( كتاب الإجارة )
لما اشتركت الهبة والإجارة في معنى التمليك وكانت الهبة تمليك عين والإجارة تمليك منفعة قدم تلك وأخر هذه لكون العين أقوى وهي في اللغة اسم للأجرة وهي ما يستحق على عمل الخير وتمامه في المغرب وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف وركنها الإيجاب والقبول سواء كان بلفظ الإجارة أو بما يدل عليها فتنعقد بلفظ العارية حتى لو وقبل المخاطب كانت الإجارة صحيحة لأنها مأخوذة من التعاور والتداول وهو كما يكون بغير عوض يكون بعوض والتعاور بعوض إجارة بخلاف العارية حيث لا تنعقد بلفظ الإجارة حتى لو قال لغيره أعرتك هذه الدار شهرا بكذا أو قال كل شهر بكذا كانت إجارة فاسدة ولا تكون عارية لأنها عقد خاص لتمليك المنفعة كما لو قال آجرتك هذه الدار بغير عوض كان باطلا أو فاسدا ولا تكون هبة كذا في فتاوى قال بعتك هذا العين بغير عوض قاضي خان ولو يجوز وتكون إجارة وفي الفتاوى لو قال وهبتك منافع هذه الدار شهرا بكذا فهي إجارة فاسدة وعن قال لآخر اشتريت منك خدمة عبدك هذا شهرا بكذا لو محمد جاز وتكون إجارة وفي المحيط ولو قال أعطيتك هذا العبد سنة يخدمك بكذا ذكر في العيون أن الإجارة فاسدة لأن المنافع معدومة وهي ليست بمحل للبيع . قال بعت منك منافع الدار شهرا بكذا
وذكر شيخ الإسلام أن فيه اختلاف المشايخ وقال الحر إذا كذا فهو إجارة وعن قال لغيره بعتك نفسي شهرا بكذا لعمل أن الإجارة لا تنعقد بلفظ البيع ثم رجع وقال تنعقد ولا تنعقد الإجارة الطويلة بالتعاطي لأن الأجرة غير معلومة قد يجعلون لكل سنة دانقا وقد يجعلون طسوجا وفي غير الطويلة الإجارة تنعقد بالتعاطي الكل من الخلاصة من الفصل الثاني في صحة الإجارة وفسادها وشرطها أن تكون الأجرة والمنفعة معلومتين لأن جهالتهما تفضي إلى المنازعة وحكمها وقوع الملك في البدلين ساعة فساعة وهي مشروعة بالكتاب وهو قوله تعالى { الكرخي فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وغيره والسنة حديث { البخاري } والإجماع . ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره
( قوله هي ) يعني الإجارة شرعا تمليك منفعة بعوض فخرج البيع والهبة والعارية والنكاح فإنه استباحة المنافع بعوض لا تمليكها وأشار بيع منفعة معلومة بأجر معلوم المصنف رحمه الله تعالى [ ص: 298 ] إلى أن عقد الإجارة ينعقد بإقامة العين مقام المنفعة في حق الانعقاد لا في حق الملك لأن العقد لا بد له من محل لأنه شرط للصحة لقول الفقهاء المحال شروط ومحل العقد هنا المنافع وهي معدومة والمعدوم لا يصلح محلا فجعلت الدار محلا بإقامتها مقام المنافع ولهذا لو أضاف العقد إلى المنافع لا يجوز بأن وإنما يصح بإضافته إلى العين والمراد من انعقاد العلة ساعة فساعة في كلام مشايخنا على حسب حدوث المنافع هو عمل العلة ونفاذها في المحل ساعة فساعة لا ارتباط الإيجاب والقبول كل ساعة وإن كان ظاهر كلام مشايخنا يوهم ذلك والحكم تأخر من زمان انعقاد العلة إلى حدوث المنافع ساعة فساعة لأن الحكم قابل للتراخي كما في البيع بشرط الخيار . قال آجرتك منافع هذه الدار شهرا بكذا
ثم عقد الإجارة على ما عرف في أصول الفقه علة اسما لإضافة الحكم إليه ومعنى لكونه مؤثر إلا حكما لتراخي الحكم عنه كذا في غاية البيان وبهذا تبين أن تعريف المصنف أولى من تعريف بقوله عقد على المنافع بعوض لما علمت أنها عقد على العين وإنما المملوك المنافع والمراد من المنفعة المنفعة المقصودة من العين حتى لو القدوري فالإجارة في جميع ذلك فاسدة ولا أجرة له كذا في الخلاصة من الجنس الثالث في الدواب وعلل استأجر ثيابا ليبسطها ولا يقعد عليها ولا ينام أو دابة ليربطها في فنائه ويظن الناس أنها له أو ليجعلها جنيبة بين يديه أو آنية يضعها في بيته يتجمل بها ولا يستعملها أو دارا لا يسكنها لكن يظن الناس أنها له ملكا أو عبدا على أن لا يستخدمه أو دراهم يضعها البزازي في فتاويه بأنها منفعة غير مقصودة من العين وذكر في الخلاصة في كتاب العارية أنه لو كانت عارية لا قرضا ا هـ . استعار دراهم ليتجمل بها
فأفاد أن العارية تخالف الإجارة في اشتراط كون المنفعة مقصودة وأشار بقوله بيع منفعة إلى أنه لو فهي فاسدة لأنها ليست ببيع عين كذا في المحيط واحترز بقوله بأجر معلوم عما إذا كان مجهولا كما إذا استأجر خياطا ليخيط له هذا القميص والكم منه أو بناء على أن الأجر منه لا يجوز وكذا لو استأجر عبدا بأجر معلوم وبطعامه لا يجوز للجهالة بخلاف الظئر كما سيأتي كذا في الخلاصة وفيها أيضا استأجر دابة بعلفها قال هو بعشرين إلا أن يرضى الذي آجره بعشرة رجل استأجر من آخر غلاما فقال صاحب الغلام بعشرين وقال المستأجر بعشرة فافترقوا على ذلك
[ ص: 297 ]