( باب الربا ) .
وجه مناسبته للمرابحة أن في كل منهما زيادة إلا أن تلك حلال ، وهذه حرام ، والحل هو الأصل في الأشياء فقدم ما يتعلق بتلك الزيادة على ما يتعلق بهذه ، والربا بكسر الراء ، وفتحها خطأ ، وفي المصباح
nindex.php?page=treesubj&link=5365_5364الربا الفضل ، والزيادة ، وهو مقصور على الأشهر ، ويثنى ربوان بالواو على الأصل ، وقد يقال ربيان على التخفيف ، وينسب إليه على لفظه فيقال ربوي قاله
أبو عبيد ، وغيره ، وزاد
المطرزي فقال الفتح في النسبة خطأ . ا هـ .
وليس المراد مطلق الفضل بالإجماع فإن فتح الأسواق في سائر بلاد المسلمين للاستفضال ، والاسترباح ، وإنما المراد فضل مخصوص فلذلك عرفه شرعا بقوله ( فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال ) أي فضل أحد المتجانسين على الآخر بالعيار الشرعي أي الكيل والوزن ، ففضل قفيزي شعير على قفيزي بر لا يكون ربا ، وكذا فضل عشرة أذرع من ثوب هروي على خمسة منه ، وقيد بقوله بلا عوض أي خال عنه ليخرج بيع كر بر وكر شعير بكري بر وكري شعير فإن للثاني فضلا على الأول لكنه غير خال عن العوض لصرف الجنس إلى خلاف جنسه .
وقيد بالمعاوضة لأن الفضل الخالي عن العوض الذي في الهبة ليس بربا ، وترك
المصنف قيدا لا بد منه ، وهو أن يكون الفضل الخالي مشروطا في العقد لأحد المتعاقدين ، وقد قيده به في الوقاية ، وقال شارحها إنما قيد به لأنه لو شرط لغيرهما لا يكون ربا ، وفي البناية قال علماؤنا هو بيع فيه فضل مستحق لأحد المتعاقدين خال عما يقابله من عوض شرط في هذا العقد ، وعلى هذا سائر أنواع البيوع الفاسدة من قبيل الربا ، وفي الذخيرة من كتاب المداينات من الفصل الثاني عشر في المتفرقات قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7306_5484_5428اشترى الرجل من [ ص: 136 ] آخر عشرة دراهم فضة بعشرة دراهم فزاد عليها دانقا فوهبه دانقا ، ولم يدخله في البيع إن لم يكن مشروطا في الشراء لا يفسد الشراء لأنه إذا وهب الدانق منه انعدم الربا قالوا إنما تصح هبة الدانق إذا كانت الدراهم بحيث يضرها الكسر لأنها حينئذ هبة مشاع فيما لا يحتمل القسمة ا هـ .
وفي جمع العلوم الربا شرعا عبارة عن عقد فاسد ، وإن لم يكن فيه زيادة لأن
nindex.php?page=treesubj&link=5477_5429بيع الدرهم بالدرهم نسيئة ربا ، وإن لم يتحقق فيه زيادة . ا هـ .
ولا يرد على
المصنف ما في جمع العلوم من ربا النسيئة لأن فيه فضلا حكميا ، والفضل في عبارته أعم منه ومن الحقيقي ، وظاهر ما في جمع العلوم ، وغيره أن المشتري يملك الدرهم الزائد إذا قبضه فيما
nindex.php?page=treesubj&link=5475_4663_5428إذا اشترى درهمين بدرهم فإنهم جعلوه من قبيل الفاسد ، وهكذا صرح به
الأصوليون في بحث النهي فقالوا إن الربا وسائر البيوع الفاسدة من قبيل ما كان مشروعا بأصله دون وصفه ، وفي كتاب المداينات من القنية قال أستاذنا وقعت واقعة في زماننا أن
nindex.php?page=treesubj&link=25110_4690_4675_5475_5485رجلا كان يشتري الذهب الرديء زمانا الدينار بخمسة دوانق ثم تنبه فاستحل منهم فأبرؤه عما بقي لهم عليه حال كون ذلك مستهلكا فكتبت أنا وغيري أنه يبرأ ، وكتب
ركن الدين الرانجاوي الإبراء لا يعمل في الربا لأن رده لحق الشرع ، وقال أجاب به
نجم الأئمة الحكيمي معللا بهذا التعليل ، وقال هكذا سمعته عن
ظهير الدين المرغيناني قال رضي الله عنه فقرب من ظني أن الجواب كذلك مع تردد فكنت أطلب الفتوى لأمحو جوابي عنه فعرضت هذه المسألة على
علاء الدين الحناطي فأجاب أنه يبرأ إذا كان الإبراء بعد الهلاك ، وغضب من جواب غيره أنه لا يبرأ فازداد ظني بصحة جوابي ، ولم أمحه .
ويدل على صحته ما ذكره
البزدوي في غناء الفقهاء من جملة صور البيع الفاسد جملة العقود الربوية يملك العوض فيها بالقبض قلت : فإذا كان فضل الربا مملوكا للقابض بالقبض فإذا استهلكه على ملكه ضمن مثله فلو لم يصح الإبراء ورد مثله يكون ذلك رد ضمان ما استهلكه لا رد عين ما استهلك ، وبرد ضمان ما استهلك لا يرتفع العقد السابق بل يتقرر مفيدا للملك في فضل الربا فلم يكن في رده فائدة نقض عقد الربا فيجب ذلك حقا لله تعالى ، وإنما الذي يجب حقا للشرع رد عين الربا إن كان قائما لا رد ضمانه انتهى ما في القنية ، وهو محرم بالكتاب ، والسنة ، والإجماع أما الكتاب فآيات منها {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وحرم الربا } والمراد به فيها الفضل ، وهو الزيادة ليتعلق التحريم به لأن الأحكام
[ ص: 137 ] لا تتعلق إلا بفعل المكلفين ، ومنها {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=130لا تأكلوا الربا } والمراد منه فيها نفس الزائد في بيع الأموال الربوية عند بيع بعضها بجنسه ، وفي المعراج ذكر الله
nindex.php?page=treesubj&link=5366لآكل الربا خمس عقوبات أحدها التخبط قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } .
قيل في معناه تنتفخ بطنه يوم القيامة فيصير لا تحمله قدماه فيصير كلما قام سقط بمنزلة من أصابه المس ، ويؤيده الحديث {
يملأ بطنه نارا بقدر ما أكل من الربا } ، والمراد به الافتضاح على رءوس الأشهاد كما في حديث آخر {
ينصب لواء يوم القيامة لآكلي الربا فيجتمعون تحته ثم يساقون إلى النار } ، والثاني المحق قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276يمحق الله الربا } والمراد الهلاك ، والاستئصال ، وقيل ذهاب البركة والاستمتاع حتى لا ينتفع هو به ولا ولده من بعده ، والثالث الحرب قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279فأذنوا بحرب من الله ورسوله } المعنى في القراءة بالمد أعلموا الناس يا أكلة الربا إنكم حرب الله ورسوله بمنزلة قطاع الطريق ، وفي قراءة بغير المد أي اعلموا أن أكلة الربا حرب لله ، الرابع الكفر قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276والله لا يحب كل كفار أثيم } أي كفار باستحلال الربا ، والخامس الخلود في النار قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109604كل درهم واحد من الربا أشد من ثلاث وثلاثين زنية يزنيها الرجل ، ومن نبت لحمه من الحرام فالنار أولى به } ، والمقصود من كتاب البيوع بيان الحلال الذي هو بيع شرعا ، والحرام الذي هو ربا ، ولهذا قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16908لمحمد ألا تصنف في الزهد شيئا قال صنفت كتاب البيوع ، وليس الزهد إلا اجتناب الحرام والرغبة في الحلال كذا في المبسوط .
وأما السنة فأكثر من أن تحصى قال الإمام
الإسبيجابي اتفقوا على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=5378_5373_5366إذا أنكر ربا النساء يكفر ، وفي ربا الفضل في القدر اختلاف فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنه لا يرى الربا إلا في النسيئة للحديث إنما الربا في النسيئة ، وكلمة إنما للحصر إلا أن عامة الصحابة احتجوا بأحاديث .
والجواب عن تعلق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه منصرف إلى ما ليس بمكيل ، ولا موزون لقوله آخره إلا ما كيل أو وزن على أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رجع عن هذا القول فإن لم يثبت رجوعه فإجماع التابعين به يرفعه ا هـ .
ما في المعراج ، وفي الخلاصة لو
nindex.php?page=treesubj&link=26410_5375_5430_5428قضي بجواز بيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد بأعيانهما أخذا بقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا ينفذ ، وإن كان مختلفا بين الصحابة لأنه لا يعلم أن أحدا من الصحابة وافقه فكان مهجورا . ا هـ .
وفي القنية من الكراهية لا بأس بالبيوع التي يفعلها الناس للتحرز عن الربا ثم رقم آخر هي مكروهة ذكر
البقالي الكراهة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ، وعندهما لا بأس به قال
الزرنجري خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في العقد بعد القرض أما إذا باع ثم دفع الدراهم لا بأس بالاتفاق . ا هـ .
وفي القنية من الكراهية يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=5561_5376للمحتاج الاستقراض بالربح ا هـ .
وفي الخلاصة معزيا إلى النوازل
nindex.php?page=treesubj&link=27216_4867_4778_26410رجل له على آخر عشرة دراهم فأراد أن يؤجلها إلى سنة ، ويأخذ منه ثلاثة عشر فالحيلة أن يشتري منه بتلك العشرة متاعا ، ويقبض المتاع منه ، وقيمة المتاع عشرة ثم يبيع المتاع منه بثلاثة عشر إلى سنة ا هـ .
( بَابُ الرِّبَا ) .
وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِلْمُرَابَحَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا زِيَادَةً إلَّا أَنَّ تِلْكَ حَلَالٌ ، وَهَذِهِ حَرَامٌ ، وَالْحِلُّ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ فَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ ، وَالرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ ، وَفَتْحُهَا خَطَأٌ ، وَفِي الْمِصْبَاحِ
nindex.php?page=treesubj&link=5365_5364الرِّبَا الْفَضْلُ ، وَالزِّيَادَةُ ، وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَشْهُرِ ، وَيُثَنَّى رِبَوَانِ بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ ، وَقَدْ يُقَالُ رِبَيَانِ عَلَى التَّخْفِيفِ ، وَيُنْسَبُ إلَيْهِ عَلَى لَفْظِهِ فَيُقَالُ رِبَوِيٌّ قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ ، وَغَيْرُهُ ، وَزَادَ
الْمُطَرِّزِيُّ فَقَالَ الْفَتْحُ فِي النِّسْبَةِ خَطَأٌ . ا هـ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْفَضْلِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّ فَتْحَ الْأَسْوَاقِ فِي سَائِرِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لِلِاسْتِفْضَالِ ، وَالِاسْتِرْبَاحِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فَضْلٌ مَخْصُوصٌ فَلِذَلِكَ عَرَّفَهُ شَرْعًا بِقَوْلِهِ ( فَضْلُ مَالٍ بِلَا عِوَضٍ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ ) أَيْ فَضْلُ أَحَدِ الْمُتَجَانِسَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِالْعِيَارِ الشَّرْعِيِّ أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ، فَفَضْلُ قَفِيزَيْ شَعِيرٍ عَلَى قَفِيزَيْ بُرٍّ لَا يَكُونُ رِبًا ، وَكَذَا فَضْلُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْهُ ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ خَالٍ عَنْهُ لِيَخْرُجَ بَيْعُ كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ فَإِنَّ لِلثَّانِي فَضْلًا عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ لِصَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ .
وَقَيَّدَ بِالْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ الْفَضْلَ الْخَالِيَ عَنْ الْعِوَضِ الَّذِي فِي الْهِبَةِ لَيْسَ بِرِبًا ، وَتَرَكَ
الْمُصَنِّفُ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ الْخَالِي مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، وَقَدْ قَيَّدَهُ بِهِ فِي الْوِقَايَةِ ، وَقَالَ شَارِحُهَا إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ رِبًا ، وَفِي الْبِنَايَةِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا هُوَ بَيْعٌ فِيهِ فَضْلٌ مُسْتَحِقٌّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ خَالٍ عَمَّا يُقَابِلُهُ مِنْ عِوَضٍ شُرِطَ فِي هَذَا الْعَقْدِ ، وَعَلَى هَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ قَبِيلِ الرِّبَا ، وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7306_5484_5428اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ [ ص: 136 ] آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَزَادَ عَلَيْهَا دَانِقًا فَوَهَبَهُ دَانِقًا ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الشِّرَاءِ لَا يَفْسُدُ الشِّرَاءُ لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَ الدَّانِقَ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا قَالُوا إنَّمَا تَصِحُّ هِبَةُ الدَّانِقِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بِحَيْثُ يَضُرُّهَا الْكَسْرُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ هِبَةٌ مُشَاعٌ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ا هـ .
وَفِي جَمْعِ الْعُلُومِ الرِّبَا شَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ فَاسِدٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِيَادَةٌ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5477_5429بَيْعَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ نَسِيئَةً رِبًا ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهِ زِيَادَةٌ . ا هـ .
وَلَا يَرِدُ عَلَى
الْمُصَنِّفِ مَا فِي جَمْعِ الْعُلُومِ مِنْ رِبَا النَّسِيئَةِ لِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا حُكْمِيًّا ، وَالْفَضْلُ فِي عِبَارَتِهِ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْحَقِيقِيِّ ، وَظَاهِرُ مَا فِي جَمْعِ الْعُلُومِ ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ إذَا قَبَضَهُ فِيمَا
nindex.php?page=treesubj&link=5475_4663_5428إذَا اشْتَرَى دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ ، وَهَكَذَا صَرَّحَ بِهِ
الْأُصُولِيُّونَ فِي بَحْثِ النَّهْيِ فَقَالُوا إنَّ الرِّبَا وَسَائِرَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْ قَبِيلِ مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ ، وَفِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ قَالَ أُسْتَاذُنَا وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ فِي زَمَانِنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25110_4690_4675_5475_5485رَجُلًا كَانَ يَشْتَرِي الذَّهَبَ الرَّدِيءَ زَمَانًا الدِّينَارُ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ ثُمَّ تَنَبَّهَ فَاسْتَحَلَّ مِنْهُمْ فَأَبْرَؤُهُ عَمَّا بَقِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا فَكَتَبْت أَنَا وَغَيْرِي أَنَّهُ يَبْرَأُ ، وَكَتَبَ
رُكْنُ الدِّينِ الرَّانْجَاوِيُّ الْإِبْرَاءُ لَا يُعْمَلُ فِي الرِّبَا لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ ، وَقَالَ أَجَابَ بِهِ
نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيُّ مُعَلِّلًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ ، وَقَالَ هَكَذَا سَمِعْته عَنْ
ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرُبَ مِنْ ظَنِّي أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ مَعَ تَرَدُّدٍ فَكُنْت أَطْلُبُ الْفَتْوَى لِأَمْحُوَ جَوَابِي عَنْهُ فَعَرَضْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى
عَلَاءِ الدِّينِ الْحَنَّاطِيِّ فَأَجَابَ أَنَّهُ يَبْرَأُ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْهَلَاكِ ، وَغَضِبَ مِنْ جَوَابِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ فَازْدَادَ ظَنِّي بِصِحَّةِ جَوَابِي ، وَلَمْ أَمْحُهُ .
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ
الْبَزْدَوِيُّ فِي غِنَاءِ الْفُقَهَاءِ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ قُلْتُ : فَإِذَا كَانَ فَضْلُ الرِّبَا مَمْلُوكًا لِلْقَابِضِ بِالْقَبْضِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ عَلَى مِلْكِهِ ضَمِنَ مِثْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَرَدَّ مِثْلَهُ يَكُونُ ذَلِكَ رَدَّ ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا رَدَّ عَيْنِ مَا اُسْتُهْلِكَ ، وَبِرَدِّ ضَمَانِ مَا اُسْتُهْلِكَ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي فَضْلِ الرِّبَا فَلَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةُ نَقْضِ عَقْدِ الرِّبَا فَيَجِبَ ذَلِكَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا إنْ كَانَ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ انْتَهَى مَا فِي الْقُنْيَةِ ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْكِتَابُ فَآيَاتٌ مِنْهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا الْفَضْلُ ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ لِيَتَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِهِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ
[ ص: 137 ] لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِينَ ، وَمِنْهَا {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=130لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا } وَالْمُرَادُ مِنْهُ فِيهَا نَفْسُ الزَّائِدِ فِي بَيْعِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ بَيْعِ بَعْضِهَا بِجِنْسِهِ ، وَفِي الْمِعْرَاجِ ذَكَرَ اللَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=5366لِآكِلِ الرِّبَا خَمْسَ عُقُوبَاتٍ أَحَدُهَا التَّخَبُّطُ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275لَا يَقُومُونَ إلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ } .
قِيلَ فِي مَعْنَاهُ تَنْتَفِخُ بَطْنُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَصِيرُ لَا تَحْمِلُهُ قَدَمَاهُ فَيَصِيرُ كُلَّمَا قَامَ سَقَطَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَصَابَهُ الْمَسُّ ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ {
يُمْلَأُ بَطْنُهُ نَارًا بِقَدْرِ مَا أَكَلَ مِنْ الرِّبَا } ، وَالْمُرَادُ بِهِ الِافْتِضَاحُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ كَمَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ {
يُنْصَبُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآكِلِي الرِّبَا فَيَجْتَمِعُونَ تَحْتَهُ ثُمَّ يُسَاقُونَ إلَى النَّارِ } ، وَالثَّانِي الْمَحْقُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا } وَالْمُرَادُ الْهَلَاكُ ، وَالِاسْتِئْصَالُ ، وَقِيلَ ذَهَابُ الْبَرَكَةِ وَالِاسْتِمْتَاعِ حَتَّى لَا يَنْتَفِعَ هُوَ بِهِ وَلَا وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، وَالثَّالِثُ الْحَرْبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } الْمَعْنَى فِي الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِّ أَعْلِمُوا النَّاسَ يَا أَكَلَةَ الرِّبَا إنَّكُمْ حَرْبُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ ، وَفِي قِرَاءَةٍ بِغَيْرِ الْمَدِّ أَيْ اعْلَمُوا أَنَّ أَكَلَةَ الرِّبَا حَرْبٌ لِلَّهِ ، الرَّابِعُ الْكُفْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=276وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } أَيْ كَفَّارٍ بِاسْتِحْلَالِ الرِّبَا ، وَالْخَامِسُ الْخُلُودُ فِي النَّارِ قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109604كُلُّ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ الرِّبَا أَشَدُّ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ ، وَمَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ الْحَرَامِ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ } ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ بَيَانُ الْحَلَالِ الَّذِي هُوَ بَيْعٌ شَرْعًا ، وَالْحَرَامِ الَّذِي هُوَ رِبًا ، وَلِهَذَا قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908لِمُحَمَّدٍ أَلَا تُصَنِّفُ فِي الزُّهْدِ شَيْئًا قَالَ صَنَّفْت كِتَابَ الْبُيُوعِ ، وَلَيْسَ الزُّهْدُ إلَّا اجْتِنَابَ الْحَرَامِ وَالرَّغْبَةَ فِي الْحَلَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى قَالَ الْإِمَامُ
الْإِسْبِيجَابِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=5378_5373_5366إذَا أَنْكَرَ رِبَا النَّسَاءِ يَكْفُرُ ، وَفِي رِبَا الْفَضْلِ فِي الْقَدْرِ اخْتِلَافٌ فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يَرَى الرِّبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ لِلْحَدِيثِ إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ ، وَكَلِمَةُ إنَّمَا لِلْحَصْرِ إلَّا أَنَّ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ احْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ .
وَالْجَوَابُ عَنْ تَعَلُّقِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إلَى مَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ ، وَلَا مَوْزُونٍ لِقَوْلِهِ آخِرَهُ إلَّا مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُجُوعُهُ فَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ بِهِ يَرْفَعُهُ ا هـ .
مَا فِي الْمِعْرَاجِ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26410_5375_5430_5428قُضِيَ بِجَوَازِ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ بِأَعْيَانِهِمَا أَخْذًا بِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَنْفُذُ ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَافَقَهُ فَكَانَ مَهْجُورًا . ا هـ .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ لَا بَأْسَ بِالْبُيُوعِ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الرِّبَا ثُمَّ رَقْمٌ آخَرُ هِيَ مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَ
الْبَقَّالِيُّ الْكَرَاهَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ ، وَعِنْدَهُمَا لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ
الزَّرَنْجَرِيُّ خِلَافَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ الْقَرْضِ أَمَّا إذَا بَاعَ ثُمَّ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لَا بَأْسَ بِالِاتِّفَاقِ . ا هـ .
وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=5561_5376لِلْمُحْتَاجِ الِاسْتِقْرَاضُ بِالرِّبْحِ ا هـ .
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ
nindex.php?page=treesubj&link=27216_4867_4778_26410رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَجِّلَهَا إلَى سَنَةٍ ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ مَتَاعًا ، وَيَقْبِضَ الْمَتَاعَ مِنْهُ ، وَقِيمَةُ الْمَتَاعِ عَشَرَةٌ ثُمَّ يَبِيعَ الْمَتَاعَ مِنْهُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى سَنَةٍ ا هـ .