الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( بسوط لا تمرة له متوسطا ) أي لا عقدة له ; لأن عليا رضي الله عنه لما أراد أن يقيم الحد كسر تمرته ، والمتوسط بين المبرح وهو الجارح وغير المؤلم لإفضاء الأول إلى الهلاك وخلو الثاني عن المقصود وهو الانزجار كذا في الهداية وحاصله أنه المؤلم غير الجارح قوله ( ونزع ثيابه وفرق على بدنه إلا رأسه ووجهه وفرجه ) أي ونزع عنه ثيابه إلا ما يستر عورته ; لأن عليا رضي الله عنه كان يأمر بالتجريد في الحدود ; لأن التجريد أبلغ في إيصال الألم إليه وهذا الحد مبناه على الشدة في الضرب وفي نزع الإزار كشف العورة فيتوقاه ، وإنما يفرق الضرب على أعضائه ; لأن الجمع في عضو واحد قد يفضي إلى التلف ، والحد زاجر لا متلف ، وإنما يتقي الأعضاء الثلاثة { لقوله عليه السلام للذي أمره بضرب الحد اتق الوجه ، والمذاكير } ولأن الفرج مقتل ، والرأس مجمع الحواس ، وكذا الوجه وهو مجمع المحاسن أيضا فلا يؤمن من فوات شيء منها بالضرب ، وذلك إهلاك معنى فلا يشرع حدا وقال أبو يوسف يضرب الرأس أيضا رجع إليه بعد أن كان أولا يقول لا يضرب كما هو المذهب ، وإنما يضرب سوطا لقول أبي بكر رضي الله عنه اضربوا الرأس ، فإن فيه شيطانا قلنا : تأويله أنه قال ذلك فيمن أبيح قتله ونقل أنه ورد في حربي كان من دعاة الكفرة ، والإهلاك فيه مستحق .

                                                                                        قوله ( ويضرب الرجل قائما في الحدود وغير ممدود ) لقول علي رضي الله عنه تضرب الرجال في الحدود قياما ، والنساء قعودا ولأن مبنى إقامة الحد على التشهير ، والقيام أبلغ فيه ثم قوله غير ممدود فقد قيل المد أن يلقى على الأرض ويمد كما يفعل في زماننا وقيل أن يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه وقيل أن يمد بعد الضرب وذلك كله لا يفعل ; لأنه زيادة على المستحق قوله ( ولا ينزع ثيابها إلا الفرو ، والحشو ) ; لأن في تجريدها كشف العورة ، والفرو ، والحشو يمنعان وصول الألم إلى الجسد ، والستر حاصل بدونهما فلا حاجة إليهما فينزعان ليصل الألم إلى البدن قوله ( وتضرب جالسة ) لأثر علي رضي الله عنه ولأنها عورة فلو ضربت قائمة لا يؤمن كشف عورتها قوله ( ويحفر لها في الرجم لا له ) ; لأن ماعزا لم يحفر له وحفر للغامدية وهو بيان للجواز وإلا فلا بأس بترك الحفر لها ; لأنه عليه السلام لم يأمر بذلك ، والإمساك غير مشروع في المرجوم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية