( قوله وبعكسه لا ) أي إذا ادعى ملكا مطلقا فشهدا بملك بسبب معين لا تكون لغوا فتقبل لأنهم شهدوا بأقل مما ادعى وهو غير مانع أطلقه وقيده في الخلاصة بأن يسأل القاضي مدعي الملك ألك بهذا السبب الذي شهدوا أو بسبب آخر إن قال بهذا السبب يقضي بالملك بهذا السبب وإن قال بسبب آخر لا يقضي بشيء أصلا ا هـ .
والحاصل أن الملك بسبب أقل من الملك المطلق لأنه يفيد الأولية بخلاف سبب يفيد الحدوث والمطلق أقل من النتاج لأن المطلق يفيد الأولية على الاحتمال والنتاج على اليقين وفي البزازية ادعى النتاج وشهدا على الشراء لا تقبل ا هـ .
إلا أن يوافق المدعي فيقول : نتجت عندي ثم بعتها منه ثم اشتريتها فتقبل كذا في الخانية والحاصل أنهم إذا شهدوا بأكثر مما ادعى فإن وفق المدعي قبلت في المسائل كلها وإلا لا وهذا مما يجب حفظه وقدمناه عن الخانية ولم يذكر المؤلف مسألتين : إحداهما ما إذا ادعى شيئا للحال فشهدا به فيما مضى وعكسه الثانية إذا ادعى الإنشاء فشهد بالإقرار أو عكسه أما الأولى ففي المحيط نقلا عن الأقضية وأدب القاضي للخصاف إذا ادعى الملك للحال أي في العين فشهدوا أن هذا العين كان قد ملكه تقبل لأنها أثبتت الملك في الماضي فيحكم بها في الحال ما لم يعلم المزيل قال رشيد الدين بعدما ذكرها أمر وروي سيد أنت ا هـ .
ومعنى هذا لا يحل للقاضي أن يقول : أتعلمون أنه ملكه اليوم نعم ينبغي للقاضي أن يقول هل تعلمون .
[ ص: 108 ] أنه خرج عن ملكه فقط ذكره في المحيط قال العمادي : فعلى هذا لو ادعى الدين فشهدوا أنه كان له عليه كذا ينبغي أن تقبل كما في العين ومثله ما لو ادعى أنها زوجته فشهدوا أنه كان تزوجها ولم يتعرضوا للحال تقبل هذا كله إذا شهدوا بالملك في الماضي أما لو شهدوا باليد له في الماضي لا يقضى به في ظاهر الرواية وإن كانت اليد تسوغ الشهادة في الملك على ما أسلفناه وعن أبي يوسف يقضى بها وخرج العمادي على هذا ما في الواقعات لو أقر بدين عند رجلين ثم شهد عدلان عند الشاهد أنه قضى دينه أن شاهدي الإقرار يشهدان أنه كان له عليه دين ولا يشهدان أن له عليه فقال : هذا أيضا دليل على أنه إذا ادعى العين وشهدوا أنه كان له عليه تقبل وهذا غلط فإنه إنما تعرض لما يسوغ له أن يشهد به لا للقبول وعدمه بل ربما يؤخذ من منعه من إحدى العبارتين دون الأخرى ثبوت القبول في إحداهما دون الأخرى كيف وقد ثبت بشهادة العدلين عند الشاهدين أنه قضاه فلا يشهدان حتى بخبر القاضي بذلك وأن القاضي حينئذ لا يقضي بشيء كذا في فتح القدير في البزازية شهدا أنها زوجت نفسها ولا نعلم أنها في الحال امرأته أو لا أو شهدوا أنه باع منه هذا العين ولا ندري أنه ملكه في الحال أم لا يقضى بالنكاح والملك في الحال بالاستصحاب والشاهد في العقد شاهد في الحال . ا هـ .
والحاصل أن المنصوص عليه في العين ما سمعت وأما في الدين فالمنصوص عليه عدم القبول قال في فتح القدير : شهدا على إقرار رجل بدين فقال المشهود عليه : أتشهد أن هذا القدر علي الآن فقال : لا أدري أهو عليك الآن أم لا لا نقبل الشهادة ا هـ وقال قبله ادعى على آخر دينا على مورثه وشهدوا أنه كان له على الميت دين لا تقبل حتى يشهدا أنه مات وهو عليه ا هـ .
