الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( ولو زاد وحده عتق الثالث ) أي لو قال أول عبد أملكه وحده فهو حر فملك عبدين ثم ملك آخر عتق العبد الثالث ; لأنه يراد به التفرد في حال سبب الملك ; لأن وحده للحال لغة ، والثالث سابق في هذا الوصف ، ولا فرق بين أن يذكر الملك أو الشراء ، ومراد المصنف من زيادة وحده أنه زاد وصفا للأول سواء كان وحده أو لا فيشمل ما لو قال أول عبد اشتريه بالدنانير فهو حر فاشترى عبدا بالدراهم أو بالعروض ثم اشترى عبدا بالدنانير فإنه يعتق ، وكذا لو قال أول عبد اشتريه أسود فهو حر فاشترى عبيدا بيضا ثم أسود فإنه يعتق ، وقيد بوحده ; لأنه لو قال أول عبد اشتريه واحدا فهو حر فاشترى عبدين ثم اشترى عبدا فإنه لا يعتق الثالث لاحتمال أن يكون حالا للعبد أو للمالك فلا يعتق بالشك وتمامه في التبيين وواحدا بالنصب على أنه حال .

                                                                                        وأما إذا كان مجرورا فهو صفة للعبد فهو كوحده كما لا يخفى [ ص: 372 ] ولو قال أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ونصف عبد عتق العبد الكامل ; لأن نصف العبد ليس بعبد فلم يشاركه في اسمه فلا يقطع عنه اسم الأولية والفردية كما لو ملك معه ثوبا أو نحوه بخلاف ما إذا قال أول كر أملكه فهو هدي فملك كرا ونصفا حيث لا يلزمه شيء ; لأن النصف يزاحم الكل في المكيلات والموزونات لأنه بالضم يصير شيئا واحدا بخلاف الثياب والعبيد . ( قوله فلو قال : آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ومات لم يعتق ) ; لأن الآخر بكسر الخاء فرد لاحق ، ولا سابق له فلا يكون لاحقا ، ولهذا يدخل في الأول فيستحيل أن يدخل في ضده ، وفي فتح القدير ، وهذه المسألة مع التي تقدمت تحقق أن المعتبر في تحقق الآخرية وجود سابق بالفعل ، وفي الأولية عدم تقدم غيره لا وجود آخر متأخر عنه ، وإلا لم يعتق المشتري في قوله : أول عبد أشتريه فهو حر إذا لم يشتر بعده غيره . ا هـ . والضمير في مات راجع إلى المالك .

                                                                                        [ ص: 371 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 371 ] ( قوله : وتمامه في التبيين ) أي تمام الفرق بين المسألتين ، وهو أبدا فارق آخر ذكره في التبيين بعبارة مطولة حاصلها ما ذكره في العناية بقوله وفرق بينهما بأن واحدا يقتضي نفي المشاركة في الذات ووحده يقتضيه في الفعل المقرون به دون الذات ، ولهذا صدق الرجل في قوله في الدار رجل واحد ، وإن كان معه فيها صبي أو امرأة ، وكذب في ذلك إذا قال وحده ، وإذا كان كذلك قلنا إذا قال واحدا إنه أضاف العتق إلى عبد مطلق ; لأن قوله واحدا لم يفد أمرا زائدا على ما أفاده لفظ أول فكان حكمه كحكمه ، وإذا قال وحده فقد أضاف العتق إلى أول عبد لا يشاركه غيره في التملك والثالث بهذه الصفة فيعتق . ا هـ .

                                                                                        قال في النهر بعد ذكره لحاصل ما ذكر وبهذا التقرير علمت أن ما في البحر من أن الجر على أنه صفة للعبد كالإضافة أعني وحده مدفوع بل هو كالنصب لأنه يفيد نفي المشاركة في الذات . ا هـ .

                                                                                        وفي تلخيص الجامع لو قال أول عبد سأملكه حر فملك عبدين ثم عبدا لم يحنث لفقد التفرد في المثنى والسبق في الفرد كذا أملكه واحدا ; لأنه مناوب لا مغير وحقه الكسر كما في نسخة والنصب لاتباع الفاشي دون الحال إلا أن يعينه فيعتق الثالث كما في وحده إذ هي للتفرد في الحالة والواحد لتفرد الذات . ا هـ .

                                                                                        وتمام بيانه في شرحه للفارسي [ ص: 372 ] هذا ، وفي حاشية الحموي على الأشباه فإن عنى بأحدهما الآخر صدق لما بينهما من المعنى الجامع وهو الوحدة لكنه إن عنى بقوله واحدا وحده يصدق ديانة وقضاء لما فيه من التغليظ ، وفي عكسه يصدق ديانة لا قضاء لما فيه من التخفيف . ا هـ .

                                                                                        وهو مستفاد من عبارة التلخيص كما أوضحه شارحه فراجعه .




                                                                                        الخدمات العلمية