( كتاب الأيمان ) .
مناسبتها للعتاق من حيث إن كلا منهما لا يؤثر فيه الهزل والإكراه كالطلاق وقدم العتاق عليه لقربه من الطلاق لاشتراكهما في الإسقاط .
والأيمان جمع يمين وهي في اللغة مشتركة بين الجارحة والقسم والقوة قالوا : إنما سمي القسم يمينا لوجهين : أحدهما أن اليمين هي القوة والحالف يتقوى بالقسم على الحمل أو المنع . والثاني أنهم كانوا يتماسكون بأيديهم عند القسم فسميت بذلك وهذا يفيد أن لفظ اليمين لفظ منقول ، ومفهومه - لغة - جملة أولى إنشائية صريحة الجزأين يؤكد بها جملة بعدها خبرية فخرج بقيد " أولى " نحو زيد قائم زيد قائم فإن الأولى هي المؤكدة بالثانية من التوكيد اللفظي على عكس اليمين ، وشمل الجملة الفعلية ك حلفت بالله لأفعلن ، أو أحلف ، والاسمية سواء كانت مقدمة الخبر كعلي عهد الله ، أو مؤخرته نحو لعمرك لأفعلن ، وأسماء هذا المعنى التوكيدي ستة : الحلف والقسم والعهد والميثاق والإيلاء واليمين وخرج بقيد الإنشائية نحو تعليق الطلاق والعتاق فإن الأولى ليست إنشائية فليست التعاليق أيمانا حقيقة .
وأما مفهومه الاصطلاحي فجملة أولى إنشائية يقسم فيها باسم الله تعالى أو صفته يؤكد بها مضمون ثانية في نفس السامع ظاهرا ، أو يحمل المتكلم على تحقيق معناها - فدخلت بقيد الظهور الغموس - ، أو التزام مكروه كفر ، أو زوال ملك على تقدير ليمنع عنه ، أو محبوب ليحمل عليه فدخلت التعليقات مثل إن فعل فهو يهودي ، وإن دخلت فأنت طالق بضم التاء لمنع نفسه وبكسرها لمنعها وإن بشرتني فأنت حر كذا في فتح القدير وعرفها في الكافي بأنها عبارة عن تحقيق ما قصده من البر في المستقبل نفيا ، أو إثباتا وعرفها في التبيين بأنها عقد قوي به عزم الحالف على الفعل ، أو الترك وفي شرح النقاية بأنها تقوي الخبر بذكر الله تعالى أو بالتعليق وظاهر ما في البدائع أن التعليق يمين في اللغة أيضا قال ; لأن محمدا أطلق عليه يمينا ، وقوله : حجة في اللغة وذكر أن فائدة الاختلاف تظهر فيمن حلف لا يحلف ، ثم حلف بالطلاق أو العتاق فعند العامة يحنث وعند أصحاب الظواهر لا يحنث .
وركنها اللفظ المستعمل فيها وشرطها العقل والبلوغ [ ص: 301 ] والإسلام ومن زاد الحرية كالشمني فقد سها ; لأن العبد ينعقد يمينه ويكفر بالصوم كما صرحوا به وزاد في المحيط ثالثا : وهو كون الخبر المضاف إليه اليمين محتملا للصدق والكذب متمثلا بين البر والهتك فيتحقق حكمه وهو وجوب البر ا هـ .
وهو صحيح لما سيأتي أن إمكان البر شرط لانعقادها عندهما خلافا لأبي يوسف كما في مسألة الكوز ، وسببها الغائي تارة إيقاع صدقه في نفس السامع وتارة حمل نفسه أو غيره على الفعل ، أو الترك وحكمها شيئان وجوب البر بتحقق الصدق في نفس اليمين والثاني وجوب الكفارة بالحنث كذا في المحيط وهو بيان لبعض أحكامها فإنه سيأتي أن البر يكون واجبا ومندوبا وحراما وأن الحنث يكون واجبا ومندوبا ، وفي المحيط والأفضل في اليمين بالله تعالى تقليلها ; لأن في تكثير اليمين المضافة إلى الماضي نسبة نفسه إلى الكذب ، وفي تكثير اليمين المضافة إلى المستقبل تعريض اسم الله تعالى للهتك ، واليمين بغيره تعالى مكروه عند البعض للحديث { لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت من كان حالفا فليحلف بالله ، أو ليذر } وقال بعضهم إذا أضيف إلى الماضي يكره ، وإذا أضيف إلى المستقبل لا يكره وهو الأحسن لما روى { أنه عليه الصلاة والسلام لما لاعن بين العجلاني وبين امرأته قال العجلاني إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم } إلى آخره ، وفي التبيين لا تكره عند العامة ، وفي الولوالجية من أراد أن يحلف بالله تعالى فقال خصمه لا أريد الحلف بالله تعالى يخشى عليه الكفر ا هـ .
[ ص: 300 ]