فموضوع الأولى في الشهادة على الإقرار وأن الشاهد قال : لا أدري أهو عليك الآن أم لا وهو ساكت عما إذا شهدوا أنه كان له عليه كذا وقد بحث العمادي أنه ينبغي القبول وليس بمعارض للمنصوص عليه كما علمت وفي مسألة دين الميت لا بد في القبول من شهادتهما بأنه مات وهو عليه احتياطا في أمر الميت ولهذا يحلف المدعي مع إقامة البينة بخلافه في دين الحي فتحرر أنهما إذا شهدا في دين الحي بأنه كان له عليه كذا تقبل إلا إذا سألهما الخصم عن البقاء فقالا : لا ندري وفي دين الميت لا تقبل مطلقا وأما عكسه فقال في جامع الفصولين : ولو ادعى ملكا في الماضي وشهد به في الحال بأن قال : كان هذا ملكي وشهد أنه له قيل : تقبل وقيل : لا تقبل وهو الأصح وكذا لو ادعى أنه كان له وشهدا أنه كان له لا تقبل لأن إسناد المدعي يدل على نفي الملك في الحال إذ لا فائدة للمدعي في الإسناد مع قيام ملكه في الحال بخلاف الشاهدين لو أسندا ملكه إلى الماضي لأن إسنادهما لا يدل على النفي في الحال لأنهما لا يعرفان بقاءه إلا بالاستصحاب والشاهد قد يحترز عن الشهادة بما ثبت باستصحاب الحال لعدم تيقنه بخلاف المالك إذ كما يعلم ثبوت ملكه يقينا يعلم بقاءه يقينا . ا هـ .
وأما الثانية أعني ما إذا ادعى الإنشاء فشهدا بالإقرار أو عكسه فقال في جامع الفصولين ادعى الوديعة وشهدا أن المودع أقر بالإيداع تقبل كما في الغصب وكذا العارية ادعى نكاحا وشهدا بإقرارهما بنكاح تقبل كما في الغصب ولو ادعى دينا فشهدا بإقراره بالمال تقبل وتكون إقامة البينة على إقراره كإقامة البينة على السبب وأفتى بعضهم بعدم القبول ادعى قرضا وشهدا بإقراره بالمال تقبل بلا بيان السبب ا هـ .
فتقبل في الإيداع والغصب والعارية والديون والنكاح وأما البيع فقال في جامع الفصولين : ادعى بيعا وشهدا أنه أقر بالبيع واختلفا في زمان ومكان تقبل وفيه قبله ادعى مائة قفيز بر بسبب سلم صحيح وشهدا أن المدعى عليه أقر أن له عليه مائة قفيز ولم يزيدا قيل تقبل لأنه اختلاف في سبب - .
[ ص: 109 ] الدين فلا يمنع وقيل : لا وهو الأصح لأنهما لم يذكرا إقراره بسبب السلم والاختلاف في سبب الدين إنما يمنع قبولها لو لم يختلف الدين باختلاف السبب ودين السلم مع دين آخر يختلفان إذ الاستبدال قبل القبض لم يجز في السلم وجاز في دين البر بلا سبب فلم يشهدا بدين يدعيه فلا تقبل بخلاف ما لو ادعى بسبب القرض وشهدا أنه أقر ولم يذكرا بسبب القرض تقبل . ا هـ .
ثم قال : ادعى قضاء دينه وشهدا أنه أقر باستيفائه تقبل ا هـ .
وفي القنية ادعى عبدا فشهد أحدهما بملك مرسل والآخر بإقرار ذي اليد بملكيته للمدعي تقبل ولو كان هذا في دعوى الأمة والضيعة لا تقبل والفرق فيها وأما عكسها أعني ما إذا ادعى الإقرار فشهدا بالإنشاء فغير متصور شرعا إذ لا تسمع الدعوى بالإقرار لما في البزازية معزيا إلى الذخيرة ادعى أنه له عليه كذا وأن العين الذي في يده له لما أنه أقر له به أو ابتدأ بدعوى الإقرار وقال : أنه أقر أن هذا لي أو أقر أن لي عليه كذا قيل : يصح وعامة المشايخ على أنه لا تصح الدعوى لعدم صلوح الإقرار للاستحقاق كالإقرار كاذبا فلا تصح الإقرار لإضافة الاستحقاق إليه بخلاف دعوى الإقرار من المدعى عليه على المدعي بأنه برهن على أنه أقر أنه لا حق له فيه أو بأنه ملك المدعي حيث تقبل وتمامه فيها وسنتكلم عليها بأوضح من ذلك في الدعوى إن شاء الله تعالى . ا هـ . .


