الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله كتاب الوديعة )

                                                                                        لا خفاء في اشتراكها مع ما قبلها في الحكم وهو الأمانة وهي في اللغة مشتقة من الودع وهو الترك وفي الشريعة ما ذكره المصنف ( قوله الإيداع هو تسليط الغير على حفظ ماله ) يعني صريحا أو دلالة وإنما قلنا أو دلالة لأن المنقول في المحيط أنه لو انفتق زق رجل فأخذه رجل ثم تركه ولم يكن المالك حاضرا يضمن لأنه لما أخذه فقد التزم حفظه دلالة وإن لم يأخذه ولم يذق منه لا يضمن وإن كان المالك حاضرا لم يضمن في الوجهين ( قوله الوديعة ما تترك عند الأمين ) وركنها الإيجاب قولا صريحا أو كناية أو فعلا والقبول من المودع صريحا أو دلالة في حق وجوب الحفظ وإنما قلنا صريحا أو كناية ليشمل ما لو قال الرجل أعطني ألف درهم أو قال لرجل في يده ثوب أعطنيه فقال أعطيتك فهذا على الوديعة نص عليه في المحيط لأن الإعطاء يحتمل الهبة والوديعة الوديعة أدنى وهو متيقن فصار كناية وإنما قلنا في الإيجاب أو فعلا ليشمل ما لو وضع ثوبه بين يدي رجل ولم يقل شيئا فهو إيداع وإنما قلنا في القبول أو دلالة ليشمل سكوته عند وضعه بين يديه فإنه قبول دلالة حتى لو قال لا أقبل لا يكون مودعا لأن الدلالة لم توجد ولهذا قال في الخلاصة لو وضع كتابه عند قوم فذهبوا وتركوه ضمنوا إذا ضاع وإن أقاموا واحدا بعد واحد ضمن الأخير لأنه تعين للحفظ فتعين للضمان ا هـ .

                                                                                        ولهذا إذا وضع ثيابه في الحمام بمرأى من الثيابي كان إيداعا وإن لم يتكلم ولا يكون الحمامي مودعا ما دام الثيابي حاضرا فإن كان غائبا فالحمامي مودع وكذلك إذا قال لصاحب الخان أين أربطها فقال هناك كان إيداعا كذا في فتاوى قاضي خان وقال في الخلاصة في الإجارات في الجنس الرابع في الحمامي لبس ثوبا بمرأى عين الثيابي فظن الثيابي أنه ثوبه فإذا هو ثوب الغير ضمن هو الأصح وإنما قلنا في حق وجوب الحفظ لأنها تتم بالإيجاب وحده في حق الأمانة حتى لو قال للغاصب أودعتك المغصوب برئ عن الضمان وإن لم يقبل كذا في الاختيار وشرطها كون المال قابلا لإثبات اليد عليه حتى لو أودع الآبق أو الطير الذي في الهواء والمال الساقط في البحر لا يصح وكون المودع مكلفا شرط لوجوب الحفظ عليه حتى لو أودع صبيا فاستهلكها لم يضمن ولو كان عبدا محجورا ضمن بعد العتق كذا في المحيط ولو كانت الوديعة عبدا فقتله ضمن عاقلة الصبي قيمته وخير مولى العبد بين دفعه أو فدائه وحكمها كون المال أمانة عنده مع وجوب الحفظ عليه والأداء عند الطلب واستحباب قبولها

                                                                                        [ ص: 273 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 273 ] ( كتاب الوديعة ) .

                                                                                        ( قوله ولم يدن منه ) قال الرملي في أصله ولم يذق منه فتأمل ( قوله وخير مولى العبد بين دفعه أو فدائه ) قال الرملي صورة المسألة أن العبد هو المقتول فكيف يتأتى قوله وخير المولى إلخ ولعل هنا كلاما سقط من الكتبة فتأمل وقد تقدم أن العبد المحجور يضمن بعد العتق ولعل التخيير في صورة ما لو أذن له بالاستيداع فأتلف الوديعة أو يكون المعنى وخير مولى العبد لو كان المودع عبدا فقتل العبد الوديعة إذ ضمانه في الجناية على النفس وتوابعها يكون حالا مطلقا




                                                                                        الخدمات العلمية