الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( باب الإجارة الفاسدة ) لما فرغ من بيان الإجارة الصحيحة شرع في بيان الفاسدة وفي بيان ما يكون مفسدا ولا يخفى أن ذكر الإجارة الفاسدة بعد صحيحها لا يحتاج إلى معذرة فهي في محلها كما لا يخفى وعبر بالفاسد دون الباطل لكثرة فروعه وذكر خلاف ما ترجم له فكان عليه أن يقول : الفاسدة العقد المشتمل على منفعة لأحد المتعاقدين أو جهالة ; لأن الفقيه نظير للأحكام والفاسد ما كان مشروعا بأصله دون وصفه وبين الفاسد والباطل فرق ها هنا فالباطل ما ليس مشروعا أصلا وحكمه أن لا يجب فيه بالاستعمال أجر بخلاف الفاسد فإنه يجب فيه بالاستعمال الأجر ، كذا في الحقائق وفي جامع الفصولين بين البيع الفاسد والإجارة الفاسدة فرق فإن الفاسد من البيع يملك بالقبض والفاسد من الإجارة لا يملك بالقبض حتى إذا قبضها المستأجر لا يملكها ، ولو أجرها يجب أجر المثل ولا يكون غاصبا وليس للأول أن ينقض هذا العقد كذا في الخلاصة قال رحمه الله ( يفسد الإجارة الشرط ) قال في المحيط كل جهالة تفسد البيع تفسد الإجارة ; لأن الجهالة المتمكنة في البدل أو المبدل تفضي إلى المنازعة ، وكل شرط لا يقتضيه العقد وفيه منفعة لأحد المتعاقدين يفضي إلى المنازعة فيفسد الإجارة ، وفي الغياثية الفساد قد يكون لجهالة قدر العمل بأن لا يعين محل العمل ، وقد يكون لجهالة قدر المنفعة بأن لا يبين المدة ، وقد يكون لجهالة البدل أو المبدل ، وقد يكون لشرط فاسد مخالف لمقتضى العقد ، فالفاسد يجب فيه أجرة المثل لا يزاد على المسمى إن سمى وإلا فأجر المثل بالغا ما بلغ وفي الباطل لا تجب الأجرة والعين غير مضمونة في يد المستأجر سواء كانت صحيحة أو فاسدة أو باطلة . ا هـ .

                                                                                        قال الشارح ; لأنها بمنزلة البيع ألا ترى أنها تقال وتفسخ فتفسد بالشروط وفي الخلاصة رجل استأجر دارا شهرا بعشرة على أنه إن سكن فيها يوما فبعشرة فسدت الإجارة ، وكذا لو استأجر دابة إلى بغداد على أنه إن حمل كذا فبأجرة كذا وإن حمل كذا فبأجرة كذا ، وكذا لو استأجر أرضا على أنه إن زرع كذا فبأجرة كذا . ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط لو استأجر دارا بكذا على أن يعمرها فالإجارة فاسدة ولا يخفى أن المراد بالشرط الفاسد هو الذي لا يلائم العقد كما مر في البيع أما الشرط الملائم فإنه لا يفسد العقد وبهذا ظهر أن الإجارة الواقعة في مصر في الوقف في زماننا على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر فاسدة كما لا يخفى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية