الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وحرمة طرف الإنسان كحرمة نفسه ) حتى لو أكره على قطع يد إنسان يقطع يده لا يرخص له ذلك فإن فعل ذلك يأثم ويجب القصاص على المكره لو كان حرا ويضمن نصف القيمة لو كان رقيقا ، وهذا لا ينافيه ما نقله قاضي خان إذا قال لرجل اقطع يد هذا وإلا قتلتك وسعه أن يقطع ، وإذا قطع كان على الآمر القصاص على قول الإمام وفي التتارخانية إذا قال إن لم يقطع يدك وإلا قطعتها لا يسعه أن يقطع يد نفسه ا هـ .

                                                                                        فظهر بما نقلنا إذا كان أحدهما أغلظ من القطع وسعه وإن كان قطع بقطع لا يسعه ، ولو أكره على قطع طرف نفسه حل له قطعه بخلاف ما إذا أكره على قتل نفسه حيث لا يحل له قتلها ; لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال في حق صاحب الطرف حتى يحل له قطعها إذا أصابتها أكله ، ولو أكره على أن يلقي نفسه في النار أو على الإلقاء من الجبل بالقتل وكان الإلقاء بحيث لا ينجو ، ولكن فيه نوع تخفيف فله الخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل عند الإمام فلو ألقى نفسه في النار فاحترق فعلى المكره القصاص ، وعندهما لا يصبر ولا يفعل .

                                                                                        ولو قال له لتلقين نفسك من رأس الجبل أو لأقتلنك بالسيف فألقى نفسه فمات فعند أبي حنيفة تجب الدية على عاقلة المكره ; لأنه لو باشر لا يجب عليه القصاص ; لأنه قتل بالمثقل ، بل فيه الدية على العاقلة فكذا إذا أكره عليه ، وعند الثاني تجب الدية على المكره في ماله ، وعند محمد يجب القصاص ، ولو قال لآخر اقتلني فقتله تجب الدية في ماله في الصحيح ، ولو أكرهت المرأة على التزويج بمهر فيه غبن فاحش ، ثم زال الإكراه فرضيت المرأة ولم يرض الولي فللولي الفراق عند أبي حنيفة أو يتم مهر المثل ، وقالا ليس له ذلك ; لأن المهر خالص حقها حتى تملك إسقاطه والله تعالى أعلم بالصواب .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية