( قوله وتأجيل كل دين إلا القرض    ) أي صح لأن الدين حقه فله أن يؤخره سواء كان ثمن مبيع أو غيره تيسيرا على من عليه ألا ترى أنه يملك إبراءه مطلقا فكذا مؤقتا ، ولا بد من قبوله ممن عليه الدين فلو لم يقبله بطل التأخير فيكون حالا كذا ذكره الإسبيجابي  ، ويصح تعليق التأجيل بالشرط فلو قال رب الدين لمن عليه ألف حالة إن دفعت إلي غدا خمسمائة فالخمسمائة الأخرى مؤخرة عنك إلى سنة  فهو جائز كذا في الذخيرة ، وإنما لا يؤجل القرض لكونه إعارة وصلة في الابتداء حتى يصح بلفظ الإعارة ، ولا يملكه من لا يملك التبرع كالصبي والوصي ، ومعاوضة في الانتهاء فعلى اعتبار الابتداء لا يلزم التأجيل فيه كما في الإعارة إذ لا جبر في التبرع ، وعلى اعتبار الانتهاء لا يصح لأنه يصير بيع الدراهم بالدراهم نسيئة ، وهو ربا ، ومرادهم من الصحة اللزوم ، ومن عدم صحته في القرض عدم اللزوم ، وأطلقه فشمل ما إذا أجله بعد الاستهلاك أو قبله هو الصحيح ، وليس من تأجيل القرض  تأجيل بدل الدراهم أو الدنانير المستهلكة إذ باستهلاكها لا تصير قرضا . 
والحيلة في لزوم تأجيل القرض أن يحيل المستقرض المقرض على آخر بدينه فيؤجل المقرض ذلك الرجل المحال عليه فيلزم حينئذ كذا في فتح القدير ، وإذا لزم فإن كان للمحيل على المحال عليه دين فلا إشكال ، وإلا أقر المحيل بقدر المحال به للمحال عليه مؤجلا إليه أشار في المحيط ، وفي الظهيرية القرض المجحود  يجوز تأجيله ، وفي القنية من كتاب المداينات قضى القاضي بلزوم الأجل في القرض بعدما ثبت عنده تأجيل القرض معتمدا على قول  مالك   وابن أبي ليلى  يصح ، ويلزم الأجل ، وفي تلخيص الجامع من كتاب الحوالة لو كفل بالحال مؤجلا تأخر عن الأصيل ، وإن كان قرضا لأن الدين واحد ، وهي حيلة تأجيل القرض إذ يثبت ضمنا ما يمتنع قصدا كبيع الشرب والطريق ، ولا يلزم ما أجل بعد الكفالة إذ موضوعها أن يضيف إلى اللازم بالكفالة لا الدين حتى لو عكس تأخر عن الأصيل أيضا حذو الإبراء . ا هـ . 
ولم يستثن المصنف  رحمه الله تعالى من عدم صحة تأجيل القرض شيئا ، واستثنى منه في الهداية ما إذا أوصى أن يقرض من ماله ألف درهم فلانا إلى سنة  حيث يلزم من ثلثه أن يقرضوه ، ولا يطالبوه قبل المدة لأنه وصية بالتبرع بمنزلة الوصية بالخدمة والسكنى فيلزم حقا للموصي ا هـ . 
ولا ينحصر في هذه الصورة بل كذلك إذا كان له قرض على إنسان فأوصى أن يؤجل سنة صح ، ولزم كما في القنية ، وقد كتبنا في الفوائد الفقهية أن المستثنى لا ينحصر في القرض بل كذلك لا يصح تأجيل الدين في صور الأولى لو مات المديون ، وحل المال فأجل الدائن وارثه  لم يصح لأن الدين في الذمة ، وفائدة التأجيل أن يتجر فيؤدي الثمن من نماء المال فإذا مات من له الأجل تعين المتروك لقضاء  [ ص: 133 ] الدين فلا يفيد التأجيل كذا في الخلاصة ، وظاهره أنه في كل دين ، وذكره في القنية في القرض ، الثانية أجل المشتري الشفيع في الثمن لم يصح كما سيأتي فيها ، وهو مذكور في القنية ، وفي الخلاصة بموت البائع لا يبطل الأجل ، ويبطل بموت المشتري ، الثالثة تأجيل ثمن المبيع عند الإقالة لا يصح كما قدمناه عن القنية . 
والحاصل أن تأجيل الدين على ثلاثة أوجه  باطل ، وهو تأجيل بدلي الصرف والسلم ، وصحيح غير لازم ، وهو القرض والدين بعد الموت وتأجيل الشفيع وثمن المبيع بعد الإقالة ، ولازم فيما عدا ذلك قال قاضي خان  في فتاواه المديون إذا قال برئت من الأجل أو لا حاجة لي في الأجل لهذا الدين  لم يكن إبطالا للأجل ، ولو قال أبطلت الأجل أو قال تركته صار حالا ، والمديون إذا قضى الدين قبل حلول الأجل فاستحق المقبوض من القابض أو وجده زيوفا فرده كان الدين عليه إلى أجله ، ولو اشترى من مديونه شيئا بالدين ، وقبضه ثم تقايلا البيع  لا يعود الأجل ، ولو وجد بالمبيع عيبا فرده بقضاء عاد الأجل ، ولو كان بهذا الدين المؤجل كفيل لا تعود الكفالة في الوجهين . ا هـ . 
وفي الخلاصة ، وإبطال الأجل يبطل بالشرط الفاسد ، ولو قال كلما دخل نجم ، ولم يؤد فالمال حال صح ، والمال يصير حالا ا هـ 
( تتمة ) في مسائل القرض قال في المحيط ، ويجوز القرض فيما هو من ذوات الأمثال كالمكيل ، والموزون والعددي المتقارب كالبيض ، والجوز  لأن القرض مضمون بالمثل ، ولا يجوز في غير المثلي لأنه لا يجب دينا في الذمة ، ويملكه المستقرض بالقبض كالصحيح ، والمقبوض بقرض فاسد يتعين للرد ، وفي القرض الجائز لا يتعين بل يرد المثل ، وإن كان قائما ، وعن  أبي يوسف  ليس له إعطاء غيره إلا برضاه ، وعارية ما جاز قرضه قرض ، وما لا يجوز قرضه عارية ، ولا يجوز قرض جر نفعا بأن أقرضه دراهم مكسرة بشرط رد صحيحة أو أقرضه طعاما في مكان بشرط رده في مكان آخر فإن قضاه أجود بلا شرط جاز ، ويجبر الدائن على قبول الأجود ، وقيل لا كذا في المحيط ، وفي الخلاصة القرض بالشرط  حرام ، والشرط ليس بلازم بأن يقرض على أن يكتب إلى بلد كذا حتى يوفي دينه . ا هـ . 
وفي المحيط ، ولا بأس بهدية من عليه القرض ، والأفضل أن يتورع إذا علم أنه إنما يعطيه لأجل القرض أو أشكل فإن علم أنه يعطيه لا لأجل القرض بل لقرابة أو صداقة بينهما لا يتورع ، وكذا لو كان المستقرض معروفا بالجود ، والسخاء جاز ، ولا يجوز قرض مملوك أو مكاتب درهما فصاعدا  لأن فيه معنى التبرع ، ولو اشترى بقرض له عليه فلوسا جاز ، ويشترط قبضها في المجلس ، ولو أمر المقرض المستقرض أن يصارف بماله عليه  لم يجز عند  أبي حنيفة  خلافا لهما ، وهي مسألة أسلم مالي عليك ، ولو دفع المستقرض إلى المقرض دراهم ليصرفها بدنانير ، ويأخذ حقه منه  فهو وكيل وأمين فلو تلفت قبل أن يستوفي دينه لا يبطل دينه وبيع الدين بالدين  جائز إذا افترقا عن قبضهما في الصرف أو عن قبض أحدهما في غير الصرف ، ولو اشترى المستقرض الكر القرض من المقرض  جاز  [ ص: 134 ] ويشترط قبض ثمنه في المجلس فإن أدى الثمن فوجد بالكر عيبا رده أو رجع بنقصان العيب ، ولو اشترى ما عليه بكر مثله جاز إن كان عيبا ، ولا يجوز إن كان دينا فلو وجد بالمقروض عيبا لم يرجع بنقصان العيب ، ولو اشترى المستقرض كر المقرض بعينه لم يجز لأنه ملكه إلا في رواية عن  أبي يوسف  ، ولو باعه من المقرض جاز ، ولا ينفسخ القرض ا هـ . 
وفي القنية من باب القروض شراء الشيء اليسير بثمن غال  إذا كان له حاجة إلى القرض يجوز ويكره ، استقرض عشرة دراهم فأرسل عبده ليأخذها من المقرض فقال المقرض دفعتها إليه ، وأقر العبد به ، وقال دفعتها إلى مولاي ، وأنكر المولى قبض العبد العشرة  فالقول له ، ولا شيء عليه ، ولا يرجع المقرض على العبد لأنه أقر أنه قبضها بحق ، استقراض  [ ص: 135 ] الدقيق وزنا يجوز ، والاحتياط أن يبرئ كل صاحبه ، والجواز رواية عن  أبي يوسف  ، ورواية الأصل بخلافه ، استقراض الحنطة وزنا يجوز ، وعنهما خلافه ، بخاري استقرض من سمرقندي حنطة بسمرقند  ليدفعها ببخارى   ليس له المطالبة إلا بسمرقند  ، وفي استقراض السرقين  اختلاف المشايخ بناء على أنه مثلي أو قيمي ، واستقراض العجين في بلادنا وزنا يجوز لا جزافا ، ولم يتعرض لاستقراض الخميرة ، وينبغي الجواز من غير وزن { ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خميرة يتعاطاها الجيران أيكون ربا فقال ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن عند الله ، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح   } أنفق من قصاب لحوما ، ولم يذكر أنه قرض أو شراء  فذلك قرض فاسد يملكه بالقبض ولا يحل أكله ، القرض الفاسد  يفيد عند القبض الملك ، يعطيه مديونه حنطة ينفقها ويحسبانها فله إنفاقها وتكون قرضا ، والدبس من ذوات القيم فينبغي أن لا يجوز استقراضه ،  عشرون رجلا جاءوا واستقرضوا من رجل وأمروه أن يدفع الدراهم إلى واحد منهم فدفع ليس له أن يطلب منه إلا حصته ، وحصل بهذا رواية مسألة أخرى أن التوكيل بقبض القرض  يصح ، وإن لم يصح التوكيل بالاستقراض . ا هـ . والله أعلم . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					