهو صدقة وإن أراد به أن كلنا لله تعالى لا يلزمه شيء ، ولو قال لعبده في مرضه أنت لوجه الله فهو باطل ، وكذا أنت عبد الله ، ولو قال جعلتك لله في صحته أو في مرضه ، وقال لم [ ص: 243 ] أنو به العتق أو لم يقل شيئا حتى مات فإنه يباع وإن نوى العتق فهو حر ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : وظاهره أنه يكون حرا ظاهرا إلخ ) قال في النهر أقول : علل في المحيط أنت غير مملوك بأن نفي الملك ليس صريحا في العتق بل يحتمله ا هـ .

                                                                                        وإذا لم ينوه لا يعتق وبقي إقراره لكونه غير مملوك أصلا فترتب عليه ما ذكر وعندي أن هذه المسألة مغايرة لمسألة الكتاب وذلك أنه في مسألة الكتاب إنما أقر بأنه لا ملك له فيه وهذا لا ينافي ملكه لغيره ، ومسألة الخلاصة موضوعها إقراره بأنه غير مملوك أصلا إما لعتقه له أو لحريته الأصلية فتنبه لهذا وإنه مهم ا هـ .

                                                                                        وتعقبه بعض الفضلاء فقال الذي يظهر بأدنى تأمل أن الحق مع صاحب البحر فإن الفرق الذي أبداه في النهر غير مؤثر فإنه إذا نفى ملكه عنه وليس هناك من يدعيه ساوى [ ص: 243 ] من قيل له أنت غير مملوك ويدل لما قلنا تسوية صاحب الخلاصة بين قوله أنت غير مملوك وبين قوله ليس هذا بعبدي فتأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية