الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وإن نقص كيل أخذ بحصته أو ترك ، وإن زاد فللبائع ) متفرع على قوله ، وإن سمى الكل يعني إذا سمى الجملة لو نقص عما سماه في المثليات خير لتفرق الصفقة عليه فلم يتم رضاؤه بالموجود ، وإن زاد شيء عليه فهو للبائع ; لأن البيع وقع على مقدار معين والقدر ليس بوصف وفي غاية البيان ، وكذا الحكم في كل مكيل أو موزون ليس في تبعيضه ضرر قيد بكونه بيع مكايلة ; لأنه لو اشترى حنطة مجازفة في البيت فوجد تحتها دكانا فله الخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن ، وإن شاء تركها ، وكذا لو اشترى بئرا من حنطة على أنها كذا ، وكذا ذراعا فإذا هي أقل من ذلك فله الخيار ، ولو كان طعاما في حب فإذا نصفه تبن يأخذه بنصف الثمن ; لأن الحب وعاء يكال فيه فصار البيع حنطة مقدرة والبيت والبئر لا يكال بهما فصار المبيع حنطة غير مقدرة ولكن البائع أطعمه في شيء فوجد بخلافه ، وإذا يوجب الخيار ، ولو اشترى سمكة على أنها عشرة أرطال ووزن البائع عليه فوجد المشتري في بطنها حجرا يزن ثلاثة أرطال فهو بالخيار إن شاء أخذها بجميع الثمن ، وإن شاء ترك ; لأن الوزن هاهنا جار مجرى الجودة والوزن قد يجري مجرى الصفة في بعض الأشياء كما في اللآلئ والجواهر وهاهنا كذلك وفوات الوزن بمنزلة العيب ، فإن شواها قبل أن يعلم والمسألة بحالها تقوم السمكة عشرة أرطال وتقوم سبعة فيرجع بحصة ما بينهما من الثمن ; لأنه تعذر الرد بالعيب فيرجع بنقصان العيب ، كذا في المحيط ومسألة السمكة خارجة عن حكم الموزونات ، فإن الحكم في الموزونات التخير عند النقصان إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن ، وإن شاء ترك وحكمها التخيير بين الأخذ بجميع الثمن أو الفسخ ولا خصوصية للسمكة بل كل موزون في تبعيضه ضرر كذلك ، ولذا قال في الخانية رجل باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالا فوجدها أكثر سلمت للمشتري ; لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف بمنزلة الذرعان في الثوب ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية