( كتاب القسمة ) .
مناسبة القسمة بالشفعة من حيث إن كلا منهما من نتائج النصيب الشائع لما أن أقوى أسباب الشفعة الشركة فأحد الشريكين إذا أراد الافتراق مع بقاء ملكه طلب القسمة ومع عدم البقاء باع فوجب عنده الشفعة وقدم الشفعة لأن بقاء ما كان على ما كان أصل وهنا يحتاج إلى معرفة شرعية القسمة وتفسيرها وركنها وشرطها وحكمها وسببها ودليلها .
أما دليل المشروعية فهو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=28ونبئهم أن الماء قسمة بينهم } وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=155هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } ومن السنة ما روي أنه عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109679فتح خيبر وقسمها بين الغانمين } وعليه إجماع الأمة ، وأما تفسيرها لغة فهو عبارة عن الاقتسام كالقدرة للاقتدار والأسوة للاتساء ، وأما شرعا فسيذكرها
المؤلف .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=27150_15782ركنها فالفعل الذي يقع به الإقرار ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15853_15856شرطها فمتاع لا تتبدل منفعته بالقسمة ولا يفوت ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15861_15852حكمها فتعين نصيب كل واحد منهما من نصيب الآخر ملكا وانتفاعا
nindex.php?page=treesubj&link=25259، وسببها طلب كل واحد من الشريكين الانتفاع بنصيبه على الخصوص ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15852محاسنها أن أحد الشريكين يحصل له من صاحبه سوء الخلق وضيق الفطن وقوة الرأس وليس له مخرج من هذه الأمور إلا الركون إلى الاقتسام ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=15781_15861_27151صفتها فهي واجبة على الحاكم عند طلب بعض الشركاء قال رحمه الله : ( هي جمع نصيب شائع في معين ) هذا معناه شرعا لأن ما من جزء معين إلا وهو مشتمل على النصيبين فكان ما يقبضه كل واحد منهما نصفه قال رحمه الله : ( وتشتمل على الإفراز والمبادلة وهو الظاهر في المثلي فيأخذ حظه حال غيبة صاحبه وهي في غيره فلا يأخذ ) يعني : القسمة تشتمل على تمييز الحقوق والمبادلة ، والتمييز هو الظاهر من ذوات الأمثال حتى كان لأحد الشريكين أن يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه ، والمبادلة هي الظاهرة في غير المثلي كالثياب والعقار والحيوان حتى لا يأخذ نصيبه حال غيبة صاحبه ، وإن كان معنى الإفراز ظاهرا في المثلي لأن ما يأخذ كل واحد منهما مثل حقه صورة ومعنى فأمكن أن يجعل عين
[ ص: 168 ] حقه في القرض والصرف والسلم لأنه لو كان مبادلة لما صح في القرض قبض للافتراق قبل أحد العوضين ولا في الصرف والسلم لحرمة الاستبدال فيهما قال في النهاية : فإن قلت : ليس أن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا ذكر كتاب القسمة إذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=15861_25254_15849وصي الذمي مسلما ، وفي التركة خمور أنه يكره قسمتهما ولو كان الرجحان في هذه القسمة للإفراز ينبغي أن يجوز من غير كراهة فإن الذمي إذا وكل مسلما أن يقبض خمرا له جاز قبضها من غير كراهة . ،
قلت : ذكر
شمس الأئمة الحلواني إذا كان في التركة خمور لا يكره للوصي المسلم قسمتها لأن هذا إفراز محض ليس فيه شبهة المبادلة ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=15861_25254_15849تكره القسمة إذا كان مع الخمر الخنازير لأن القسمة حينئذ تكون مبادلة ، وغيره من المشايخ قالوا : لا بل يكره
nindex.php?page=treesubj&link=15861_15849قسمة الخمور وحدها لأن العمل بالشبهين في قسمة الخمور وحدها يمكن بإثبات الكراهة ، ومعنى الكراهة هنا هو ما بين الحلال المطلق والحرام المحض ، وإنما كان معنى المبادلة في غير المثلي أظهر للتفاوت فلا يمكن أن يجعل كأنه أخذ عين حقه لعدم المعادلة بينهما بيقين ولو
nindex.php?page=treesubj&link=15813_15804اشترى دارا فاقتسماها لا يبيع أحدهما نصيبه مرابحة بعد القسمة ولك أن تقول : إن القسمة لا تعرى عن معنى الإفراز والمبادلة في جميع الصور ، سواء كانت في ذوات الأمثال أو في غيره لأنها بالنظر إلى البعض إفراز وبالنظر إلى البعض الآخر مبادلة ، وإذا كان كذلك فغاية الأمر أن البعض الذي يأخذه كل منهما عوض مما في يد صاحبه وليس بمثل له بيقين فلم يتحقق معنى الإفراز فيه بالنظر إلى ذلك البعض فلا يلزم منه أن لا يتحقق الإفراز فيه بالنظر إلى البعض الآخر وهو كونه بعض حقه في الجملة فثبتت المساواة بين المبادلة والإفراز غير أن الظهور للمبادلة .
( كِتَابُ الْقِسْمَةِ ) .
مُنَاسَبَةُ الْقِسْمَةِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ نَتَائِجِ النَّصِيبِ الشَّائِعِ لِمَا أَنَّ أَقْوَى أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ الشَّرِكَةُ فَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ الِافْتِرَاقَ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَمَعَ عَدَمِ الْبَقَاءِ بَاعَ فَوَجَبَ عِنْدَهُ الشُّفْعَةُ وَقَدَّمَ الشُّفْعَةَ لِأَنَّ بَقَاءَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ أَصْلٌ وَهُنَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ شَرْعِيَّةِ الْقِسْمَةِ وَتَفْسِيرِهَا وَرُكْنِهَا وَشَرْطِهَا وَحُكْمِهَا وَسَبَبِهَا وَدَلِيلِهَا .
أَمَّا دَلِيلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَهُوَ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=28وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=155هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ } وَمِنْ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109679فَتَحَ خَيْبَرَ وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ } وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ ، وَأَمَّا تَفْسِيرُهَا لُغَةً فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِسَامِ كَالْقُدْرَةِ لِلِاقْتِدَارِ وَالْأُسْوَةِ لِلِاتِّسَاءِ ، وَأَمَّا شَرْعًا فَسَيَذْكُرُهَا
الْمُؤَلِّفُ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27150_15782رُكْنُهَا فَالْفِعْلُ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْإِقْرَارُ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15853_15856شَرْطُهَا فَمَتَاعٌ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا يَفُوتُ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15861_15852حُكْمُهَا فَتَعَيُّنُ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ مِلْكًا وَانْتِفَاعًا
nindex.php?page=treesubj&link=25259، وَسَبَبُهَا طَلَبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الِانْتِفَاعَ بِنَصِيبِهِ عَلَى الْخُصُوصِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15852مَحَاسِنُهَا أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ صَاحِبِهِ سُوءُ الْخُلُقِ وَضِيقُ الْفِطَنِ وَقُوَّةُ الرَّأْسِ وَلَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ إلَّا الرُّكُونَ إلَى الِاقْتِسَامِ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15781_15861_27151صِفَتُهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْحَاكِمِ عِنْدَ طَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( هِيَ جَمْعُ نَصِيبٍ شَائِعٍ فِي مُعَيَّنٍ ) هَذَا مَعْنَاهُ شَرْعًا لِأَنَّ مَا مِنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ إلَّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى النَّصِيبَيْنِ فَكَانَ مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَتَشْتَمِلُ عَلَى الْإِفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْمِثْلِيِّ فَيَأْخُذُ حَظَّهُ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَهِيَ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَأْخُذُ ) يَعْنِي : الْقِسْمَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ وَالْمُبَادَلَةِ ، وَالتَّمْيِيزُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ حَتَّى كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ ، وَالْمُبَادَلَةُ هِيَ الظَّاهِرَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ كَالثِّيَابِ وَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ حَتَّى لَا يَأْخُذَ نَصِيبَهُ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى الْإِفْرَازِ ظَاهِرًا فِي الْمِثْلِيِّ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلُ حَقِّهِ صُورَةً وَمَعْنًى فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ عَيْنَ
[ ص: 168 ] حَقِّهِ فِي الْقَرْضِ وَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَادَلَةً لَمَا صَحَّ فِي الْقَرْضِ قَبْضٌ لِلِافْتِرَاقِ قَبْلَ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَلَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ لِحُرْمَةِ الِاسْتِبْدَالِ فِيهِمَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ : فَإِنْ قُلْتَ : لَيْسَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدًا ذَكَرَ كِتَابَ الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=15861_25254_15849وَصِيُّ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا ، وَفِي التَّرِكَةِ خُمُورٌ أَنَّهُ يُكْرَهُ قِسْمَتُهُمَا وَلَوْ كَانَ الرُّجْحَانُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لِلْإِفْرَازِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ إذَا وَكَّلَ مُسْلِمًا أَنْ يَقْبِضَ خَمْرًا لَهُ جَازَ قَبْضُهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ . ،
قُلْتُ : ذَكَرَ
شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ خُمُورٌ لَا يُكْرَهُ لِلْوَصِيِّ الْمُسْلِمِ قِسْمَتُهَا لِأَنَّ هَذَا إفْرَازٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ الْمُبَادَلَةِ ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=15861_25254_15849تُكْرَهُ الْقِسْمَةُ إذَا كَانَ مَعَ الْخَمْرِ الْخَنَازِيرُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ مُبَادَلَةً ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ قَالُوا : لَا بَلْ يُكْرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=15861_15849قِسْمَةُ الْخُمُورِ وَحْدَهَا لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالشَّبَهَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْخُمُورِ وَحْدَهَا يُمْكِنُ بِإِثْبَاتِ الْكَرَاهَةِ ، وَمَعْنَى الْكَرَاهَةِ هُنَا هُوَ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ الْمُطْلَقِ وَالْحَرَامِ الْمَحْضِ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ أَظْهَرَ لِلتَّفَاوُتِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ كَأَنَّهُ أَخَذَ عَيْنَ حَقِّهِ لِعَدَمِ الْمُعَادَلَةِ بَيْنَهُمَا بِيَقِينٍ وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=15813_15804اشْتَرَى دَارًا فَاقْتَسَمَاهَا لَا يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مُرَابَحَةً بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَك أَنْ تَقُولَ : إنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُعَرَّى عَنْ مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَالْمُبَادَلَةِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهَا بِالنَّظَرِ إلَى الْبَعْضِ إفْرَازٌ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ مُبَادَلَةٌ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي يَأْخُذُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عِوَضٌ مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ بِمِثْلٍ لَهُ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَى الْإِفْرَازِ فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ الْإِفْرَازُ فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَعْضَ حَقِّهِ فِي الْجُمْلَةِ فَثَبَتَتْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ غَيْرَ أَنَّ الظُّهُورَ لِلْمُبَادَلَةِ .