( قوله كتاب العارية )
أخرها عن الوديعة لأن فيها تمليكا وإن اشتركا في الأمانة ، ومحاسنها النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر لأنها لا تكون إلا لمحتاج كالقرض فلذا كانت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وهي بالتشديد [ ص: 280 ] كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب كذا في المصباح وفي المغرب أنها منسوبة إلى العارة اسم من الإعارة وأخذها من العار العيب خطأ وفي النهاية أن ما في المغرب هو المعول عليه لأنه صلى الله عليه وسلم باشر الاستعارة فلو كان العار في طلبها لما باشرها ا هـ .
وفي المبسوط أنها مشتقة من التعاور وهو التناوب ( قوله هي تمليك المنافع بغير عوض ) وهذا تعريفها شرعا وأشار به إلى الرد على الكرخي القائل بأنها إباحة وليست بتمليك ويشهد لما في المتن الأحكام من انعقادها بلفظ التمليك وجواز أن يعير ما لا يختلف بالمستعمل ولو كان إباحة لما جاز لأن المباح له ليس له أن يبيح لغيره وإنما لا يفسد هذا التمليك الجهالة لكونها لا تفضي إلى المنازعة لعدم لزومها كذا قال الشارحون والمراد بالجهالة جهالة المنافع المملكة لا جهالة العين المستعارة بدليل ما في الخلاصة لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الإصطبل فخذ أحدهما واذهب فأخذ أحدهما وذهب به يضمن إذا هلك ولو قال له خذ أحدهما أيهما شئت لا يضمن ا هـ .
وانعقادها بلفظ الإباحة لأنه استعير للتمليك وقد قالوا علف الدابة على المستعير مطلقة كانت أو موقتة وكذا نفقة العبد أما كسوته فعلى المعير كذا في الخلاصة وحكمها كونها أمانة وأشار بقوله تمليك المنافع إلى أنه لا بد من الإيجاب والقبول ولو فعلا فلو قال لآخر خذ عبدي واستعمله واستخدمه من غير أن يستعيره المدفوع إليه لا يكون عارية حتى تكون نفقته على مولاه كذا في الخلاصة ولو استعار من رجل شيئا فسكت لا يكون إعارة كذا في فتاوى قاضي خان وشرطها كون المستعار قابلا للانتفاع وخلوها عن شرط العوض في الإعارة حتى لو شرط العوض في الإعارة تصير إجارة كذا في المحيط ( قوله وتصح بأعرتك وأطعمتك أرضى ) لأن الأول صريح حقيقة والثاني صريح مجازا لأن الإطعام إذا أضيف إلى ما لا يؤكل عينه يراد به ما يستغل منه مجازا لأنه محله ( قوله ومنحتك ثوبي وحملتك على دابتي ) وهو صريح أيضا فيفيد العارية أيضا من غير توقف على نية لكن إذا نوى به الهبة كان هبة ومنحتك بمعنى أعطيتك .
( قوله وأخدمتك عبدي ) لأنه أذن له في الاستخدام ( قوله وداري لك سكنى ) أي من جهة السكنى لأن داري مبتدأ ولك خبره وسكنى تمييز عن النسبة إلى المخاطب ( قوله وداري لك عمرى سكنى ) يقال عمره الدار أي قال له هي لك مدة عمرك والعمرى اسم منه فيصير معناه جعلت سكناها لك مدة عمرك ولو قال لغيره أجرتك هذه الدار شهرا بغير عوض كانت إعارة ولو لم يقل شهرا لا تكون إعارة كذا في فتاوى قاضي خان


