والكلام هنا في الناظر يقع في مواضع الأول في أهله وفيه بيان عزله وعزل أرباب الوظائف الثاني في الناظر بالشرط الثالث في الناظر من القاضي الرابع في تصرفاته وفيه بيان ما عليه من العمل وماله من الأجرة أما الأول فقال في فتح القدير الصالح للنظر من لم يسأل الولاية للوقف وليس فيه فسق يعرف قال وصرح بأنه مما يخرج به الناظر ما إذا ظهر به فسق كشربه الخمر ونحوه . ا هـ .
وفي الإسعاف لا يولى إلا أمين قادر بنفسه أو بنائبه لأن الولاية مقيدة بشرط النظر وليس من النظر تولية الخائن لأنه يخل بالمقصود وكذا تولية العاجز لأن المقصود لا يحصل به ويستوي فيه الذكر والأنثى وكذا الأعمى والبصير وكذا المحدود في قذف إذا تاب لأنه أمين . رجل طلب التولية على الوقف قالوا لا يعطى له وهو كمن طلب القضاء لا يقلد ا هـ .
والظاهر أنها شرائط الأولوية لا شرائط الصحة وأن الناظر إذا فسق استحق العزل ولا ينعزل لأن القضاء أشرف من التولية ويحتاط فيه أكثر من التولية والعدالة فيه شرط الأولوية حتى يصح تقليد الفاسق وإذا فسق القاضي لا ينعزل على الصحيح المفتى به فكذا الناظر ويقر أيخرج في عبارة ابن الهمام بالبناء للمجهول أي يجب إخراجه ولا ينعزل ويشترط للصحة بلوغه وعقله لما في الإسعاف ولو أوصى إلى صبي تبطل في القياس مطلقا وفي الاستحسان هي باطلة ما دام صغيرا فإذا كبر تكون [ ص: 245 ] الولاية له وحكم من لم يخلق من ولده ونسله في الولاية كحكم الصغير قياسا واستحسانا . ا هـ .
ولا تشترط الحرية والإسلام للصحة لما في الإسعاف ولو كان ولده عبدا يجوز قياسا واستحسانا لأهليته في ذاته بدليل أن تصرفه الموقوف لحق المولى ينفذ عليه بعد العتق لزوال المانع بخلاف الصبي والذمي في الحكم كالعبد فلو أخرجهما القاضي ثم أعتق العبد وأسلم الذمي لا تعود الولاية إليهما ا هـ .
وأما عزله فقدمنا أن أبا يوسف جوز عزله للواقف بغير جنحة وشرط لأنه وكيله وخالفه محمد وأما عزل القاضي له فشرطه أن يكون بجنحة قال في الإسعاف ولو جعلها للموقوف عليه ولم يكن أهلا أخرجه القاضي وإن كانت الغلة له وولي عينه مأمونا لأن مرجع الوقف للمساكين وغير المأمون لا يؤمن عليه من تخريب أو بيع فيمتنع وصوله إليهم ولو أوصى الواقف إلى جماعة وكان بعضهم غير مأمون بدله القاضي بمأمون وإن رأى إقامة واحد منهم مقامه فلا بأس به . ا هـ .
وفي جامع الفصولين من الثالث عشر القاضي لا يملك نصب وصي وقيم مع بقاء وصي الميت وقيمه إلا عند ظهور الخيانة منهما ومن الفصل الأول معزيا إلى فوائد شيخ الإسلام برهان الدين شرط الواقف أن يكون المتولي من أولاده وأولاد أولاده هل للقاضي أن يولي غيره بلا خيانة ولو ولاه هل يصير متوليا قال لا . ا هـ .
فقد أفاد حرمة تولية غيره وعدم صحتها لو فعل وفي القنية نصب القاضي قيما آخر لا ينعزل الأول إن كان منصوب الواقف . ا هـ .
والحاصل أن تصرف القاضي في الأوقاف مقيد بالمصلحة لا أنه يتصرف كيف شاء فلو فعل ما يخالف شرط الواقف فإنه لا يصح إلا لمصلحة ظاهرة ولذا قال في الذخيرة وغيرها القاضي إذا قرر فراشا في المسجد بغير شرط الواقف وجعل له معلوما فإنه لا يحل للقاضي ذلك ولا يحل للفراش تناول المعلوم . ا هـ .
فإن قلت : في تقرير الفراش مصلحة قلت : يمكن خدمة المسجد بدون تقريره بأن يستأجر المتولي فراشا له والممنوع تقريره في وظيفة تكون حقا له ولذا صرح قاضي خان بأن للمتولي أن يستأجر خادما للمسجد بأجرة المثل واستفيد منه عدم صحة تقرير القاضي في بقية الوظائف بغير شرط الواقف كشهادة ومباشرة وطلب بالأولى وحرمة المرتبات بالأوقاف بالأولى واستفيد من عدم صحة عزل الناظر بغير جنحة عدمها لصاحب وظيفة في وقف ويدل عليه أيضا ما في البزازية وغيرها غاب المتولي المتعلم عن البلد أياما ثم رجع وطلب وظيفته فإن خرج مسيرة سفر ليس له طلب ما مضى وكذا إذا خرج وأقام خمسة عشر يوما وإن أقل من ذلك لأمر لا بد له منه كطلب القوت والرزق فهو عفو ولا يحل لغيره أن يأخذ حجرته وتبقى حجرته ووظيفته على حالها إذا كانت غيبته مقدار شهر إلى ثلاثة أشهر فإذا زاد كان لغيره أخذ حجرته ووظيفته وإن كان في المصر ولا يختلف للتعلم فإن اشتغل بشيء من الكتابة المحتاج إليها كالعلوم الشرعية تحل له الوظيفة وإن لعمل آخر لا تحل له ويجوز أن تؤخذ حجرته ووظيفته . ا هـ .
لقوله ولا يحل لغيره أن يأخذ حجرته ووظيفته فإذا حرم الأخذ مع الغيبة فكيف مع الحضرة والمباشرة فلا يحل عزل القاضي لصاحب وظيفة بغير جنحة وعدم أهلية ولو فعل لم يصح واستفيد من البزازية جواز إخراج الوظائف بحكم الشغور لقوله وإن لعمل آخر لا تحل ويجوز أخذ وظيفته وحجرته وإن الشغور إنما هو بخروجه عن المصر وإقامته زائدا على ثلاثة أشهر أو بتركه المباشر وهو في المصر بشرط أن يشتغل بعمل آخر وذكر ابن وهبان في شرح المنظومة أن في قوله [ ص: 246 ] ليس له أن يطلب الوظيفة إشارة إلى أنه لا ينعزل عنها وفي قوله لا يؤخذ بيته إن غاب أقل من ثلاثة أشهر إشارة إلى أنه يؤخذ إذا كان أكثر وكذا ينبغي أن تؤخذ الوظيفة أيضا لا سيما إذا كان مدرسا إذ المقصود يقوم به بخلاف الطالب فإن الدرس يقوم بغيره قال ابن الشحنة في شرح المنظومة وهذا يدل على أنه فهم من الوظيفة ما هو المتعارف في زماننا وليس هو المراد بل المراد بالوظيفة ما يخصه من ريع وقف المدرسة فإن أصل المسألة في قاضي خان في الوقف على ساكني دار المختلفة فالمراد سقوط سهمه فيعطى لذلك ثم إنه قال ينبغي أن تكون الغيبة المسقطة للمعلوم المقتضية للعزل في غير فرض كالحج وصلة الرحم وأما فيهما فلا يستحق العزل ولا يأخذ المعلوم وهذا كله مفهوم من عبارة قاضي خان لا يقال فيه ينبغي بل هو مفهوم عبارة الأصحاب وهذا كله فيما إذا كان الوقف على ساكني دار المختلفة أما إذا شرط الواقف في ذلك كله شروطا اتبعت ا هـ .
والله أعلم وبهذا ظهر غلط من يستدل من المدرسين أو الطلبة بما في الفتاوى على استحقاقه المعلوم بلا حضور الدرس لاشتغاله بالعلم في غير تلك المدرسة فإن الواقف إذا شرط على المدرسين والطلبة حضور الدرس في المدرسة أياما معلومة في كل جمعة فإنه لا يستحق المعلوم إلا من باشر خصوصا إذا قال الواقف إن من غاب عن المدرسة يقطع معلومه فإنه يجب اتباعه ولا يجوز للناظر الصرف إليه زمن غيبته .
وعلى هذا لو شرط الواقف أن من زادت غيبته على كذا أخرجه الناظر وقرر غيره اتبع شرطه فلو لم يعزله الناظر وباشر لا يستحق المعلوم فإن قلت : إذا كان له درس في جامع ولازمه بنية أن يكون عما عليه في مدرسة هل يستحق معلوم المدرسة قلت : لا يستحق إلا إذا باشر في المكان المعين بكتاب الوقف لقوله في شرح المنظومة أما لو شرط الواقف في ذلك شروطا اتبعت فإن قلت : قال في القنية وقف وشرط أن يقرأ عند قبره فالتعيين باطل وصرحوا في الوصايا بأنه لو أوصى بشيء لمن يقرأ عند قبره فالوصية باطلة فدل على أن المكان لا يتعين وبه تمسك بعض الحنفية من أهل العصر .
قلت : لا يدل لأن صاحب الاختيار علله بأن أخذ شيء للقراءة لا يجوز لأنه كالأجرة فأفاد أنه مبني على غير المفتى به فإن المفتى به جواز الأخذ على القراءة فيتعين المكان والذي ظهر لي أنه مبني على قول أبي حنيفة بكراهة القراءة عند القبر فلذا يبطل التعيين والفتوى على قول محمد من عدم كراهة القراءة عنده كما في الخلاصة فيلزم التعيين وقد سمعت بعض المدرسين من الحنفية يتمسك على عدم تعيين المكان بقولهم لو نذر الصلاة في الحرم لا يتعين المكان فكذا إذا عينه الواقف وهذه غفلة عظيمة لأن الناذر لو عين فقيرا لا يتعين والواقف لو عين إنسانا للصرف تعين حتى لو صرف الناظر لغيره كان ضامنا فكيف يقاس الوقف على النذر .
فإن قلت قد قدمت عن الخلاصة أنه لو وقف مصحفا على المسجد جاز ويقرأ في ذلك المسجد وفي موضع آخر ولا يكون مقصورا على هذا المسجد فهذا يدل على عدم تعيين المكان قلت ليس فيه أنه شرط أن يقرأ فيه في ذلك المسجد وإنما أطلق وكلامنا عند الاشتراط وفي القنية سبل مصحفا في مسجد بعينه للقراءة ليس له بعد ذلك أن يدفعه إلى آخر من غير أهل تلك المحلة للقراءة ا هـ .
فهذا يدل على تعيين المحلة وأهلها فإن قلت ما يأخذه صاحب الوظيفة أجرة أو صدقة أو صلة قلت قال الطرسوسي في أنفع الوسائل إن فيه شوب الأجرة والصلة والصدقة فاعتبرنا شائبة الأجرة في اعتبار زمن المباشرة وما يقابله من المعلوم واعتبرنا شائبة الصلة بالنظر إلى المدرس إذا قبض معلومه ومات أو عزل في أنه لا يسترد منه حصة ما بقي من السنة وأعملنا شائبة الصدقة في تصحيح أصل الوقف فإن الوقف لا يصح على الأغنياء ابتداء لأنه لا بد فيه من ابتداء قربة ولا يكون إلا ملاحظة جانب الصدقة ثم قال قبله إن المأخوذ في معنى الأجرة وإلا لما جاز للغني
فإذا [ ص: 247 ] مات المدرس في أثناء السنة قبل مجيء الغلة وقبل ظهورها من الأرض وقد باشر مدة ثم مات أو عزل ينبغي أن ينظر وقت قسمة الغلة إلى مدة مباشرته وإلى مباشرة من جاء بعده ويبسط المعلوم على المدرسين وينظر كم يكون منه للمدرس المنفصل والمتصل فيعطى بحسابه مدته ولا يعتبر في حقه ما قدمناه في اعتبار زمن مجيء الغلة وإدراكها كما اعتبر في حق الأولاد في الوقف عليهم بل يفترق الحكم بينهم وبين المدرس والفقيه وصاحب وظيفة ما في جهات البر .
وهذا هو الأشبه بالفقه والأعدل إلى آخره وقد كثر وقوع هذه الحادثة بالقاهرة فأفتى بعض الحنفية بما قالوه في حق الأولاد من اعتبار مجيء الغلة حتى إن بعضهم يفرغ عن وظيفته قبل مجيء الغلة بشهر أو جمعة وقد كان باشر غالب السنة فينازعه المنزول له ويتمسك بما ذكرنا وليس بصحيح لما علمته من كلام الطرسوسي من قسمته المعلوم بينهما بقدر المباشرة ولكن بالقاهرة إنما تعتبر الأقساط فإنهم يؤجرون الأوقاف بأجرة تستحق على ثلاثة أقساط كما نبه عليه في فتح القدير فيقسم القسط بينهما بقدر المباشرة .
فإن قلت قال ابن الشحنة معزيا إلى التعليقة في المسائل الدقيقة لابن الصائغ وهو بخطه قال وما يأخذه الفقهاء من المدارس ليس بأجرة لعدم شروط الإجارة ولا صدقة لأن الغني يأخذها بل إعانة لهم على حبس أنفسهم للاشتغال حتى لو لم يحضروا الدرس بسبب اشتغال وتعليق جاز أخذهم الجامكية ولم يعزها إلى كتاب لكن فيما تقدم قريبا عن قاضي خان ما يشهد له حيث علل بأن الكتابة من جملة التعليم قلت هو محمول على الأوقاف على الفقهاء من غير اشتراط حضور درس أياما معينة على ما قدمناه عن ابن الشحنة ولذا قال في القنية الأوقاف ببخارى على العلماء لا يعرف من الواقف شيء غير ذلك فللقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض إذا لم يكن الوقف على قوم يحصون وكذا الوقف على الذين يختلفون إلى هذه المدرسة أو على متعلمي هذه المدرسة أو على علمائها يجوز للقيم أن يفضل البعض ويحرم البعض إن لم يبين الواقف ما يعطي كل واحد منهم ثم رقم الأوقاف المطلقة على الفقهاء قيل الترجيح [ ص: 248 ] بالحاجة وقيل بالفضل . ا هـ .
فإن قلت كيف فرق الطرسوسي بين الأولاد وبين أرباب الوظائف وصريح ما في الفتاوى يخالفه قال في البزازية إمام المسجد رفع الغلة وذهب قبل مضي السنة لا يسترد منه غلة بعض السنة والعبرة لوقت الحصاد فإن كان يؤم في المسجد وقت الحصاد يستحقه وصار كالجزية وموت الحاكم في خلال السنة وكذا حكم الطلبة في المدارس . ا هـ .
قلت إن قوله والعبرة لوقت الحصاد إنما هو فيما إذا قبض معلوم السنة بتمامها وذهب قبل مضيها لا لاستحقاقه من غير قبض مع أنه في القنية نقل عن بعض الكتب أنه ينبغي أن يسترد من الإمام حصة ما لم يؤم فيه . ا هـ .
فإن قلت : هل تجوز النيابة في الوظائف مطلقا أو بعذر أم لا مطلقا قلت لم أر فيها نقلا عن أصحابنا إلا ما ذكره الطرسوسي في أنفع الوسائل فهما من كلام الخصاف فإنه قال قلت أرأيت إن حلت بهذا القيم آفة من الآفات مثل الخرس والعمى وذهاب العقل والفالج وأشباه ذلك هل يكون له الأجر القيم على الوقف قائما أم لا قال إذا حل به من ذلك شيء يمكنه معه الكلام والأمر والنهي فالأجر له قائم وإن كان لا يمكنه معه الكلام والأمر والنهي والأخذ والإعطاء لم يكن له من هذا الأجر شيء . ا هـ .
