( قوله : وإحصانه بكونه مكلفا حرا مسلما عفيفا عن الزنا ) فخرج الصبي ، والمجنون ; لأنه لا يتصور منهما الزنا إذ هو فعل محرم ، والحرمة بالتكليف وفي الظهيرية إذا قذف غلاما مراهقا فادعى الغلام البلوغ بالسن أو الاحتلام لم يحد القاذف بقوله وخرج العبد ; لأن الإحصان ينتظم الحرية قال تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } فقذف العبد ولو مدبرا أو مكاتبا يوجب التعزير على قاذفه لا الحد وخرج الكافر لقوله عليه السلام { من أشرك بالله فليس بمحصن } وفي الخانية ولا يجب حد القذف إلا أن يكون المقذوف حرا ثبت حريته بإقرار القاذف أو بالبينة إذا أنكر القاذف حريته وكذا لو أنكر القاذف حرية نفسه وقال أنا عبد [ ص: 35 ] وعلى حد العبيد كان القول قوله ا هـ .
ويثبت الإحصان بشهادة رجل وامرأتين وبعلم القاضي ولا يحلف القاذف أنه لا يعلم أن المقذوف محصن .
كذا في فتح القدير وفي الظهيرية لو قال لامرأته زنيت وأنت كافرة وهي في الحال مسلمة ، فإنه يجب اللعان وكذلك لو قال زنيت وأنت أمة وهي في الحال حرة ; لأنه لو قال ذلك للأجنبية يجب الحد وهذا بخلاف ما لو قال : قذفتك وأنت كافرة أو وأنت أمة ا هـ .
وخرج غير العفيف ; لأن الإحصان ينتظم العفة أيضا قال تعالى { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } أي العفائف ولأن المقذوف إذا لم يكن عفيفا فالقاذف صادق فالشرائط الخمسة للإحصان داخلة تحت قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } ، فإذا فقد واحد منها لا يكون محصنا وفي القنية قذف وهو مصلح ظاهرا ولم يكن عفيفا في السر يعذر في مطالبة القاذف بالحد فيما بينه وبين الله تعالى قال رضي الله عنه فيه نظر ، فإن المفهوم من قوله ولم يكن عفيفا في السر إنه من الزنا ، وإن كان زانيا لم يكن قذفه موجبا للحد فكيف يعذر ا هـ .
وقيد بقوله عن الزنا ; لأنه لا يشترط العفة عن الوطء الحرام ولذا قال في الظهيرية لو وطئ أمته المرتدة حد قاذفه ولو تزوج أمة على حرة فوطئها ، فإني أحد قاذفه كذا في المنتقى عن أبي يوسف .
قال الحاكم أبو الفضل هذا خلاف ما في الأصل قال ثم كل شيء اختلف فيه الفقهاء حرمه بعضهم وأحله بعضهم ، فإني أحد قاذفه وفيه أيضا لو وطئ أمته في عدة من زوج لها ، فإني أحد قاذفه ; لأن ملكه في أمته صحيح ولو وطئ جارية ابنه في عدة من زوج لها فأحبلها أو لم يحبلها ، فإنه يحد قاذفه قال أبو يوسف كل من درأت الحد عنه وجعلت عليه المهر وأثبت نسب الولد منه ، فإني أحد قاذفه وكذلك لو تزوج أمة لرجل بغير إذنه ودخل بها ، فإني أحد قاذفه هشام عن محمد في رجل اشترى أمة فوطئها ثم استبان أنها أخته حد قاذفه ابن سماعة عن محمد في الرقيات أربعة شهدوا على رجل أنه زنى بفلانة بنت فلان الفلانية امرأة معروفة سموها ووصفوا الزنا فأثبتوه ، والمرأة غائبة فرجم الرجل ثم إن رجلا قذف تلك المرأة الغائبة فخاصمته إلى القاضي الذي قضى على الرجل بالرجم قال القياس أن يحد قاذفها ; لأن القاضي إنما قضى عليه لا عليها لكني أستحسن أن لا أحد قاذفها ثم قال وكما يزول الإحصان بالزنا من كل وجه يزول بالزنا من وجه فكل وطء حرم لعدم ملك المتعة من وجه فهو زنا من كل وجه وذلك كوطء الأجنبية وكل وطء حرم مع قيام ملك المتعة من كل وجه لعارض كوطء المرأة في حالة الحيض لا يزول به الإحصان .
وإذا وطئ أمته المجوسية لا يزول إحصانه لقيام ملك المتعة من كل وجه ولو اشترى أمة وطئها أبوه أو وطئ هو أمها ووطئها فقذفه إنسان فلا حد على القاذف بالإجماع [ ص: 36 ] وكذا لو اشترى أخته من الرضاعة ووطئها سقط إحصانه ; لأن الحرمة هنا ثابتة على سبيل التأبيد بخلاف ما تقدم ولو اشترى أمة لمس أمها أو بنتها بشهوة أو نظر إلى فرج أمها أو بنتها بشهوة أو نظر أبوه أو ابنه إلى فرجها بشهوة ووطئها قال أبو حنيفة لا يزول إحصانه ويحد قاذفه وقالا يزول إحصانه ولا يحد قاذفه وكذلك على الاختلاف إذا تزوج امرأة بهذه الصفة ووطئها ا هـ .
وجعل في الخانية من وطئ بنكاح فاسد كمن وطئ الجارية المشتركة في عدم وجوب الحد على القاذف ، والحاصل أن من زنى أو وطئ بشبهة أو بنكاح فاسد في عمره أو وطئ من هي محرمة عليه على التأبيد سقط إحصانه وما لا فلا كذا في شرح الطحاوي .


