الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي النوادر ، وإذا حبس الرجل في الدين ينبغي للقاضي أن يشهد أنه قد حجر عليه في ماله حتى يقضي ديونه التي حبس فيها قال رحمه الله ( وحبس ليبيع ماله في دينه ) ; لأن قضاء الدين واجب عليه ، والمماطلة ظلم فيحبسه الحاكم دفعا لظلمه وإيصالا للحق إلى مستحقه ولا يكون ذلك إكراها على البيع ; لأن المقصود من الحبس الحمل على قضاء الدين بأي طريق كان عند أبي حنيفة وقالا إذا طلب غرماء المفلس الحجر عليه حجر عليه القاضي وباع ماله إن امتنع من بيعه وقسم ماله بين الغرماء ومنعه من تصرف يضر بالغرماء كالإقرار وبيعه بأقل من قيمته لما روي أن { معاذا ركبه دين فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله وقسم ثمنه بين غرمائه بالحصص } ولأن في الحجر عليه نظرا للغرماء لئلا يلحقهم الضرر بالإقرار ، والتلجئة وهو أن يبيعه من إنسان عظيم القدر لا يمكن الانتزاع منه أو بالإقرار له ثم ينتفع به من جهته على ما كان ولأن البيع واجب عليه لإيفاء دينه ، فإذا امتنع ناب القاضي منابه ، وإن كان معسرا لا يؤجره ليقضي من أجرته دينه أو كانت امرأة لا يزوجها ليقضي دينها من مهرها وتحبس ليقضى الدين من مهرها أو بأي طريق كان ، والفتوى على قولهما ا هـ .

                                                                                        قال رحمه الله ( ولو ماله دراهم ودينه دراهم قضي بلا أمره ) وكذا إذا كان كلاهما دنانير ; لأن للدائن أن يأخذه بيده إذا ظفر بجنس حقه فكان القاضي معينا له قال رحمه الله ( ولو ماله دراهم وله دنانير أو بالعكس بيع من دينه ) وهذا بالإجماع أما عندهما فظاهر وأما عند الإمام فاستحسان به ، والقياس أن لا يجوز للقاضي بيعه لما ذكرنا أن هذا الطريق غير متعين لقضاء الدين فصار كالعروض . وجه الاستحسان أنهما يتحدان جنسا في الثمنية ، والمالية ولذا يضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة يختلفان في الصور حقيقة وحكما أما حقيقة فظاهر وأما حكما فلأنه لا يجري بينهما ربا الفضل لاختلافهما فبالنظر إلى الاتحاد يثبت للقاضي ولاية التصرف وبالنظر إلى الاختلاف يسكت عن الدائن فله الأخذ عملا بالشبهين .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية