( قوله وبقبض المشتري يهلك بالقيمة ) لأن البيع ينفسخ بالهلاك لأنه كان موقوفا ولا نفاذ بدون المحل فبقي مقبوضا بيده على سوم الشراء وفيه القيمة كذا في الهداية والمراد بالقيمة في المشبه والمشبه به البدل يشمل المثلي فإنه مضمون بالمثل والقيمي هو المضمون بالقيمة والكلام هنا في موضعين في حكم المشبه وهي مسألة الكتاب ولا فرق بين هلاكه في مدة الخيار مع بقائه أو بعدما فسخ البائع البيع كما في جامع الفصولين وأما إذا هلك في يده بعد المدة من غير فسخ فيها فإنه يهلك بالثمن لسقوط الخيار وفي مسألة الكتاب إذا ادعى البائع هلاكه في يده ووجوب القيمة له وادعى المشتري أنه أبق من يده فالقول للمشتري مع يمينه لأن الظاهر حياته ويجوز البيع على البائع ويتم لأن بمضي الثلاثة يسقط خياره .
وكذا لو كان البائع هو الذي يدعي الإباق والمدعي يدعي الموت فالقول للبائع مع يمينه كذا في السراج الوهاج ولم يذكر المصنف حكم ما إذا دخله عيب في يد المشتري وفي السراج الوهاج إن كان من ذوات القيم يجب عليه ضمان ما نقص يوم القبض وإن كان مثليا فليس له أن يضمنه نقصانه لشبهة الربا ا هـ .
وفي جامع الفصولين باع أرضا بخيار وتقابضا فنقض البائع في المدة فتبقى الأرض مضمونة بالقيمة على المشتري وله حبسها لثمن دفعه إلى البائع فلو أذن البائع بعده للمشتري في زراعتها فزرعها تصير الأرض أمانة عند المشتري وللبائع أخذها منه متى شاء قبل أداء الثمن وليس للمشتري حسبها بالثمن لأنه لما زرعها صار كأنه سلمها إلى البائع ا هـ .
وأما الثاني أعني المشبه به وهو المقبوض على سوم الشراء فأطلقه في الهداية وقيده في أكثر الكتب بأن يسمى ثمنه وعبارة الصدر الشهيد في الفتاوى الصغرى المقبوض على سوم الشراء إنما يكون مضمونا إذا كان الثمن مسمى نص عليه الفقيه أبو الليث في بيوع العيون فإنه ذكر إذا قال اذهب بهذا الثوب فإن رضيته اشتريته فذهب به فهلك لا يضمن وإن قال إن رضيته اشتريته [ ص: 11 ] بعشرة فذهب به فهلك فإنه يضمن القيمة وعليه الفتوى ا هـ .
وفي الظهيرية أن هذا الشرط في ظاهر الرواية وذكر الطرسوسي في أنفع الوسائل بعد ذكر منقولات فتحرر أنه مضمون إن ذكر الثمن حالة المساومة والمراد بذكر الثمن فيه من جانب المشتري لا من جانب البائع وحده فإنه قال في القنية عن أبي حنيفة قال له هذا الثوب بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه فإن رضيته أخذته بعشرة فضاع فهو على ذلك الثمن فجعل ذكر البائع وحده ليس بموجب للضمان وكذا في المسألة التي ذكر بعد هذه لو قال إن رضيته أخذته بعشرة فعليه قيمته ولو قال صاحب الثوب هو بعشرة فقال المساوم حتى أنظر إليه وقبضه وضاع لا يلزمه شيء فعلمنا أن المراد ذكر الثمن من جهة المساوم لا من جهة البائع وحده إلى آخر ما أطال فيه وقال فليعتن بهذا التحرير فإنه فائدة جليلة قلت : هو خطأ وبيان الثمن من جهة البائع وحده إذا أخذه المشتري بعده على وجه السوم كاف لضمانه .
قال في الخانية رجل طلب من رجل ثوبا ليشتري فأعطاه البائع ثلاثة أثواب فقال هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين فاحمل الثياب إلى منزلك فأي ثوب ترضى بعته منك فحمل فهلكت عند المشتري قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إن هلكت الكل جملة أو على التعاقب ولا يدري الذي هلك أولا ولا الذي بعده ضمن المشتري ثلث كل ثوب وإن عرف الأول لزمه ذلك الثوب والثوبان أمانة عنده وإن هلكت الثوبان وبقي الثالث فإنه يرد الثالث لأنه أمانة وأما الثوبان يلزمه نصف ثمن كل واحد منهما إذا كان لا يعلم أيها هلك أولا وإن هلك واحد وبقي ثوبان يلزمه ثمن الهالك ويرد الثوبين وإن احترق الثوبان ونقص الثالث ثلثه أو ربعه ولا يعلم أيهما احترق أولا يرد ما بقي من الثالث ولا يضمن نقصان الحرق بقدره ويلزمه نصف ثمن كل واحد من الثوبين ا هـ .
فهذا صريح في أن بيان الثمن من جهة البائع يكفي للضمان وفي الخلاصة والبزازية اذهب به إن رضيته اشتريت فذهب به فضاع لا يضمن ولو قال إن رضيته اشتريته بعشرة فذهب به وضاع ضمن ا هـ .
وهذا صريح فيما قلناه وقد اشتبه عليه المقبوض على سوم الشراء بالمقبوض على وجه النظر فإن فيما نقله عن القنية إنما قال المساوم حتى أنظر إليه والمقبوض على وجه النظر أمانة وما ذكرناه عن أصحاب الفتاوى إنما قال إن رضيته اشتريته والدليل على الفرق بينهما ما في الخانية قال ولو أخذ ثوبا على المساومة فدفعه إليه البائع وهو يساومه والبائع يقول هو بعشرة فهو على الثمن الذي قال البائع حتى يرد عليه المشتري وإن ساومه فقال المشتري حتى أنظر إليه فدفعه فضاع منه فليس على المشتري شيء لأنه إنما أخذه للنظر وإن أخذه على غير النظر ثم قال حتى أنظر إليه فقوله حتى أنظر إليه لا يخرجه [ ص: 12 ] عن الضمان ا هـ .
فهذا صريح في الفرق بينهما وفي الذخيرة معزيا لأبي يوسف رجل ساوم رجلا بثوب فقال صاحب الثوب هو بعشرة فقال المساوم هاته حتى أنظر إليه فدفعه إليه على ذلك فضاع لا يلزمه شيء علل فقال لأنه أخذه على النظر إشارة إلى أن هذا ليس بمقبوض على سوم الشراء ا هـ .
فهذا صريح في الفرق بينهما أيضا وفي الفتاوى الظهيرية رجل قال هذا الثوب لك بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه أو قال حتى أريه غيري فأخذه على ذلك فضاع في يده لم يضمن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ولو قال هاته فإن رضيته أخذته فضاع كان عليه الثمن ا هـ .
وهذا صريح أيضا فثبت بهذه النقول من الكتب المعتمدة أنه لا فرق في المقبوض على سوم الشراء بين بيان الثمن من البائع أو من المشتري وحده ولقد صدق ختام المحققين ابن الهمام في فتح القدير حيث قال في كتاب الوقف إن الطرسوسي بعيد عن الفقه ثم رأيت الفرق بينهما أيضا صريحا في فروق الكرابيسي ومنها نقلت قال لو قال هذا الثوب لك بعشرة فقال هاته حتى أنظر إليه أو حتى أريه غيري فأخذه فضاع قال أبو حنيفة لا شيء عليه يعني يهلك أمانة وإن قال هاته حتى أنظر إليه فإن رضيته أخذته فهلك فعليه الثمن والفرق أن في الفصل الأول أمره لينظر إليه أو ليريه غيره وذلك ليس ببيع فأما في الفصل الآخر أمره بالإتيان به ليرضاه ويأخذه وذلك بيع بدون الأمر فمع الأمر أولى . ا هـ .
والظاهر من كلامهم أنه لا فرق بين الهلاك أو الاستهلاك وما في الذخيرة عن أبي يوسف أن المقبوض على سوم الشراء مضمون بالثمن محمول على القيمة وما ذكره الطرسوسي من أنه إن هلك فمضمون بالقيمة وإن استهلكه فمضمون بالثمن ليس بصحيح لما في الخانية إذا أخذ ثوبا على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته .
وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري . ا هـ .
والوارث كالمورث وأما مقبوض الوكيل بالسوم فقال في الخانية الوكيل بالشراء إذا أخذ الثوب على سوم الشراء فأراه الموكل ولم يرض به ورده عليه فهلك عند الوكيل قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل ضمن الوكيل قيمته ولا يرجع بها على الموكل إلا أن يأمره الوكيل بالأخذ على سوم الشراء فحينئذ إذا ضمن الوكيل رجع على الموكل ا هـ .
وفي البزازية غلط وسلم غير المبيع وهلك ضمن القيمة لأنه قبضه على جهة البيع بعث رسولا إلى البزاز وقال ابعث إلي ثوب كذا فبعث إليه البزاز معه أو مع غيره فضاع الثوب قبل الوصول إلى الآمر وتصادقوا عليه لا ضمان على الرسول ثم إن كان رسول الآمر فالضمان على الآمر وإن كان رسول البزاز فلا ضمان على أحد لكن إذا وصل إلى الآمر ضمن الآمر [ ص: 13 ] وكذا لو أرسل إلى آخر وقال أرسل إلي عشرة دراهم قرضا فأرسل معه فالآمر ضامن إذا أقر أنه رسوله فإن بعثه مع غير رسوله لا ضمان على الآمر قبل أن يصل وكذا الدائن إذا بعث رسولا لقبض دينه فبعث معه وضاع يكون من مال الدائن وإن مع الآخر لا حتى يصل إليه ا هـ .
ثم اعلم أن المقبوض على سوم الشراء إذا بين ثمنه مضمون وإن اشترط أن لا ضمان فيه لما في البزازية استباع قوسا وتقرر الثمن فمده بإذن البائع أو قال له إن انكسر فلا ضمان عليك فمده وانكسر يضمن قيمته وإن لم يتقرر الثمن فلا ضمان ولو بالإذن لأن اشتراط عدم الضمان في المقبوض على السوم باطل وعن الإمام أراه الدرهم لينظر إليه فغمزه أو قوسا فمده فانكسر أو ثوبا فتخرق ضمن إن لم يأمره بالغمز والمد واللبس وقيل إن كان لا يرى إلا بالغمز لا يضمن إن لم يجاوز ويصدق في أنه لم يجاوز ا هـ .
وفي جامع الفصولين المقبوض على سوم الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين وما قبض على سوم القرض مضمون بما ساوم كمقبوض على حقيقته بمنزلة مقبوض على سوم البيع إلا أن في البيع يضمن القيمة وهنا يهلك الرهن بما ساومه من القرض وما قبض على سوم النكاح مضمون يعني لو قبض أمة غيره ليتزوجها بإذن مولاها فهلكت في يده ضمن قيمتها والمهر قبل تسليمه مضمون وكذا بدل الخلع في يد المرأة يعني لو تزوجها على عين أو خالعها فهلكت قبل قبضه يلزمه مثله في المثلي وقيمته في القيمي ا هـ ذكره في الثلاثين منه .
[ ص: 11 ]


