( كتاب الكفالة ) ذكرها عقب البيوع ; لأنها غالبا تكون بالثمن أو بالمبيع ومناسبتها للصرف ; لأنها تكون آخرا عند الرجوع معاوضة عما يثبت في الذمة من الإثمان وقدمه عليها ; لأنه من البيوع والكلام فيها في عشرة مواضع الأول في معناها لغة قال في المصباح كفلت بالمال وبالنفس كفلا من باب قتل وكفولا أيضا ، والاسم الكفالة وحكى
أبو زيد سماعا من
العرب من بابي تعب وقرب وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع كفلت وكفلت به وعنه إذا تحملت به ويتعدى إلى مفعول ثان بالتضعيف والهمزة فيحذف الحرف فيهما وقد يثبت مع المثقل قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري تكفلت بالمال التزمت به وألزمته نفسي ، وقال
أبو زيد تحملت به ، وقال في المجمع كفلت به كفلة وكفلت عنه بالمال لغريمه حقوق بينهما وكفلت الرجل والصغير من باب قتل كفالة أيضا علته وقمت به ويتعدى بالتضعيف إلى مفعول ثان يقال كفلت زيدا الصغير والفاعل من كفالة المال كفيل به للرجل والمرأة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي وكافل أيضا مثل ضمين وضامن وفرق
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بينهما فقال الكفيل الضامن والكافل هو الذي يعول إنسانا وينفق عليه والكفل وزان حمل الضعف من الأجر أو الإثم والكفل بفتحتين العجز . ا هـ .
وفي المغرب الكفيل الضامن وتركيبه دال على الضم والتضمن والكفالة ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة ا هـ .
الثاني : في
nindex.php?page=treesubj&link=16600_16603_16614معناها شرعا قد اختلف فيه وقد أشار إلى الأصح بقوله ( هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة ) الضم الجمع ومن الفقهاء من جعل الضمان مشتقا من الضم وهو غلط من جهة الاشتقاق ; لأن نون الضمان أصلية والضم لا نون فيه فهما مادتان مختلفتان كذا في المصباح والذمة العهد والأمان والضمان ، وقولهم في ذمتي كذا أي في ضماني والجمع ذمم مثل سدرة وسدر ، كذا في المصباح ، وقال الأصوليون : إن الآدمي يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه وفي التحرير والذمة وصف شرعي به
[ ص: 222 ] الأهلية لوجوب ماله وعليه وفسرها فخر الإسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد والمراد أنها العهد فقولهم في ذمته أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل ا هـ .
والمطالبة من طالبته مطالبة وطلابا من باب قاتل ، كذا في المصباح وحاصله أن الكفيل والمكفول عنه صارا مطلوبين للمكفول له سواء كان المطلوب من أحدهما هو المطلوب من الآخر كما في الكفالة بالمال أو لا كما في الكفالة بالنفس فإن المطلوب من الأصيل المال ومن الكفيل إحضار النفس ولفظ المطالبة بإطلاقه ينتظمهما هذا على رأي بعضهم .
وجزم
مسكين بأن المطلوب منهما واحد وهو تسليم النفس فإن المطلوب عليه تسليم نفسه والكفيل قد التزمه وقيد بالمطالبة لدفع قول من قال : إنها الضم في الدين فيثبت الدين في ذمة الكفيل من غير سقوط عن الأصيل ولم يرجح في المبسوط أحد القولين على الآخر وما يظن مانعا من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين على هذا القول دفعه في المبسوط بأنه لا مانع ; لأنه لا يستوفي الأمن أحدهما كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة ; لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره ومما يدل على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أنه لو وهب الدين للكفيل صح ويرجع الكفيل به على الأصيل مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا يصح .
والحاصل أن ثبوت الدين في الذمة اعتبار من الاعتبارات الشرعية فجاز أن يعتبر الشيء الواحد في ذمتين إنما يمتنع في عين تثبت في زمن واحد في طرفين حقيقيين ولكن المختار ما ذكره
المصنف أنه في مجرد المطالبة لا الدين ; لأن اعتباره في ذمتين وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب ; لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ولا بد من ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل .
كذا في فتح القدير وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شيء في ذمتهم ، وكذا كل أمين يطالب برد الأمانة ولا شيء في ذمته وكذا سيد العبد المأذون المديون مطالب ببيعه أو فدائه ولا دين عليه ، وأما الجواب عن الهبة والإبراء فإنا جعلناه في حكم دينين تصحيحا لتصرف صاحب الحق وذلك عنده أما قبله فلا ضرورة ولا داعي إلى ذلك ، وفي فتح القدير ولا يخفى أن ما نقل من قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن الدين فعل يقتضي أن يكون في ذمة الكفيل أيضا كما هو في ذمة الأصيل إذ فعل الأداء واجب عليه . ا هـ .
وقد يقال : إنما وجب عليه لإسقاط المطالبة عنه
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة إنما جعله فعلا لسقوطه عن الميت إذ لا يتأتى الفعل منه فلم تصح الكفالة عن ميت مفلس وليس مراده أن حقيقته الفعل ; لأنه وصف قائم بالذمة وإنما مراده أن المقصود منه الفعل كما لا يخفى وقد صرحوا في مواضع بأنه وصف ولذا قالوا الديون تقضى بأمثالها ; لأن ما في الذمة لا يمكن تسليمه وفي الإيضاح أخذا من الغاية أن تعريفها بالضم في الدين لا ينتظم الكفالة بالنفس والكفالة بالعين والكفالة بالفعل . ا هـ .
قلت : نعم لا يشمل لكن المعرف لها بذلك إنما أراد تعريف الكفالة بالمال فإن أصل الخلاف نشأ من أن الكفيل هل يثبت في ذمته المال أو لا ثم رأيت صاحب البدائع أشار إلى ذلك في بيان حكمها ولم يذكر الشارحون لهذا الاختلاف ثمرة فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الأصيل ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن
[ ص: 223 ] الشراء بالدين من غير من عليه الدين لا يصح ويمكن أن يقال أنها تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فعلى الأصح لا يحنث وعلى الضعيف يحنث وجهد المقل دموعه وسيأتي عند قوله وبطل
nindex.php?page=treesubj&link=16600_25100تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ما يقتضي أن يكون ثمرة وفي الخانية
nindex.php?page=treesubj&link=16600رجل ادعى على غيره أنه ضمن له عن فلان الغائب كذا كذا درهما قال
الشيخ الإمام يحلفه بالله ماله عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف إن عرض المدعى عليه للقاضي فإنه يحلفه بالله ماله عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي وإن لم يعرض حلفه بالله ما ضمن والتعريض أن يقول المدعى عليه أن الرجل قد يضمن مالا ثم يؤدي أو يبرئه الطالب أو يؤديه المضمون عنه فيبرأ الضامن . ا هـ .
وينبغي أن يكون قول
الشيخ الإمام مفرعا على أنها للضم في الدين وما عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف مفرع على الأصح كما لا يخفى ومما يضعف أنها الضم في الدين أن المديون لو دفع الدين ثم كفل به إنسان قالوا لا يصح مع قولهم ببقاء الدين بعد الدفع وأن الساقط المطالبة بالألفاظ الآتية ولم يجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في قوله الأخير القبول ركنا فجعلها تتم بالكفيل وحده في المال والنفس الثالث في
nindex.php?page=treesubj&link=16653_16603بيان ركنها قالوا : هو الإيجاب والقبول بالألفاظ الآتية ولم يجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في قوله الأخير القبول ركنها فجعلها تتم بالكفيل وحده في المال والنفس .
واختلف على قوله فقيل يتوقف على إجازة الطالب وقيل تنفذ ، وللطالب الرد وثمرة الخلاف فيما إذا مات المكفول له قبل القبول فمن قال بالتوقف قال لا يؤاخذ الكفيل الرابع في
nindex.php?page=treesubj&link=16615_16614_16632_16627_16621_16612شرائطها وهي أربعة أنواع في الكفيل والأصيل والطالب والمكفول به ثم منها ما هو شرط الانعقاد ومنها ما هو شرط النفاذ ، أما شرائط الكفيل فالعقل والبلوغ وهما شرطان للانعقاد فلا ينعقد كفالة مجنون وصبي إلا إذا استدان الولي دينا في نفقة اليتيم وأمره بأن يضمن المال عنه فإنه صحيح ولو أمره بكفالة نفسه عنه لم يجز ; لأن ضمان الدين قد لزمه من غير شرط فالشرط لا يزيده إلا تأكيدا فلم يكن متبرعا فأما ضمان النفس وهو تسليم نفس الأب أو الوصي فلم يكن عليه
[ ص: 224 ] فكان متبرعا به فلم يجز والحرية شرط نفاذها فلم ينفذ كفالة العبد ولو مأذونا له في التجارة ويؤاخذ بها بعد العتق بخلاف الصبي لا يؤاخذ بها بعد البلوغ لعدم انعقادها فإن أذن المولى لعبده فيها فإن كان مديونا لم يجز وإلا جازت وبيع فيها إلا إن فداه ولم تجز كفالة المكاتب عن أجنبي ولو أذن مولاه ويطالب بها بعد عتقه وتصح كفالة المكاتب والمأذون عن مولاهما .
ولا يشترط أن يكون الكفيل صحيحا فتصح كفالة المريض لكن من الثلث ; لأنها تبرع ، وأما شرائط الأصيل فالأول أن يكون قادرا على تسليم المكفول به إما بنفسه أو بنائبه فلم تصح الكفالة عن ميت مفلس الثاني أن يكون معلوما فلو كفل بما على واحد لم تصح ولا يشترط أن يكون حرا بالغا عاقلا ، وأما شرائط المكفول له فالأول - أن يكون معلوما ، الثاني - وجوده في مجلس العقد وهو شرط الانعقاد وقد تقدم في بيان الركن وتفرع على اشتراط قبوله أنه لا بد من عقله لا حريته ، وأما شرائط المكفول به : فالأول - أن يكون مضمونا على الأصيل دينا أو عينا أو نفسا أو فعلا ولكن يشترط في العين أن تكون مضمونة لنفسها . الثاني - أن يكون مقدور التسليم من الكفيل فلا تجوز بالحدود والقصاص . الثالث - أن يكون الدين لازما وهو خاص بالكفالة فلا تجوز الكفالة ببدل الكتابة ولا يشترط أن يكون معلوم القدر الكل من البدائع مختصرا .
الخامس في سببها قالوا سبب وجودها تضييق الطالب على المطلوب مع قصد الخارج دفعه عنه إما تقربا إلى الله تعالى أو إزالة للأذى عن نفسه إذا كان المطلوب ممن يهمه ما أهمه
nindex.php?page=treesubj&link=16601وسبب شرعيتها رفع هذه الحاجة والضرر الذي ذكرناه السادس في
nindex.php?page=treesubj&link=16667_16665_16663_16669_16659حكمها ففي البدائع لها حكمان أحدهما ثبوت مطالبة الكفيل بما على الأصيل فإن كان عليه دين طولب بكله الكفيل إن كان واحدا وإن كانا اثنين طولب كل واحد بنصفه ، وفي الكفالة بالنفس يطالب بإحضاره إن أمكن كما سيأتي والكفيل بالعين يطالب بتسليمها حال قيامها وببدلها حال هلاكها وبالتسليم يطالب بها وبالفعل جميعا وقدمنا أنه يصح اشتراط الخيار فيها أكثر من ثلاثة فيما يصح تعليقه وما لا يصح قبيل الصرف السابع في
nindex.php?page=treesubj&link=16601_16649صفتها فهي عقد جائز به لازم وسيأتي أن له الرجوع عنها في مسألة بايع فلانا فما بايعته فهو على ، الثامن في
nindex.php?page=treesubj&link=26168_16601محاسنها ومساوئها فمحاسنها جليلة وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله والمطلوب الخائف على نفسه فقد كفاهما مؤنة ما أهمهما وهو نعمة كبيرة عليهما ، ولذا كانت من الأفعال العالية حتى امتن الله بها حيث قال وكفلها زكريا في قراءة التشديد المتضمن للامتنان على مريم إذ جعل لها من يقوم بمصالحها ويقوم بها ومساوئها كما في المجتبى قال الامتناع عن التكفل أقرب إلى الاحتياط ; لأنه مكتوب في التوراة والزعامة أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها غرامة . ا هـ .
التاسع في أنواعها سيأتي أنها نوعان كفالة بالنفس وكفالة بالمال العاشر في دليلها قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14337الزعيم غارم } رواه
أبو داود والترمذي وفي الدر المنثور الزعيم الكفيل وغارم من الغرم وهو أداء شيء لازم . ا هـ .
ويحتاج إلى معرفة أسامي أربعة المكفول عنه وهو المديون والمكفول له وهو الدائن والكفيل وهو
[ ص: 225 ] الملتزم والمكفول به وهو الدين ويقال للمكفول بنفسه مكفول به ولا يقال مكفول عنه ، كذا في التتارخانية .
nindex.php?page=treesubj&link=16600_26740
( كِتَابُ الْكَفَالَةِ ) ذَكَرَهَا عَقِبَ الْبُيُوعِ ; لِأَنَّهَا غَالِبًا تَكُونُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْمَبِيعِ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلصَّرْفِ ; لِأَنَّهَا تَكُونُ آخِرًا عِنْدَ الرُّجُوعِ مُعَاوَضَةً عَمَّا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مِنْ الْإِثْمَانِ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ كَفَلْت بِالْمَالِ وَبِالنَّفْسِ كِفْلًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَكُفُولًا أَيْضًا ، وَالِاسْمُ الْكَفَالَةُ وَحَكَى
أَبُو زَيْدٍ سَمَاعًا مِنْ
الْعَرَبِ مِنْ بَابَيْ تَعِبَ وَقَرُبَ وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=12854ابْنُ الْقَطَّاعِ كَفَلْت وَكَفَلْت بِهِ وَعَنْهُ إذَا تَحَمَّلْت بِهِ وَيَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ بِالتَّضْعِيفِ وَالْهَمْزَةِ فَيُحْذَفُ الْحَرْفُ فِيهِمَا وَقَدْ يَثْبُت مَعَ الْمُثْقَلِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ تَكَفَّلْت بِالْمَالِ الْتَزَمْت بِهِ وَأَلْزَمْته نَفْسِي ، وَقَالَ
أَبُو زَيْدٍ تَحَمَّلْت بِهِ ، وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ كَفَلْت بِهِ كِفْلَةً وَكَفَلْت عَنْهُ بِالْمَالِ لِغَرِيمِهِ حُقُوقٌ بَيْنَهُمَا وَكَفَلْت الرَّجُلَ وَالصَّغِيرَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَفَالَةً أَيْضًا عُلْته وَقُمْت بِهِ وَيَتَعَدَّى بِالتَّضْعِيفِ إلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ يُقَالُ كَفَلْت زَيْدًا الصَّغِيرَ وَالْفَاعِلُ مِنْ كَفَالَةِ الْمَالِ كَفِيلٌ بِهِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَكَافِلٌ أَيْضًا مِثْلُ ضَمِينٌ وَضَامِنٌ وَفَرَّقَ
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْكَفِيلُ الضَّامِنُ وَالْكَافِلُ هُوَ الَّذِي يَعُولُ إنْسَانًا وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَالْكِفْلُ وِزَانُ حِمْلٍ الضِّعْفُ مِنْ الْأَجْرِ أَوْ الْإِثْمِ وَالْكَفَلُ بِفَتْحَتَيْنِ الْعَجُزُ . ا هـ .
وَفِي الْمُغْرِبِ الْكَفِيلُ الضَّامِنُ وَتَرْكِيبُهُ دَالٌّ عَلَى الضَّمِّ وَالتَّضَمُّنِ وَالْكَفَالَةُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي حَقِّ الْمُطَالَبَةِ ا هـ .
الثَّانِي : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16600_16603_16614مَعْنَاهَا شَرْعًا قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَصَحِّ بِقَوْلِهِ ( هِيَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ ) الضَّمُّ الْجَمْعُ وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ جَعَلَ الضَّمَانَ مُشْتَقًّا مِنْ الضَّمِّ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ ; لِأَنَّ نُونَ الضَّمَانِ أَصْلِيَّةٌ وَالضَّمَّ لَا نُونَ فِيهِ فَهُمَا مَادَّتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالضَّمَانُ ، وَقَوْلُهُمْ فِي ذِمَّتِي كَذَا أَيْ فِي ضَمَانِي وَالْجَمْعُ ذِمَمٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٌ ، كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ ، وَقَالَ الْأُصُولِيُّونَ : إنَّ الْآدَمِيَّ يُولَدُ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْوُجُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَفِي التَّحْرِيرِ وَالذِّمَّةُ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ بِهِ
[ ص: 222 ] الْأَهْلِيَّةُ لِوُجُوبِ مَالَهُ وَعَلَيْهِ وَفَسَّرَهَا فَخْرُ الْإِسْلَامِ بِالنَّفْسِ وَالرَّقَبَةُ الَّتِي لَهَا عَهْدٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا الْعَهْدُ فَقَوْلُهُمْ فِي ذِمَّتِهِ أَيْ فِي نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ عَهْدِهَا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْحَالِّ وَإِرَادَةِ الْمَحَلِّ ا هـ .
وَالْمُطَالَبَةُ مِنْ طَالَبْتُهُ مُطَالَبَةً وَطِلَابَا مِنْ بَابِ قَاتَلَ ، كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْكَفِيلَ وَالْمَكْفُولَ عَنْهُ صَارَا مَطْلُوبَيْنِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَحَدِهِمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْأَصِيلِ الْمَالُ وَمِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارُ النَّفْسِ وَلَفْظُ الْمُطَالَبَةِ بِإِطْلَاقِهِ يَنْتَظِمُهُمَا هَذَا عَلَى رَأْيِ بَعْضِهِمْ .
وَجَزَمَ
مِسْكِينٌ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ تَسْلِيمُ النَّفْسِ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ وَالْكَفِيلُ قَدْ الْتَزَمَهُ وَقَيَّدَ بِالْمُطَالَبَةِ لِدَفْعِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إنَّهَا الضَّمُّ فِي الدَّيْنِ فَيَثْبُتُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ عَنْ الْأَصِيلِ وَلَمْ يُرَجَّحْ فِي الْمَبْسُوطِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَمَا يَظُنُّ مَانِعًا مِنْ لُزُومِ صَيْرُورَةِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ دَيْنَيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ دَفَعَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْأَمْنَ أَحَدُهُمَا كَالْغَاصِبِ مَعَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّ كُلًّا ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ وَلَيْسَ حَقُّ الْمَالِكِ إلَّا فِي قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَاخْتِيَارُهُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْآخَرِ فَكَذَا هُنَا لَكِنَّ هُنَا بِالْقَبْضِ لَا بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ صَحَّ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ مَعَ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ اعْتِبَارٌ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَجَازَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ فِي ذِمَّتَيْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي عَيْنٍ تَثْبُتُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فِي طَرَفَيْنِ حَقِيقِيَّيْنِ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ
الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ فِي مُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ لَا الدَّيْنِ ; لِأَنَّ اعْتِبَارَهُ فِي ذِمَّتَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ شَرْعًا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ كُلِّ مُمْكِنٍ إلَّا بِمُوجِبٍ وَلَا مُوجِبَ ; لِأَنَّ التَّوَثُّقَ يَحْصُلُ بِالْمُطَالَبَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ اعْتِبَارِ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ .
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالْوَلِيُّ وَالنَّاظِرُ يُطَالَبُونَ بِمَا لَزِمَ دَفْعُهُ وَلَا شَيْءَ فِي ذِمَّتِهِمْ ، وَكَذَا كُلُّ أَمِينٍ يُطَالَبُ بِرَدِّ الْأَمَانَةِ وَلَا شَيْءَ فِي ذِمَّتِهِ وَكَذَا سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ مُطَالَبٌ بِبَيْعِهِ أَوْ فِدَائِهِ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ فَإِنَّا جَعَلْنَاهُ فِي حُكْمِ دَيْنَيْنِ تَصْحِيحًا لَتَصَرُّفِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَذَلِكَ عِنْدَهُ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا ضَرُورَةَ وَلَا دَاعِيَ إلَى ذَلِكَ ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا نُقِلَ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الدَّيْنَ فِعْلٌ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ أَيْضًا كَمَا هُوَ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ إذْ فِعْلُ الْأَدَاءِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ . ا هـ .
وَقَدْ يُقَالُ : إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِسْقَاطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ إنَّمَا جَعَلَهُ فِعْلًا لِسُقُوطِهِ عَنْ الْمَيِّتِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الْفِعْلُ مِنْهُ فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ حَقِيقَتَهُ الْفِعْلُ ; لِأَنَّهُ وَصْفٌ قَائِمٌ بِالذِّمَّةِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْفِعْلُ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ صَرَّحُوا فِي مَوَاضِعَ بِأَنَّهُ وَصْفٌ وَلِذَا قَالُوا الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا ; لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ وَفِي الْإِيضَاحِ أَخْذًا مِنْ الْغَايَةِ أَنَّ تَعْرِيفَهَا بِالضَّمِّ فِي الدَّيْنِ لَا يَنْتَظِمُ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةَ بِالْعَيْنِ وَالْكَفَالَةَ بِالْفِعْلِ . ا هـ .
قُلْتُ : نَعَمْ لَا يَشْمَلُ لَكِنَّ الْمُعَرِّفَ لَهَا بِذَلِكَ إنَّمَا أَرَادَ تَعْرِيفَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَإِنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ نَشَأَ مِنْ أَنَّ الْكَفِيلَ هَلْ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ الْمَالُ أَوْ لَا ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَدَائِعِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي بَيَانِ حُكْمِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُونَ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ ثَمَرَةً فَإِنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَنَّ الْكَفِيلَ مُطَالَبٌ وَأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لَهُ صَحِيحَةٌ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ اشْتَرَى الطَّالِبُ بِالدَّيْنِ شَيْئًا مِنْ الْكَفِيلِ صَحَّ مَعَ أَنَّ
[ ص: 223 ] الشِّرَاءَ بِالدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا حَلَفَ الْكَفِيلُ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى الضَّعِيفِ يَحْنَثُ وَجُهْدُ الْمُقِلِّ دُمُوعُهُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَطَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=16600_25100تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ثَمَرَةً وَفِي الْخَانِيَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=16600رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا قَالَ
الشَّيْخُ الْإِمَامُ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَالَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ إنْ عَرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَالَهُ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَعْرِضْ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا ضَمِنَ وَالتَّعْرِيضُ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَضْمَنُ مَالًا ثُمَّ يُؤَدِّي أَوْ يُبَرِّئُهُ الطَّالِبُ أَوْ يُؤَدِّيه الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ . ا هـ .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ
الشَّيْخِ الْإِمَامِ مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّهَا لِلضَّمِّ فِي الدَّيْنِ وَمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّا يُضَعِّفُ أَنَّهَا الضَّمُّ فِي الدَّيْنِ أَنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ ثُمَّ كَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ قَالُوا لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِمْ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ الدَّفْعِ وَأَنَّ السَّاقِطَ الْمُطَالَبَةُ بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ الْقَبُولَ رُكْنًا فَجَعَلَهَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ الثَّالِثُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16653_16603بَيَانِ رُكْنِهَا قَالُوا : هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْأَلْفَاظِ الْآتِيَةِ وَلَمْ يَجْعَلْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ الْقَبُولَ رُكْنُهَا فَجَعَلَهَا تَتِمُّ بِالْكَفِيلِ وَحْدَهُ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ .
وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الطَّالِبِ وَقِيلَ تَنْفُذُ ، وَلِلطَّالِبِ الرَّدُّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَمَنْ قَالَ بِالتَّوَقُّفِ قَالَ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ الرَّابِعُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16615_16614_16632_16627_16621_16612شَرَائِطِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ فِي الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ وَالطَّالِبِ وَالْمَكْفُولِ بِهِ ثُمَّ مِنْهَا مَا هُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَمِنْهَا مَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ ، أَمَّا شَرَائِطُ الْكَفِيلِ فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَهُمَا شَرْطَانِ لِلِانْعِقَادِ فَلَا يَنْعَقِدُ كَفَالَةُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ إلَّا إذَا اسْتَدَانَ الْوَلِيُّ دَيْنًا فِي نَفَقَةِ الْيَتِيمِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ عَنْهُ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَوْ أَمَرَهُ بِكَفَالَةِ نَفْسِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ ضَمَانَ الدَّيْنِ قَدْ لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَالشَّرْطُ لَا يَزِيدُهُ إلَّا تَأْكِيدًا فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا فَأَمَّا ضَمَانُ النَّفْسِ وَهُوَ تَسْلِيمُ نَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ
[ ص: 224 ] فَكَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ فَلَمْ يَجُزْ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطُ نَفَاذِهَا فَلَمْ يَنْفُذْ كَفَالَةُ الْعَبْدِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَيُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا فَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَتْ وَبِيعَ فِيهَا إلَّا إنْ فَدَاهُ وَلَمْ تَجُزْ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ أَذِنَ مَوْلَاهُ وَيُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ وَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ عَنْ مَوْلَاهُمَا .
وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ صَحِيحًا فَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرِيضِ لَكِنْ مِنْ الثُّلُثِ ; لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ ، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْأَصِيلِ فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ فَلَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَلَوْ كَفَلَ بِمَا عَلَى وَاحِدٍ لَمْ تَصِحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا ، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَكْفُولِ لَهُ فَالْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا ، الثَّانِي - وُجُودُهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ وَتَفَرَّعَ عَلَى اشْتِرَاطِ قَبُولِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَقْلِهِ لَا حُرِّيَّتِهِ ، وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمَكْفُولِ بِهِ : فَالْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا أَوْ نَفْسًا أَوْ فِعْلًا وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً لِنَفْسِهَا . الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ مِنْ الْكَفِيلِ فَلَا تَجُوزُ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ . الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لَازِمًا وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكَفَالَةِ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ الْكُلُّ مِنْ الْبَدَائِعِ مُخْتَصَرًا .
الْخَامِسُ فِي سَبَبِهَا قَالُوا سَبَبُ وُجُودِهَا تَضْيِيقُ الطَّالِبِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَعَ قَصْدِ الْخَارِجِ دَفْعُهُ عَنْهُ إمَّا تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إزَالَةً لِلْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مِمَّنْ يُهِمُّهُ مَا أَهَمَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16601وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهَا رَفْعُ هَذِهِ الْحَاجَةِ وَالضَّرَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ السَّادِسُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16667_16665_16663_16669_16659حُكْمِهَا فَفِي الْبَدَائِعِ لَهَا حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا ثُبُوتُ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ بِمَا عَلَى الْأَصِيلِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ طُولِبَ بِكُلِّهِ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ طُولِبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنِصْفِهِ ، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ إنْ أَمْكَنَ كَمَا سَيَأْتِي وَالْكَفِيلُ بِالْعَيْنِ يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِهَا حَالَ قِيَامِهَا وَبِبَدَلِهَا حَالَ هَلَاكِهَا وَبِالتَّسْلِيمِ يُطَالَبُ بِهَا وَبِالْفِعْلِ جَمِيعًا وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فِيمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ قُبَيْلَ الصَّرْفِ السَّابِعُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16601_16649صِفَتِهَا فَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ بِهِ لَازِمٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا فِي مَسْأَلَةِ بَايَعَ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته فَهُوَ عَلَى ، الثَّامِنُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=26168_16601مَحَاسِنِهَا وَمَسَاوِئِهَا فَمَحَاسِنُهَا جَلِيلَةٌ وَهِيَ تَفْرِيجُ كَرْبِ الطَّالِبِ الْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَطْلُوبِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ كَفَاهُمَا مُؤْنَةَ مَا أَهَمَّهُمَا وَهُوَ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَيْهِمَا ، وَلِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ حَتَّى امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا حَيْثُ قَالَ وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ الْمُتَضَمَّنِ لِلِامْتِنَانِ عَلَى مَرْيَمَ إذْ جَعَلَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهَا وَيَقُومُ بِهَا وَمَسَاوِئُهَا كَمَا فِي الْمُجْتَبَى قَالَ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّكَفُّلِ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ ; لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاة وَالزَّعَامَةُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا غَرَامَةٌ . ا هـ .
التَّاسِعُ فِي أَنْوَاعِهَا سَيَأْتِي أَنَّهَا نَوْعَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ الْعَاشِرُ فِي دَلِيلِهَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14337الزَّعِيمُ غَارِمٌ } رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ وَغَارِمٌ مِنْ الْغُرْمِ وَهُوَ أَدَاءُ شَيْءٍ لَازِمٍ . ا هـ .
وَيُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ أَسَامِي أَرْبَعَةٍ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَهُوَ الْمَدْيُونُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ وَهُوَ الدَّائِنُ وَالْكَفِيلُ وَهُوَ
[ ص: 225 ] الْمُلْتَزِمُ وَالْمَكْفُولُ بِهِ وَهُوَ الدَّيْنُ وَيُقَالُ لِلْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ مَكْفُولٌ بِهِ وَلَا يُقَالُ مَكْفُولٌ عَنْهُ ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة .
nindex.php?page=treesubj&link=16600_26740