قال الطرسوسي فاستنبطنا منه جواب مسألة واقعة وهي أن المدرس أو الفقيه أو المعيد أو الإمام أو من كان مباشرا شيئا من وظائف المدارس إذا مرض أو حج وحصل له ما يسمونه الناس عذرا شرعيا على اصطلاحهم المتعارف بين الفقهاء أنه لا يحرم مرسومه المعين بل يصرف إليه ولا تكتب عليه غيبة ومقتضى ما ذكره الخصاف أنه لا يستحق شيئا من المعلوم مدة ذلك العذر .
فالمدرس إذا مرض أو الفقيه أو أحد من أرباب الوظائف فإنه على ما قال الخصاف إن أمكنه أن يباشر ذلك استحق وإن كان لا يمكنه أن يباشر ذلك لا يستحق شيئا من المعلوم وما جعل هذه العوارض عذرا في عدم منعه عن معلومه المقرر له بل أدار الحكم في المعلوم على نفس المباشر فإن وجدت استحق المعلوم وإن لم توجد لا يكون له معلوم وهذا هو الفقه واستخرجنا أيضا من هذا البحث والتقرير جواب مسألة أخرى وهي أن الاستنابة لا تجوز سواء كان لعذر أو لغير عذر فإن الخصاف لم يجعل له أن يستنيب مع قيام الأعذار التي ذكرها ولو كانت الاستنابة تجوز كأن قال ويجعل له من يقوم مقامه إلى أن يزول عذره وهذا أيضا ظاهر الدليل وهو فقه حسن ا هـ .
وقدمنا عن ابن وهبان أنه إذا سافر للحج أو صلة الرحم لا ينعزل ولا يستحق المعلوم مع أنهما فرضان عليه وإلا ما ذكر في القنية استخلف الإمام خليفة في [ ص: 249 ] المسجد ليؤم فيه زمان غيبته لا يستحق الخليفة من أوقاف الإمامة شيئا إن كان الإمام أم أكثر السنة . ا هـ .
وحاصله أن النائب لا يستحق من الوقف شيئا لأن الاستحقاق بالتقرير لم يوجد ويستحق الأصيل الكل إن عمل أكثر السنة وسكت عما يعينه الأصيل للنائب كل شهر في مقابلة عمله هل يستحقه النائب عليه أو لا والظاهر أنه يستحقه لأنها إجارة وقد وفى العمل بناء على قول المتأخرين المفتى به من جواز الاستئجار على الإمامة والتدريس وتعليم القرآن وعلى هذا إذا لم يعمل الأصيل وعمل النائب كانت الوظيفة شاغرة ولا يجوز للناظر الصرف إلى واحد منهما ويجوز للقاضي عزله وعمل الناس بالقاهرة على جواز الاستنابات في الوظائف وعدم اعتبارها شاغرة مع وجود النيابة .
ثم رأيت في الخلاصة من كتاب القضاء أن الإمام يجوز استخلافه بلا إذن بخلاف القاضي وعلى هذا لا تكون وظيفته شاغرة وتصح النيابة ومما يرد على الطرسوسي أن الخصاف صرح بأن للقيم أن يوكل وكيلا يقوم مقامه وله أن يجعل له من معلومه شيئا وكذا في الإسعاف وهذا كالتصريح بجواز الاستنابة لأن النائب وكيل بالأجرة كما لا يخفى فالذي تحرر جواز الاستنابة في الوظائف فإن قلت : هل للناظر قطع معلوم صاحب الوظيفة بقول كاتب الغيبة وحده مع دعوى المستحق حضوره .
قلت : لم أر فيها نقلا لأصحابنا وإنما ذكره الإمام السبكي في فتاواه أنه لا يجوز القطع بقول كاتب الغيبة وحده وصرح بأنه لا يحل لكاتب الغيبة أن يكتب عليه حتى يعلم أن غيبته كانت لغير عذر لكن هذا مبني على مذهبه من أن الغيبة لعذر لا توجب الحرمان وأما على ما قدمناه من عدم الاستحقاق فلا وسيأتي شيء من أحكام الوظائف في بيان تصرفات الناظر إن شاء الله تعالى .


